بقلم/ رئيس التحرير
وديع شامخ
علم الكيمياء يزعم ان الذرة لها نواة وحولها مدارات تتقافز منها الالكترونات وفقا لطاقتها وحيويتها في الانتقال من مدار الى اخر صعودا أو هبوطا، « فالإلكترون الذي يريد أن ينتقل من مستوى الطاقة الأول إلى مستوى الطاقة الثاني، مستوى الطاقة الثاني طاقته أعلى من الأول، لذلك لكي ينتقل الإلكترون فإنه يحتاج اكتساب الطاقة، لكي ينتقل لابد أن يكتسب طاقة اضافية عن طريق امتصاص الضوء، ولكن إذا أراد الإلكترون أن ينتقل من مستوى أعلى لمستوى أقل، فيجب أن يفقد الطاقة عن طريق انبعاث الضوء، الذرة تمتص أو تبعث الضوء على هيئة حزمات منفصلة تُسمى الفوتونات، وكل فوتون له طاقة محددة تمكنه أن يُمتَص أو أن يَنبَعِث عندما ينتقل الإلكترون بين مستويين الطاقة الأول والثاني»
ولاني غير متخصص في علم الكيمياء وهذه المعلومة تعد تقديما لما اريد الخوض به حول مدارات الكائن طالما ان البشر يحملون مكونات الذرة والتعريف الكيمياوي للمادة» هي كل شيء يشغل حيزا في الفراغ وله ثقل «، وأظن ان الانسان مشمول بهذا التعريف بشقه المادي.
فللانسان حيز في الفراغ وفقا للمجتمع الذي يعيش به ، وله ثقل يقرره وفقا لدوره في هذا الحيز المتاح له
………………………………..
وللإنسان ايضا مداراته الروحية – المعنوية ، التي لا تقع ضمن حاضنة المادة الصرف مع عدم الانفصال بين المدارات بشكل تام .
فلو انسقنا الى التقسم الثلاثي للإنسان فسنجده محكوما بثلاثية « جسد، روح ونفس « وربما تختصر الى « جسد وروح « وحتى تصل الى الغاء الروح تماما ليكون الانسان « جسديا او عقليا محضا «.
هذه الطروحات في مدارات الانسان تحمل في ذراتها الفكرية الخفية حزمة من الطاقة التي تمنح الكائن قدرته الى السمو أو الانحدار ، واذا ما كانت الكيمياء قد رصدت محتبريا انتقالات الالكترون صعودا وهبوطا وفقا مبدأ اكتساب الطاقة وفقدانها ، فسوف نستطيع فهم جدلية الكائن في سلّم السمو والانحدار عبر آليات تتضمن كل التعريفات التي ادرجت للكائن البشري بوصفه فاعلا عاقلا في الاقتراحات الثلاث التي ذكرناها .
………………………………..
فالانسان الذي يحمل ثلاثية الروح والنفس والجسد سوف يكون له قيمه ومعاييره في تصفح هذه الثلاثية وفقا لمفهومه في السمو الانحطاط ، وكذا من يحمل « روحا وجسدا « الانسان هنا خاضع الى مجموعة من القيم الروحية المنبعثة من شرائع وقوانين ومعايير تغلب دائما العروج الى مصافٍ الروح نحن سماوات عليائها وصفائها ، ويكون الانتقال بمعنى الارتقاء وفقا لامتصاص الطاقة الروحية وتهذيب الحواس والجسد على ان يكون مطية لحملها « اذا كانت النفوس كبيرة تعبت من حملها الاجسام « ، لكن القفز الى مدارات الروح والنفس يحمل التباسه القيمي المعياري ايضا .
………………………………..
كيف إذن نخرج من خانق الكيمياء العلمي الصرف والبعد الروحي في قدرة الانسان ومداراته ؟
لا توجد اجابة سحرية ولا مفاهيم مختبرية لرسم خارطة طريق موحدة لسمو الكائن او انحطاطه ، فهناك عامل خفي يكمن في داخل الانسان ذاته ، يكمن في قدرته على امتصاص الطاقة أو فقدها .
وهذا العامل الخفي يلبس اقنعته ايضا ليشير الى حفلات التنكر الروحية والنفسية والجسدية معا ، وربما يهلك العاقل بعقله ومداره دون ان يفلح في بلوغ خط الشروع لسير مع المجتمع والعالم .
………………………………..
بين الانحطاط والسمو خيوط هلامية داخل الانسان ولكنها تصبح اغلالا وسجونا وزنازين ومقاصل حين تكون المدارات مكبلّة بالوصايا الأحادية ، والافكار الملوثة بنشوة التصفية للآخر .
«مالي وللناس لِمْ يلحونني سفَهاً
ديني لنفسي ودينُ الناسِ للناسِ
« ،الحسين بن منصور الحلاّج
لا مدارات للكائن الموبوء بأصفاده ، ولا ضوء لكهوف روحه ، لأن السمو يحتاج الى روح اسفنجية لامتصاص الضوء بكل معانيه ، والانحطاط الى النفق يقتضي الانتفاخ المزمن بالخواء .