كانبرا -اشواق شلال الجابر 

  يشتهر المطبخ العربي بأكلات شهية ومشهورة، وتعمل ست البيت على اعدادها وتحضيرها وطبخها لاسيما في الاعياد والمناسبات الاجتماعية ، لما تحتوي من فوائد وسعرات حرارية ، ولكن ونحن نأكل هذه الاكلات وسنتذوق طعمها اللذيد  ، وفي هذه الجولة نحاول ان نقلب في اوراق  التاريخ لنتعرف على  هذه  الاكلات  التي ارتبطت  بذاكرة  سكان المنطقة وتراثها، حيث ورثها السكان على امتداد الأجيال، وحافظوا على شكلها وطريقة إعدادها وطبخها، وهذا ما يجعل السر في مذاقها  ومن هذه الاكلات                                                  

المقلوبة

تشير مصادر التاريخ الى ان تسمية أكلة  المقلوبة  استخدمت في عهد القائد صلاح الدين الايوبي فبعد  ان تم  فتح مدينة القدس ،  قدم اهل المدينة اكلة اسمها الباذنجانية  ، ولكن  بعد الانتصار العظيم وفتح باب بيت المقدس ، لكن الاكلة سرت عيون القائد الايوبي عندما قلبت بأواني كبيرة احبها السلطان فاسمها المقلوبة ،  وبدا اهل فلسطين والشام والعراق  والعراقيين بطبخها وقلبها في ( صواني ) كبيرة وتتكون  المقلوبة من لحم او دجاج مع بطاطا وباذنجان مع طماطم وفلفل اخضر وبصل ورز، أما  طريقه العمل فيقلى المكونات على حدا ويسلق اللحم او الدجاج وبعدها يوضع بالقدر على نار هادئة ويفضل يشوى الدجاج ويوضع تحتها في داخل القدر .

البقلاوة

تعد البقلاوة من أشهر الحلويات الموجودة في العديد من المطابخ العربية والآسيوية  والتركية وبلاد المغرب العربي ، تصنع البقلاوة من رقائق عجينة خاصة وتحشى بالجوز او الفستق الحلبي ويتم تحليتها بالقطر او العسل  وكلمه بقلاوة مشتقه من اللغة  التركية ، وتستخدم في كثير من اللغات مع اختلاف طفيف باللفظ والكتابة  وقد دخلت الى  اللغة الإنكليزية  سنه 1650 بتسميتها المشتقة من اصلها التركي  ولكن بحسب بعض القواميس فان كلمة البقلاوة جاءت من كلمه بقوليات بسبب استخدام  الفول السوداني بصنع هذه الحلوة .

الكنافة

تعددت الروايات حول بداية ظهور الكنافة , فقيل إن صانعي الحلويات في الشام  في عصر الدولة الاموية  هم من اخترعوها وابتكروها هي والقطائف ايضا حينما كان واليا على الشام ، ويقال ان احد الخلفاء الامويين كان يحب الاكل خلال شهر رمضان   فشكا إلى طبيبه ما يلقاه من جوع في الصيام , فوصف له الطبيب الكنافة التي كان يتناولها في فترة السحور كأكله سحور لتمنع عنه الجوع في النهار واصبحت طعام الأغنياء والفقراء , ولقد تغني بها شعراء بنى اميه في قصائدهم ويقال إن ابن الرومي كان معروفا بعشقه للكنافة والقطايف وتغنى بها  في قصائده .

ولهذا  نجد أن اهل الشام يعدون من ابرع المختصين بصنع الكنافة كما قيل إن تاريخ الكنافة يعود إلى المماليك وقبل إن اصل الكنافة يرجع إلى العصر الفاطمي , وقد عرفها المصريون قبل اهل بلاد  الشام وذلك عند دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي القاهرة حيث كان هناك في شهر رمضان فخرج الأهالي لاستقباله بعد الإفطار ويتسارعون في تقديم الهدايا له ومن بين ما قدموه الكنافة على أنها مظهر من مظاهر التكريم , ثم إنها انتقلت بعد ذلك إلى بلاد الشام عن طريق التجار وهناك ابتدع صانعو الحلويات بالشام طرقا اخرى لصناعة الكنافة غير التي تفنن بها المصريون فأضافوا لها الجبن خاصه النابلسية التي تشتهر بها مدينة نابلس وكذلك اضافوا لها الفستق وقاموا بالتفنن في صناعتها بطرق مختلفة

