مع اقتراب استئناف الموسم الكروي، تكثر التساؤلات حول تأثير العدوان الإسرائيلي الأخير على كرة القدم اللبنانية وكيف أثّر هذا العدوان على الفرق المحلية. ومع ذلك، يظل الواقع أن كرة القدم في لبنان كانت، ولا تزال، رمزًا للصمود والنهوض بعد كل حرب مرّت بها البلاد منذ السبعينيات.

في 13 نيسان 1975، اندلعت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية، حيث أصابت رصاصات الحرب “بوسطة عين الرمانة”، التي أصبحت صورة رمزية لكل اللبنانيين عند تذكرهم ذلك اليوم المشؤوم. ورغم أن الزجاج الأمامي للبوسطة اخترقته الرصاصات، بقيت ملصقات شعار نادي النجمة سليمة، وهو نادي كان قد توج بطلاً للدوري اللبناني للمرة الثانية في ذلك العام بعد فوزه الأول في 1973.

منذ تلك اللحظة، دخلت كرة القدم في لبنان في مرحلة صعبة، حيث عانت من رصاص الحروب التي أصابت الأندية والمنتخبات واللاعبين على حد سواء. في تلك الفترة، كان لا يمكن الحديث عن اللاعبين دون إضافة كلمة “نجم” إلى أسمائهم، فقد كانت المواهب تتدفق وتثير اهتمام الأندية العربية والأوروبية التي كانت تسعى لتجنيس اللاعبين المميزين.

لكن الحرب الأهلية قضت على أحلام جيل كامل من اللاعبين الذين توزعوا بين الأندية، وأصبحوا ينافسون بعضهم البعض على الألقاب المحلية. أسماء مثل حسن عبود، وحسن شاتيلا، ومحمد حاطوم (النجمة)، وإبراهيم الدهيني، وعدنان بليق (الأنصار)، وغيرهم من اللاعبين الذين كانوا قادرين على رفع اسم لبنان على أكبر المحافل الدولية، تعرضوا لضربة كبيرة بسبب الصراع الذي عصف بالبلاد.

كانت كرة القدم في لبنان في تلك الفترة تحقق نتائج متميزة في البطولات الإقليمية والعالمية، حيث فاز نادي الأنصار على فرق كبيرة مثل باستيا الفرنسي والهلال السعودي. ولكن الحرب أوقفت هذه الإنجازات وأدت إلى انقسام الدوري اللبناني إلى بطولتين بين “الشرقية” و”الغربية”، مما أثر بشكل كبير على تطور اللعبة وأدى إلى ضعف المنافسة على المستوى المحلي.

اليوم، ومع العودة المنتظرة للنشاط الكروي، يظل الشغف كبيرًا لكن من الواضح أن كرة القدم اللبنانية لم تكن دون خسائر. فقد فقدت العديد من اللاعبين والإداريين، وهاجر العديد من الأجانب، بينما غادرت بعض الأندية ساحة المنافسة بسبب تراجع دعمها المالي. كما أن العديد من اللاعبين المحليين قرروا البحث عن فرص خارج لبنان لضمان مستقبل أفضل بعيدًا عن الأوضاع المتقلبة في وطنهم.

ومع ذلك، لا يمكن إغفال الأمل والإصرار الذي يعكسه المجتمع الرياضي اللبناني. بعد كل حرب وصراع، لا تتوانى كرة القدم عن العودة من جديد، لتجمع اللبنانيين على المدرجات وتنقلهم إلى فضاء الأمل، بعيدًا عن كل الآلام. فهي اللعبة التي لا تموت، والتي تقاوم كل التحديات والأزمات، وتظل دائمًا مصدرًا للفخر والفرح، مؤمنةً بأن لبنان سيظل أرضًا للبطولات والمواهب.