مجلة النجوم سيدني – إن الأطفال هم نصفُ الحاضر وكل المستقبل الواعد..
بقلم الكاتبة لونا قصير

سأخبركَ بما يحصل في وطني: في أزقةِ الفقراء، وبلاد الحرب، يسيطرُ هدوء شبحِ الموت، بعد أن قُصفت بكل أنواعْ القذائف، هنا الأطفال يجلِسون على قارعة الطريق، يأكلون من فُتاتٍ يُشبه الخبز اليابس، شِبه عارين، وجوههم سوداءْ من تفحُم ما حولَهم.
رأيتُ تلكَ الطفلةَ يومَها، شعرُها المنسدِل على وجهها، وعيناهَا تترقب كل حركة. فجأةً هبت ريحٌ وتدحرجت دمية متكسّرة، ركَضتْ وحضنتهَا، وكأنها تحتضنُ”دنيا” لا تشبه دميتها، دنيا من حقِها أن تعيشها بسلام.
فجأة سمعتْ خطواتٍ بطيئة، اختبأتْ خوفاً من ذلك الزائر المتطفل بلباسِه الأنيق. كيف يجرؤ أن يطأَ أرضا وأزقةً لا تُشبهه.  أطلت برأسها ودموعها تنهَمر، صرختْ قائلةً: ” أخرجْ من هنا ” واختفتْ بين الأنقاضْ، تُفتشُ من جديدٍ عن أهلِها، ودويُ صوت انفجار، أطاحهها وأطاح دنياها..
أمامَ هذا الكم من الحقدْ، أصبحَ الوطنُ في مهبِ الريح، يحتاج إلى مواطنٍ لا يُشبهُ هذه الكراهية المتفشية، ليحتَضِنَه ويُخلِصَه من الإحتضار..
لا نريدُ أن يكونَ مصير أبنائنا وأطفالنا كمصيرِ تلك الطفلة. أتكلم عن واقعٍ يحصَل كل يوم، وأتساءل: ما هو مستقبل البشرية؟ أطفالُنا همُ الحياة، هم الإستمرارية، فكيف هو حالُنا وما هو مصيرُ أوطاننا؟
نتحدث عن حقوق الطفل، لكن هل هذا الحق مكتسبٌ لدى جميع الأطفال؟ لا شك أن المجتمعاتْ تتحركْ لكن ضِمنَ إطارٍ ضيق، فالمسؤوليةُ كبيرة جدًا وتحتاج إلى تحرُكاتٍ سريعة لكي تحمي جميع الأطفال، فهي بالرغم من الجهود التي تبذُلُها لحماية حقوق الطفل، يبقى هناك ملايين من الأطفالْ المشردة على الطُرقات بسبب الحروبْ والفقرْ.. مساعدة واهتمام جميع الجمعيات عمل جبار وإنساني ، نشاطاتها ومساعيها الحميدة من أجل تحسين أوضاع الأطفال على الصعيديّ الإجتماعي والثقافي لا تُقدر، على أمل أن تتحققَ جميعُ أمنياتِهم. نرجو أن يتم السلام أولاً، وتتحرك السلطات العليا لمنحِ جميع الأطفال حقوقهم وبلا استثناء.
أطفالُنا هم هُوية الوطن وهم المستقبل. إنني أخاف على الأجيال القادمة، من هنا فإن مسؤوليات كل فردٍ كبيرة، على رجاء أن يَحُل السلامْ أولا، فيحظى كل طفلٍ بحياةٍ طبيعية، فهم أملنا الوحيد لكي تنهض البلاد من جديد.. إن الأطفال هم نصف الحاضر وكل المستقبل الواعد..
لونا قصير / من رواية مرآة الروح

رابط مختصر…https://anoujoum.com.au/?p=6738&preview=true