مجلة النجوم سيدني -خاص
حوار: أحمد عبدالفتاح – مايا إبراهيم
بقصصه الجميلة وأسلوبه المميز في الكلام، وتقمص الحياة القديمة بكل تفاصيلها من حيث الملابس، والأزياء، وطريقة الحديث، ومعايشته للواقع، يطل علينا الحكواتي “هشام درويش”، الذي يتمتع بقدرات فنية متعددة، فهو يقص لنا حكاية من الحكايات التراثية، ويرويها ويجسدها بأسلوبه معتمداً في ذلك على تعابير وجهه وحركات يديه وجسده كله، موظفاً في كل ذلك طبقات صوته الجهوري القوي، لجذب اهتمام الجمهور وإمتاعهم وادخال السرور على نفوسهم.
شارك “درويش” في العديد من المهرجانات كان آخرها المهرجان الدولي لفن الحكاية “بمراكش” في نسخته الثانية بمشاركة 87 حكواتي وحكواتيه من 30 دولة، ووصفه بأنه «أروع مهرجان شارك فيه لأنه يرسم الصورة التي نحلم بها لفن الحكايات»، في هذا الحوار نقف عند نبضه وعند تفاصيل نجاحه، ونسلط الضوء على بعض النقط من حياته.
-عرّفنا عن نفسك أكثر، ولماذا اخترت الحكواتي كمهنة ؟
”هشام درويش” أستاذ تنشيط ثقافي من تونس مسرحي مقدم ومعد برامج إذاعية وتلفزية في مجال الإعلام الثقافي مهتم بالبحث في التراث الشفوي التونسي والعربي.
تعتبر تجربتي في مجال فن الحكي حلقة هامة ضمن مشروع ثقافي فني حول تثمين التراث الشفوي من خلال الإعلام والإبداع.
-ماذا عن دور الحكواتي في الماضي والآن؟
تعتبر شخصية الحكواتي أو الفداوي كما نقول هنا في تونس، ومهما تختلف التسميات من الحكاء أو الراوي أو الڨوال فان الشخص واحد، ولما نعود به إلى زمن مضى فهو الرجل الوقور الحكيم الذي تشبع بحكايات القدامى والرحالة المغامرون يتولى نشرها وتقديمها فهو امتهن ذلك في الساحات العمومية أو المقاهي القديمة يكون فيها ركن خاص به مرتفع عن أرضية المقهى ليكون مكشوفا من قبل رواد المقهى وينطلق في سرد الحكايات بأسلوب خفيف ومشوق وبمرور العصور اصبح الحكواتي وفن الحكاية تعبيره فنية متجددة في فنون الفرجة الحية ولكل حكواتي أسلوبه وطريقته في السرد الفني ينقل العبر والقيم الكونية من خلال كل حكاية.
-ما هي رسالتك من الحكاية الشعبيّة ؟
رسالتي من خلال الحكاية الشعبية في تبيان أن تراثنا الحكائي الشفوي موحد وكوني من خلال كونية القيم والعبر التي تتضمنها الحكايات الشعبية، ورهاني في ذلك هو تحقيق المعادلة بين أصالة موروثنا الثقافي والتطور التكنولوجي.
-هل للحكاية الشعبية دور في إحياء التراث في العصر الحالي؟
يعتبر دور الحكاية الشعبية في إحياء التراث جوهري وأساسي، وهذا ما اشتغل عليه في تجربتي إذ إني اعتمد أسلوب الحكاية للتطرق إلى مواضيع تراثية سواء كانت عادات وتقاليد أو معالم ومواقع تاريخية أو شخصيات ثقافية وفنية وأعلام وطنية ودولية بطريقة مبسطة وسلسة ويبرز هنا دور الحكاية كأسلوب في إحياء التراث
-أي الفئات العمرية توجه إليهم الحكاية، ولماذا؟
عادة أتوجه بحكاياتي إلى الأطفال لأنني أريد أن أغرس فيهم القيم والعبر الكونية عن طريق الحكاية الشعبية ويتفاعلون معها لأن طفل اليوم هو رجل المستقبل.
-تعتبر مهنة الحكواتي قديمة، هشام درويش ماذا أضاف عليها وكيف طوّرها وحدّثها ؟
يعتبر فن الحكي من أقدم الفنون التعبيرية القائمة على السرد الفني كان منطلق خوضي لتجربة الحكواتي هو تأثري بالمرحوم الصحافي: “عبد العزيز العروي”، الحكواتي رقم (١) بتونس في التاريخ الحديث 1898/1971م، ومن خلال أسلوبه السردي الطريف والخفيف استلهمت منه الكثير في تقديمه للحكاية، ولكن بصمتي كانت تتمثل في تناول مواضيع راهنة للشخصية التونسية والطفل التونسي ومحاولة مني تطويع الحكاية الشعبية للدور التربوي والبيداغوجي.
