اعداد
خليل الحلي
يتكون جسم الانسان من بلايين بلايين الخلايا التي ما تحتوي كل منها على مادة وراثية تعطي للخلية وللجسم لها ككل صفاتهما التركيبية والوظيفية المميزة لهما، وتوجد المادة الوراثية او الحمض النووي DNA في خيوط في نواة علی الخلية هي الكروموسومات وتتكون هذه المادة من عدد كبير من الجينات المسؤولة عن الصفات التركيبية والوظيفية لجسم الانسان.
والمادة الوراثية تكون نفسها في مختلف انواع خلايا الجسم، وهي تبقى ثابتة طوال حياة الإنسان، فهي نفسها في الخلايا المبطنة لباطن الخد التي تسقط باستمرار مع اللعاب، وفي خلايا الجلد والشعر والعظام والأسنان وغيرها.
وقد أظهرت الدراسات أن 97% تقريبا من المادة الوراثية غير وظيفية، وان 3% فقط مسؤولة عن تكوين البروتينات اي تشكل الى 40 الف جين تقريبا المسؤولة عن تحديد مختلف صفات الانسان.
كما أظهرت الدراسات ان اكثر من 99٪ من المادة الوراثية هي نفسها عند جميع البشر وان الاختلاف بينهم هو في اقل من 1% من مجموع المادة الوراثية، وهذا الاختلاف هو الذي يستخدم في تحليل البصمة الوراثية للتمييز والتفريق بين الأشخاص.
القضايا الجنائية
لقد كان اول استخدام للمادة الوراثية في القضايا الجنائية في المملكة المتحدة على يد العالم اليك جفري عام 1985 ، وقد وضعت بعد ذلك انظمة عدة لتحليل البصمة الوراثية منها نظام PM1DQA الذي يمكن بواسطته کشف ستة مواقع على المادة الوراثية، ونظام STR المتبع في معظم الدول الأوروبية والأميركية.
ومن المعروف ان كل انسان يتصف بتركيب جيني خاص به، لا يتشابه بين الناس إلا في حالة التوائم المتماثلة وبالتالي يمكن من خلال المادة الوراثية المستخلصة من عينات صغيرة جدا من الدماء او اية مخلفات بيولوجية اخرى يكشف عن وجودها في مسرح الجريمة مثلا تحديد هوية الجاني، وذلك بمقارنة هذه العينات بعينات معروفة تؤخذ من مشتبه بهم لإثبات او نفي تواجدهم في مسرح الجريمة.
وكذلك الحال في الجرائم الجنسية كالاغتصاب واللواط والزنا وهتك العرض حيث يترك الجاني السائل المنوي وعند اخذ مسحة مهبلية وإجراء فحوصات البصمة الوراثية يمكن تحديد المشتبه به اذا كان هو الجاني ام انه بريء.
وفي حالة الجثث المتحللة والمشوهة والتي يصعب على أقارب المتوفي فيها معرفة فقيدهم بسبب التحلل الشديد فيمكن بواسطة البصمة الوراثية التعرف على هوية الجثة من خلال اخذ عينات من الجثة سواء كانت شعرا او اظافر او اسنان او قطعة من عظام المتوفي ومقارنتها بعينات تؤخذ من والدي المتوفي او من اخوانه. كذلك في حالة العثور على طفل لقيط فانه يمكن معرفة ابويه بواسطة البصمة الوراثية.
قضايا اثبات النسب
يبلغ عدد قضايا اثبات النسب حوالي 200 الف قضية سنويا في الولايات المتحدة الأميركية وقد لعبت تقنية البصمة الوراثية دورا بارزا في حل الكثير من هذه القضايا لتحديد الأب البيولوجی.
ومن الثوابت العلمية انه عند الاخصاب يتم التحام نصف المادة الوراثية من الأب «حيوان منوي» مع نصف المادة الوراثية من الام «بويضة» وتتشكل الخلية المخصبة «الزيجوت» والتي تحمل مزيجا من المادة الوراثية نصفها من الاب والنصف الآخر من الأم وبالتالي يمكن تحديد النسب عن طريق المادة الوراثية وفي الواقع فانه في معظم قضايا اثبات البنوة يتم تحديد هوية الاب فالأم غالبا ما تكون معروفة.
كيف يمكن معرفة الاب البيولوجي؟
يقصد بالأب البيولوجي هنا الاب الذي ساهم بنطفته الحيوان المنوي في تكوين المولود ولإجراء فحوصات البصمة الوراثية يتم اخذ عينة من دم او لعاب الاب والأم والطفل، وفي القضايا التي تكون الام معروفة يتم اولا تحديد الصفات المشتركة بين الطفل والأم، حيث يرث الطفل نصف الصفات الوراثية من أمه ومن ثم تتم عملية المقارنة بين باقي الصفات الوراثية التي يحملها الطفل وبين الأب المشتبه به، فإذا وجد ان الطفل يحمل بعض الصفات الوراثية وهي غير متواجدة عند الاب المشتبه به فيتم استبعاد الشخص كأب بيولوجي وهذه النتيجة تعتبر قطعية «اي انه ليس هو الاب البيولوجي الحقيقي» والتوصل الى هذه النتيجة مهم جدا حيث تقوم على اساس تبرئة ساحة المشتبه بهم ظلما او خطأ.
وفي حال عدم تمكن الخبير الفاحص من استبعاد الأب المشتبه به اي عندما تكون جميع الصفات الوراثية الموجودة لدى الطفل هي ايضا متواجدة عند الاب المشتبه به فيتم اجراء حسابات احصائية معروفة لهذا الغرض وتسمى حسابات مؤشر الأبوة Paternity Index وباستخدام أنظمة الفحص من نوع Identifiler يمكن وصول مؤشر الأبوة الى دقة تبلغ 99.999 بالمائة وهذه النسبة عمليا تعتبر قطعية.