الدكتور أمين جاد الله
فى عالم ملئ بالضغوط والاضطرابات ، بالمشاكل وعدم الاستقرار ، بالصراعات والعلاقات المتوترة ، بالقلق والخوف ، بالحروب والوباء ، يسيطر علينا الشعور بعدم الأمان وعدم الهدوء الداخلى ، والشعور بالتعاسة .
وسط هذا كله ، يبحث الجميع عن مخرج يمنحهم استقرارهم النفسى أو راحتهم ، فالراحة النفسية هي الشعور بالسكينة الداخلية والطمأنينة ، وهى دليل التوافق والتسامح تجاه الذات، إذ نحن في كثير من الأحيان نكون أشد انتقاداً لذواتنا ، ونميل إلى أن نلزم أنفسنا بمعايير أعلى فى سلوكياتنا وقيمنا. هذه الراحة النفسية تزيد من شعورنا بالسعادة الداخلية ، وتزيد من قدرتنا من التفاعل اليومى الإيجابى مع متغيرات الحياة ، وتساعدنا على التعامل النفسى والاجتماعى السليم مع الآخرين، إذ تلقائيا تعطى لصاحبها وجهاً بشوشاً ومرحاً. ومن لديه هذا السلام ، يشعر براحة البال وعدم الشعور بالخوف من عظيم الأمور، بل كل ما يحسه هو مشاعر السعادة والرضا.
فالراحة النفسية تُعبّر عن النفس المطمئنة بسلوكها الطبيعى، فتظهر في الاستجابات السليمة للإنسان مع نفسه ومع مجتمعه ، بجانب التفاعل الصحيح ، وردود الفعل السوية بطريقة سَلِسَة ومتناغمة. فماذا نعمل؟.
1- إننا نحتاج أن نتحرر من أى ضغوط تسرق فرحتنا ، ونعيد سلامنا من جديد . نحتاج أن نتحرر من قيود الخوف والقلق. نحتاح أن نتصالح مع أنفسنا أولاً، بأن نطلق من أعماقنا هذه القوة، وتلك الطاقة الإيجابية، وهذا السلام الداخلى. علينا أن نتقبل أننا بشر نصيب ونخطئ، فلا نجلد ذواتنا بهذه الأخطاء، ونعترف أننا طبيعيون، فلا داعى للتوتر والقلق، ولا مجال للخجل منها، ولا داعى للكبرياء بأننا لا نخطئ . إن السلام داخل كل واحد منا ، ولن نشعر به إلا إذا تصالحنا مع أنفسنا. فاعتذر إن أخطأت ، وسامح واعفو ولاتبغض إن أخطأ الآخرون ، ولا تكره أو تنتقم ، فهذه الأحاسيس تسلب منك طاقتك الإيجابية ، وتسرق فرحتك و سلامك الداخلى.
2- وإن تصالحنا مع ذاتنا وتقبلنا أخطاءنا، فإننا نصير أكثر قدرة على تقبل أخطاء الآخرين ، ومايعتريهم من نواقص ، ونستطيع بذلك أن نتغلب على آفة الإدانة أو الشماتة فيما يصيبهم، مما يدفعنا ويحركنا لمساعدتهم لتجاوز ما يعانونه أو يواجهونه.
3- علينا أن نقر بمحدودية قدراتنا ، وأن نرضى بها تماماً ، ونشكر الله عليها ، فلا نحاول تقليد الآخرين فى قدراتهم وإمكاناتهم وكفاءاتهم ، مما قد يمضى بنا إلى الفشل . ولا ننظر لما يمتلكون ، فهذا يجعلنا نعيش مشاعر الغيرة والحقد والتعاسة، ولنعرف أن الله الذى يدير الكون هو الذى يعطى ويمنع، وهو الذى يسمح أو لا يسمح، فتسليمنا أن أمورنا فى يده ، وأنه يعمل لخيرنا ، يغمرنا بالطمأنينة الكاملة ، وبسلام عجيب.
4- اعمل على تنمية قدراتك وتطويرها ، وعش لحظتك الحالية بكل حواسك ، كى تستمتع بها ، ولا تفكر فى ماضى مضى ، إلا لأخذ العبرة ، ولا بمستقبل لم يأتى ، وتعول همه ، بل ضعه فى يد من بيده الزمن .
5- دائما تذكر منابع الطاقات الإيجابية ، الحب والعطاء، التقبل والتسامح ، الشكر والامتنان، الإبتسامة والتفاؤل. فلا تعيش منتظراً الأخبار الحزينة أو السيئة، ولا تبحث عنها ، وتحيا فى خوف من المجهول، أو قلق من مصيبة قادمة ، بل ابتسم واشكر، وسامح واعطى.
6- حافظ على بساطة الأمور ، ولا تضخمها أو تفلسفها ، فمتعة الحياة فى سهولتها وبساطتها .
7- حب نفسك كما هى وقدرها ، وتمسك بمبادئك، وتخلى عن حب المظاهر والانبهار بها ، وكن دائما واثقاً فى خطوتك ، فواثق الخطوة يمشى ملكاً.
أخى .. أختى .. تصالحوا مع أنفسكم ، فتمتلؤا سلاماً .