تسعى جمعية «تيرو للفنون» و«مسرح اسطنبولي» بالتعاون مع مجموعة من الناشطين والمتطوعين إلى إعادة إحياء دور السينما في شارع الحمرا، أحد أبرز المعالم الثقافية في بيروت ولبنان. تأتي هذه المبادرة بعد سنوات من التراجع الذي شهده هذا الشارع العريق، الذي كان في الماضي مركزًا للحياة الثقافية والفنية، حيث احتضن دور نشر، مسارح، دور سينما، مقاهي ومطاعم كانت ملتقى للأدباء والمثقفين والسياسيين. فهل ينجح هذا المشروع الطموح في إعادة الحمرا إلى سابق مجده؟

إعادة الحياة إلى سينما “كوليزيه”

في خطوة جريئة، وقع الاختيار على سينما «كوليزيه» كمحطة جديدة في مشروع إحياء الفضاءات الثقافية في بيروت. تأسست هذه السينما عام 1945، وكانت شاهدة على العصر الذهبي للسينما والمسرح في لبنان، حيث عرضت فيها أبرز الأفلام العربية والعالمية. واليوم، وبعد عقود من الإقفال، يتم العمل على ترميمها وتحويلها إلى المسرح الوطني اللبناني، لتكون مساحة فنية وثقافية مفتوحة للجميع.

حدث ثقافي بمشاركة عالمية

تزامنًا مع إعادة افتتاح «كوليزيه»، سيتم إطلاق مهرجان بيروت المسرحي الدولي في أبريل المقبل، بمشاركة عربية وأجنبية، مما يعزز من أهمية هذه الخطوة في إحياء المشهد الثقافي اللبناني.

مشروع متكامل للحفاظ على التراث السينمائي

أكد الممثل والمخرج قاسم اسطنبولي، مؤسس المسرح الوطني اللبناني، أن إعادة تأهيل سينما «كوليزيه» تأتي ضمن مشروع أوسع للحفاظ على دور السينما القديمة باعتبارها جزءًا من الهوية الثقافية لبيروت. وأضاف أن هذه المبادرة ليست الأولى، فقد سبقتها مشاريع مشابهة مثل تأهيل سينما «الحمرا» وسينما «ستارز» في النبطية، وسينما «ريفولي» في صور التي تحولت إلى المسرح الوطني اللبناني، وهو أول مسرح وسينما مجانية في لبنان. كما تم تحويل سينما «أمبير» في طرابلس إلى فضاء ثقافي مماثل.

رؤية فنية تربط الجنوب بالشمال وبيروت

أوضح اسطنبولي أن الهدف من هذه المبادرات هو كسر الحواجز الجغرافية وربط المناطق اللبنانية عبر الفن، وإتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في الأنشطة الثقافية. وأشار إلى أن جهود المتطوعين كانت العنصر الأساسي في تحقيق هذا الحلم، مشددًا على أن الفن يجب أن يكون حقًا للجميع.

دور الجمعية في تنشيط المشهد الفني

منذ تأسيسها عام 2014، قادت جمعية «تيرو للفنون» مشاريع ثقافية عديدة، من إعادة تأهيل المساحات السينمائية إلى تنظيم ورش عمل فنية للأطفال والشباب، فضلًا عن إطلاق مهرجانات متنوعة مثل مهرجان لبنان المسرحي الدولي، مهرجان صور الموسيقي الدولي، مهرجان طرابلس المسرحي الدولي، وغيرها من الفعاليات التي ساهمت في نشر الثقافة والفنون في مختلف المناطق اللبنانية.

نحو مستقبل ثقافي واعد

تأتي إعادة افتتاح سينما «كوليزيه» كمؤشر إيجابي على إمكانية إعادة إحياء المشهد الثقافي في بيروت، رغم التحديات التي تواجهها البلاد. فهل يكون هذا المشروع بداية لنهضة جديدة تعيد لبيروت وهجها الثقافي؟