تعيش العديد من العائلات في نيو ساوث ويلز حالة من الحزن واليأس نتيجة ما يصفونه بأزمة خانقة تضرب نظام الصحة النفسية العام في الولاية. ففي ظل انعدام الدعم الكافي، وجد أحباؤهم أنفسهم عالقين في منطقة رمادية تُعرف بـ”المفقودين في المنتصف”، وهم الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية معقدة لا يستطيع الأطباء العامون التعامل معها، وفي الوقت ذاته لا يُصنفون على أنهم بحاجة إلى دخول المستشفى.

فجوة خطيرة في الرعاية

غياب الرعاية المجتمعية الكافية لهؤلاء المرضى يؤدي في كثير من الأحيان إلى تدهور حالتهم النفسية حتى تصل إلى مراحل حرجة قد تهدد حياتهم، ما يضطرهم في النهاية إلى التوجه إلى أقسام الطوارئ أو محاولة الانتحار.

الدكتورة سوزي غوديسون، الطبيبة النفسية السابقة في مستشفى “رويال برنس ألفريد” — أكبر مستشفى في سيدني — أكدت أن الموارد المحدودة أجبرت الأطباء على اتخاذ قرارات صعبة، مثل رفض استقبال مرضى أو إخراجهم قبل أن يكون ذلك آمنًا لهم.

وقالت: “شاهدت مرارًا حالات لمرضى تم إخراجهم مبكرًا من المستشفى، ليعودوا لاحقًا بعد محاولات انتحار جديدة.”

شهادات مفجعة من الأهالي

برنامج “Four Corners” التابع لـABC تلقى عشرات الرسائل من أشخاص شاركوا تجاربهم مع نظام الصحة النفسية في الولاية. معظمهم أكدوا أن أبناءهم أو أحبّاءهم تم رفض استقبالهم أو إخراجهم من المستشفى في توقيت حساس، ما تسبب في انتكاسات خطيرة.

أحد الآباء روى أن ابنته، التي عانت من عدة محاولات انتحار، تم إخراجها من المستشفى في كل مرة بعد ساعات طويلة من الانتظار في الطوارئ، دون خطة متابعة أو إحالة لأي جهة علاجية.

وقال: “في المرة الأخيرة، عادت ابنتي إلى المنزل وحاولت الانتحار فورًا. كانت محطّمة لأنها تعرف أنها بحاجة إلى رعاية عاجلة لكنها لن تحصل عليها.”

الضغط على الأطباء العامين وارتفاع تكاليف العلاج الخاص

بسبب عجز النظام العام، وجد الأطباء العامون أنفسهم مضطرين للقيام بدور الأطباء النفسيين، رغم عدم توفر التدريب أو الموارد اللازمة لذلك. هذا بالإضافة إلى عدم تجاوب الأطباء النفسيين في القطاعين العام والخاص، أو رفضهم استقبال حالات جديدة.

تكاليف العلاج في العيادات النفسية الخاصة تزيد عن 1,000 دولار يوميًا، ولا تغطيها شركات التأمين إلا ضمن باقات تأمينية باهظة، مما يجعل هذا الخيار بعيد المنال لغالبية المرضى.

نظام منهك ومرضى بلا أمل

تكشف هذه الأزمة عن ضعف هيكلي عميق في نظام الصحة النفسية بنيو ساوث ويلز، حيث يُترك المرضى الذين هم في أمس الحاجة للرعاية دون دعم، بينما تُحبط العائلات العاجزة عن إيجاد حلول. وفي ظل تزايد هذه الحالات، باتت الحاجة إلى إصلاح شامل وعاجل ضرورة لا تحتمل التأجيل.