مجلة النجوم – سيدني.

بقلم أحمد سعد

هذه هي المرحلة التي يحدث فيها معظم حالات الطلاق والتعدد والخيانة الزوجية، وهي فترة التقلبات العاطفية التي تصيب كثيرا من الناس من نهاية الثلاثينيات إلى منتصف الخمسينيات.

الرجل يبدأ في الشعور أنه قد كبُر والعمر جرى وباغته بمروره، ولم يحقق ما كان يحلم به صغيرًا، ويُصدم بحقيقة إنه قد شاب شعره ولم يعد “شابا” كما كان يرى نفسه.

بدأ أولاد الثانوي يقولون له “عمو” و”البنات الحلوين” يعاملونه مثل أبوهم، وليس فتى أحلامهم، زوجته بدأت تتحول لنسخة من أمه، عمله تحول إلى روتين.

أصحابه وهواياته نسيهم في زحمة الحياة، أولاده يكبرون أمام عينه، كل هذه التحولات الكبيرة يفاجأ بها فيبدأ محاولة أن “يلحق” ما فاته بسرعة ويسترجع شبابه بكل وسيلة في حالة من الدفاع عن النفس ضد الشيخوخة.

ومن أعراض أزمة منتصف العمر اكتئاب نابع من الهزة النفسية التي تحدث، يميل الرجل فيها للعزلة، وهو دائم التعب، عصبي لا يشعر بالفرح، شارد مضطرب الأفكار، قلق غير مستمتع بشيء.

هذا هو الوقت الذي يصبح فيه الرجل صيدا سهلا لأي امرأة تريد أن تتسلى أو تحصل على أمواله، وهنا يتحول إلى مراهق، يصاحب ويحب في السر ويسهر ويحلم ويسمع أغاني رومانسية مثلما كان في الجامعة، يبدأ في الاهتمام بشكله ووزنه ومظهره، ولو كان مقتدرا ماديًا يذهب لأطباء التجميل ، يُصلح أسنانه، يشد وجهه، ويزرع شعره، يشتري ملابس شبابية ويقلل من اللبس الرسمي، يبدأ يشعر أن عائلته “عبئا” عليه لأنهم يمنعونه من أن ينطلق، فيصبح سهلا عليه تحت التأثير العاطفي أن يتخلى عنهم لتحقيق ما يريده “يشوف نفسه”.

قرارات الشخص الراشد العاقل تبدأ ترجع مرة أخرى، قرارات متمردة، عشوائية، هوجاء كأنه ابن السادسة عشرة، يبدأ في ممارسة عادات سيئة مثل الشرب أو السجائر وغيرها. يبدأ يفكر في الانفصال عن زوجته لكي يتحرر من الروتين والمسؤوليات و”يعيش حياته”، ويدخل في علاقات سرية.

والطامة في ذلك أن هذه الحالة لا تستمر كثيرًا، فجأة يفوق لنفسه كأنه كان يحلم، ويحاول يُرجع كل شيء مثلما كان (القصة التقليدية المعروفة الرجل الذي يحب على زوجته ثم يشعر بالزهق أو يفشل ويرجع لها مرة أخرى).

وعندما يعود لصوابه، يفاجأ بحجم الدمار الذي حدث، هَدم بيته، وفقد أسرته وتغيرت مشاعر أولاده تجاهه، فقد وضعه الاجتماعي ومكانته بين الناس. وإصلاح ذلك يحتاج إلى مجهود جبار ومضن، ولن يتم الإصلاح الكامل، وستظل العلاقة بها شروخ في الصورة الذهنية عن هذا المراهق الكهل الذي أضحك الناس عليه وعلى أسرته.

كيف نتفادى هذه المأساة؟

المساندة الواعية هي الحل، مطلوب أن نعرف أن هذا الأمر يحدث لعدد ليس قليلا من الناس بدرجات متفاوتة تبعًا لقدرتهم على المقاومة، وأن الشخص الذي يتصرف هكذا يمر بمشكلة نفسية معروفة ولها حلول، لابد أن نقرأ في هذا الموضوع ونستشير متخصصين ونتعلم كيف نتعامل.

ويتحتم على من يجد مشاعره تأخذه في طريق، لا يرضي ربنا، أن يفوق لنفسه بسرعة ويستعين بالله وبمن يثق فيهم ليعبر مرحلة “المراهقة المتأخرة” هذه بسلام مثلما تجاوز مرحلة مراهقته الأولى.

استمتعوا بحياتكم مبكرًا، لا تؤجلوا السعادة لأي سبب لأن اليوم الذي ينتهي لا يعود مرة أخرى، السعادة لا تدخر لكي تعيشونها بعد ما يفوت وقتها، اهتموا بصحتكم وأكلكم وحياتكم الاجتماعية والدينية، استرخوا واضحكوا ورفهوا عن نفسكم، قربوا من أسركم وشاركوهم ذكريات جميلة تنقذكم في وقت الكرب أو الشك أو الشعور بالإحباط والوحدة، كل هذه أمور تنفس الضغط باستمرار بدل من أن يُخزن وينفجر فجأة في كل المحيطين.

السعادة الدائمة والمعيشة الهانئة للجميع.

نقلاً عن الجزيرة نت

رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=21639