على الرغم من التباطؤ النسبي في سوق الفن العالمي، أثبت معرض “آرت بازل” في سويسرا أنه لا يزال منارة لاكتشاف المواهب الجديدة والمؤثرة. من أبرز هؤلاء الفنانين، الرسامة اللبنانية الشابة جويس جمعة، التي حصدت جائزة شركة “بالواز” المرموقة تقديرًا لعمل فني مذهل ركز على أزمة الطاقة في لبنان. جسّدت جمعة ببراعة واقعًا معقدًا من خلال لغة بصرية جريئة، مما لفت الأنظار إلى عمق رؤيتها الفنية.

يعلّق قطاع المزادات آمالًا كبيرة على جيل جديد من هواة جمع الأعمال الفنية لاستعادة زخم السوق. فقد تأثر السوق بوضوح بالتوترات الاقتصادية والجيوسياسية، على الرغم من إبرام بعض الصفقات الكبرى في “آرت بازل”، وفقًا لوكالة “فرانس برس”.

وشهد المعرض الذي اختُتم مساء الأحد، مبيعات ملحوظة. على سبيل المثال، باع معرض “آنلي جودا فاين آرتس” لوحة للرسام البريطاني ديفيد هوكني بسعر يتراوح بين 13 و17 مليون دولار، دون الكشف عن السعر الدقيق. كما باع معرض “ديفيد زويرنر” منحوتة للفنانة روث أساوا مقابل 9.5 مليون دولار، ولوحة للفنان الألماني غيرهارد ريختر بسعر 6.8 مليون دولار.

تباطؤ السوق الفنية وتوقعات الخبراء

ومع ذلك، لم تبلغ الأسعار المستويات القياسية التي تحققت في عام 2022، عندما شهد السوق ازدهارًا غير مسبوق. ففي ذلك العام، بيعت منحوتة للفنانة الفرنسية-الأمريكية لويز بورجوا بمبلغ 40 مليون دولار.

في مقابلة مع وكالة فرانس برس، صرح المدير العام لمعرض “آرت بازل”، نواه هوروفيتز، بأن “السوق أصبح أكثر اعتدالًا”، مشيرًا إلى أن المبيعات الكبيرة لا تزال تحدث في المعرض “على الرغم من التعقيدات الكبيرة لما يحدث حاليًا في العالم”.

وفقًا لتقرير أعدته “آرتس إيكونوميكس” ومصرف “يو بي إس”، شهد سوق الفن تباطؤًا في عام 2023، ثم انخفضت إيراداته بنسبة 12% عالميًا في عام 2024، لتصل إلى 57.5 مليار دولار حسب تقديراتهما. وقد أثر هذا التراجع بشكل خاص على الأعمال التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار.

لا أفق للتغيير في المدى القريب

من جانبه، يقول المتخصص في سوق الفن لدى شركة “أكسا إكس إل” للتأمين، هانس لاينن: “لا أرى أي تغيير في الأفق خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة.” وفي ظل الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية التي تفاقمت بسبب التوترات بين إسرائيل وإيران، “يتجه المستثمرون بقوة نحو الذهب”، بحسب لاينن.

ويضيف أن السلوك في قطاع الفن “أكثر تحفظًا” سواء بين المشترين أو البائعين الذين يفضلون الانتظار قبل طرح الأعمال في السوق في ظل هذه الأوضاع المضطربة.

ويؤكد لاينن لوكالة فرانس برس أن “المجموعات الفنية لا تزال مستقرة، بل وتنمو” من حيث مبالغ التأمين. وأشار إلى أن “عدد الصفقات في ازدياد”، ولكن في “فئات الأسعار المنخفضة”.

وفقًا لشركة “هيسكوكس” للتأمين، ارتفع عدد القطع المباعة بأقل من 50 ألف دولار أمريكي بنسبة 20% في دور المزادات عام 2024، على الرغم من الانخفاض الحاد في الأعمال الفنية باهظة الثمن، مما يشير إلى تغير في سلوك هواة جمع الأعمال الفنية نحو الشراء بأسعار معقولة.