-وماهي التحديات التي تواجه مهنة الحكواتي ؟
بالنسبة إلي عندما أتحدث عن الحكواتي لا أتحدث عن مهنة بقدر ما أتحدث عن تجربة فنية بالأساس؛ بل أقول مشروع ثقافي فني وعلمي حول دور الإعلام والإبداع في تثمين التراث الشفوي التونسي والعربي والعالمي، لذلك أرتأيت العودة إلى مقاعد الجامعة التونسية، وأنا الأن بصدد إعداد رسالة الماجستير في علوم التراث حول الحكاية، بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.
-نحن في عصر الإنترنت هل الحكاية الشعبيّة لاقت أصداءًا عند الأجيال الجديدة ؟
يمكن تلخيص الإجابة بأنه في تجربتي بمجال فن الحكي أن الحكاية اقتحمت التكنولوجيا؛ إذ إني حاولت من خلال مشاريع ثقافية، توظيف التكنولوجيا لتثمين الحكاية الشعبية وجعلها متاحة عبر المحامل الاتصالية الحديثة بكل أنواعها بذلك أقدم التراث الشفوي الحكائي في حلة مواكبة للعصر، تقرب ولا تنفر.
-مَن مِن المقرّبين منك تأثّر بالحكاية وتشعر أنّه ممكن يكمل الرسالة من بعدك بعد عمرٍ طويل إن شاء الله ؟
مدى خمس سنوات منذ انطلاقي في تجربة فن الحكي وأنا أحاول أن أطور تناولي للحكاية الشعبية بمختلف المقاربات وبمختلف المشاريع الفنية والثقافية إلى أن استقطبت عديد المتابعات والمتابعين لحكايات درويش وتكون لديهم غرام بفن الحكاية ومنهم من استلهم من تجربتي الشخصية طريقة في التدريس بتوظيف الحكاية مثل: أستاذة التعليم الإبتدائي، الآنسة فردوس بن مسعود، وغيرها ممن أحبو الحكاية الشعبية من خلال تجربتي، مثل: الحكواتيه الصاعدة، السيدة راضية نصرية، وحكواتيين صغار، مثل: لينا بن عبد الله، وهمس الزيادي، وأشرف العرفاوي، وغيرهم، وأظنهم خير أمناء للحكاية الشعبية.
-بزيارتك لـ لبنان كيف كانت هذه الزيارة، وكيف كانت أصداء الحكاية والحكواتي في أحياء طرابلس الشعبيّة؟
مشاركتي مشرفة جدا في الدورة الأخيرة من المهرجان الدولي للحكواتي بلبنان بدعوة من الفنان والأستاذ “قاسم اسطنبولي”، مدير المسرح الوطني اللبناني، حرصت فيها على التعريف بالثقافة التونسية من خلال الحكايات والأمثال الشعبية التونسية تبادلت فيها التجارب مع زملائي وزميلاتي الحكواتيه من البحرين وفلسطين ولبنان والجزائر واكتشفت سحر الأحياء التقليدية بمدينة طرابلس ومختلف معالمها.
-ما الذي يسعدك في هذه المهنة؟
أجدني في قمة السعادة وأنا أقدم حكايات درويش، وخاصة للأطفال إنهم سعداء وفرحين بالحكايات، ويقدمون التحيات الصادقة بعد العرض لأن الطفل لا ينافق ولا يجامل وبكل عفويته يقدم انطباعه وإعجابه.
-حدثنا عن موقف مع الجمهور لا تنساه؟
استحضر موقفاً جميلاً، وأنا بصدد تقديم عرض حكاية وعبرة في “دار الثقافة سجنان” تتوجه إلي طفلة الأربعة سنوات وتلمسني من سروالي من الأسفل وتطلب مني المصدح لتقول للأطفال صفقو طبعا بطريقتها الظريفة الحلوة فأحضرت لها كرسي بجانبي وأكملت معي العرض.
-أخيراً، ما هي الفعاليات التي قمت بالمشاركة بها، وما الهدف منها؟
بعد لبنان، كانت لدي مشاركة في المهرجان الدولي لفن الحكاية بمراكش، بعد أن تلقيت دعوة رسمية من قبل السيد “زهير خزناوي”، رئيس جمعية فن الحكاية والإبداع بمراكش، حيث يعتبر من ضمن أكبر المهرجانات الدولية في فن الحكي والسرد الفني، والذي شارك فيه قرابة ٨٧ حكواتي وحكواتيه من 30 دولة من كل القارات، وكانت مشاركتي ذات جانبين جانب فني من خلال عرض حكايات درويش، وجانب فكري من خلال تقديم محاضرة فكرية وفنية فرجويه حول دور الإعلام والإبداع في تثمين التراث الشفوي التونسي.
رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=18972