وتقول بعض الروايات التاريخية  الى ان اصول الكنافة تعود إلى عهد الأتراك الذين حكموا نابلس قبل مئات السنين وقد تطورت الكنافة الاسطنبولية في نابلس فيما بعد وأنتج منها أصناف كثيره اشهرها الكنافة الناعمة التي تميزت بها نابلس لجودة الجبنة النابلسية التي تعتبر المكون الرئيس للكنافة  ، ولهذا اشتهر إشهار اهل نابلس بالكنافة  ذات الجودة العالية والسبب في ذلك هو الجبنة الحلوة  التي  تعتبر روح الكنافة  اذا تحشى العجينة بالجبنة ويضاف إليها  السمن والسكر والفستق الحلبي وشيئا فشيئا تطورت أشكال الكنافة فمنها الخشنة والناعمة والأصابع والإسطنبولية.

القطايف

تعد القطايف من اشهر الحلويات العربية الشعبية التقليدية في شهر رمضان المبارك فهي تعتبر من طقوس  هذا الشهر الفضيل ويتم تناولها  بعد وجبه الإفطار وعلى السحور كذلك وهي من الحلويات المحببة والمميزة وهي عباره عن فطيره مكّونه من عجينة سائله يتم تناولها محشوة بالمكسرات او القشطة أو الجبنة ويتم تحميرها أو قليها ويمكن تناولها نيئة ، فهي في جميع حالاتها لذيذة وشهية ، لم يعرف الأصل بعد في تحضير القطايف فبعض الروايات تقول أنها تعود للعصر العباسّي ومنهم من يقول في العصر الأموي والدمشقي ويقال ان اول من تناول القطايف هو الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك سنه (98هجري ) في شهر رمضان وهناك العديد من الروايات حول تسمية القطايف بهذا الاسم ـ حيث إن الطهاة كانوا يتنافسون في تحضير انواع الحلويّات في الشهر الفضيل ، وكانت فطيرة القطائف من ضمن هذه الحلويات ـ وتم تحضيرها بشكل جميل ومزينه بالمكسرات وتقدم  بطبق كبير وكان الضيوف يقطفونها بشدة للذتها لذا اطلق عليها هذا الاسم.

المنسف

للمنسف الأردني قصة تعرفت عليها خلال وجودي في العاصمة الأردنية عمان ، فعندما كنا احضر دعوات صديقاتي من  الاردنيات والفلسطينيات  كانت وجبتهم المفضلة المنسف ، والمنسف  يمثل قمة الكرم الأردني لضيفهم .  وسأروي لكم الحكاية عبر هذه السطور

المنسف كان اكلة معروفة في مملكة مؤاب ، التي نشأت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد في المنطقة الواقعة شرق البحر الميت و امتدت من التلال الواقعة شمال وادي الموجب شمالاً وحتى وادي الحسا جنوباً وكان مركز المملكة  في مدينة الكرك  فبعد ان انتصر سكانها على اليهود ، قام ملكها ميشع  بتقديم  اطباق من المنسف  تحتوي على لبن الجميد وهو حليب ناشف  ومن مكوناته ايضاً اللحم الغنم مع الرز والصنوبر واللوز المحمص. وكان  اليهود لاياكلون (اللبن المطبوخ مع اللحم ) فلهذا امر الملك المؤابي بطبخا مع اللبن من اجل ان ينسف كل العهود والمواثيق مع اليهود الذين غدروا به ، وهكذا بدا   يطهي اللحم مع اللبن في كل مملكته التي كان يديرها من مقر حكمه  في مدينة  الكرك التي تبعد نحو 120 كم من العاصمة عمان .