الدكتور أمين جاد الله
تكلمنا فى العدد الماضى عن واحدة من السمات الخمسة الكبار للشخصية ، ألا وهى الثبات العاطفى أو الانفعالى ، وفى هذا العدد نتكلم عن سمة ثانية من هذه السمات ، وهى سمة التوافق أو الموافقة .
عادة الشخص الذى يتمتع بمستوى عالِ من التوافق فى اختبار الشخصية يكون دافئاً وودوداً ولبقاً ومتعاوناً. لديه بشكل عام نظرة متفائلة للحياة وللطبيعة البشرية ، كما أنه يكون متوافقاً وفى انسجام تام مع الآخرين ، اعتقاده الأساسى هو أن الناس عادة ما يكونون لطفاء وصادقين وجديرين بالثقة . أما الشخص الذى يحصل على درجات منخفضة فى التوافق يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح الآخرين ، ويميل إلى أن يكون بعيداً واضعاً حدوداً كثيرة فى معاملاته ،غير ودود وغير متعاون.
ولكل سمة من سمات الشخصية الخمس الكبار ، سمات فرعية يمكن تقييمها بشكل مستقل عن السمة الأساسية التى ينتمون إليها . والسمات الفرعية الستة للتوافق هى : الثقة والأخلاق والإيثار،التعاون والتواضع والتعاطف.
حين تجد نفسك سعيداً فى معظم الأحيان محاطاً بباقة من الأصدقاء والمعارف المحبين الودودين ، وفى تواصل دائم معهم ، فأنت على الأرجح شخص يتمتّع بدرجة عالية من الودّ والقبول بين أصدقائك وزملائك. فالأشخاص الودودون يجذبون إليهم الكثير من الأصدقاء والعلاقات الطيبة، ويميلون في معظم الأحيان إلى خوض التجارب الممتعة ممّا يجعلهم سعداء ومتفائلين ، وهم من القلّة الذين يُحسنون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فيجعلونها وسيلة لهم كي يتعرّفوا على أصدقاء جدد وليس مكانًا للشكوى ، وتفريغ طاقاتهم السلبية وأفكارهم المتشائمة. إنهم أصحاب نية حسنة بشكل عام الأمر الذي يضعهم في الكثير من المواقف المحرجة نظرًا لأنهم لا يحسنون التصرّف في الكثير من الأحيان ويرتكبون الأخطاء دون قصد، إلاّ أنهم يبادرون بالاعتذار في الحال عمّا بدر منهم.
إذن كيف أتمتّع بقدر أكبر من القبول والودّ؟ إن كنت تعتقد أنّك شخص يفتقر إلى الودّ، أو تجد صعوبة في بناء صداقات جديدة مع الآخرين، فلا تبتئس ، يمكنك مع قليل من التمرين، مع اتباع واتخاذ بعض الخطوات أن تصبح أكثر ودًّا ولطفًا مع مرور الوقت.
1- الابتسامة الصادقة : اعرف أنك لست الإنسان الوحيد على هذه الأرض .. لذا تقبل الآخرون وارسم الابتسامة على وجهك أثناء سيرك ، وإن التقت عيناك بعيني أحد المارّة، فلا تتردّد في جعل الابتسامة أكبر قليلاً! لا تحتاج لأكثر من ابتسامة صادقة لتصبح أكثر ودًّا في نظر الغرباء.
2- المبادرة الصادقة : ابدأ الحديث مع الآخرين. ليس من الضروري أن تنخرط في حوار عميق ، فمجرّد إلقاء التحية على أحدهم وسؤاله عن اسمه، أو الإدلاء بتعليق خفيف يكفي للبدء بحوار قد ينتهي بصداقة جديدة. سيجعلك ذلك أكثر ثقة بنفسك وأكثر ودًّا في نظر الآخرين.
3- القبول الصادق : لا تصدّ الآخرين ، فصدّ الآخرين هو نقيض الودّ واللطف. لا تتجاهلهم ، أو تردّ عليهم باختصار شديد، أو العبوس فى وجههم أثناء تحدّثهم إليك.
4- الدعوة الصادقة : قم بدعوة الآخرين للتنزّه من وقت لآخر ، أو لاحتساء فنجان من القهوة معًا، كن أنت المبادر، فالجميع يرحّب بهذه اللفتة اللطيفة ، وحتى إن اعتذر عن الحضور ، فهو سيقدّر لك هذه المبادرة.
5- المدح الصادق : المديح الصادق الحقيقي هو ألطف شيء تقدّمه للآخر. فهذا يُظهر مدى تقديرك له ، وأنّك أعطيت من وقتك لتتعرف أكثر عن شخصه وشخصيته. إنّه يخلق لدى الآخرين مشاعر جيدة، ومن ثمّ سيربطون هذه المشاعر بك. كن صادقًا وابتعد عن المجاملة المبالغ فيها والتملّق.
6- الارتياح الصادق : اجعل الآخر يشعر بالراحة. على سبيل المثال: اسأله عن اهتماماته وهواياته، حاول التعرّف عليه بشكل أفضل. في حال كان هذا الشخص أجنبيًا لا يفهم لغتك، حاول التحدّث بلغة يفهمها ، وترجم له الكلمات والجمل التي قد تكون عصيّة عليه. تجنّب التهامس مع بقيّة أفراد المجموعة حتى لو كان الموضوع غير متعلّق بهذا الشخص.
7- الإيماءات الصادقة : انتبه إلى لغة جسدك .. قد تكون أكثر الأشخاص ودًّا ولطفًا، غير أنّ استخدام لغة الجسد بشكل خاطئ يجعل الناس من حولك يعتقدون العكس. بدلاً من ضمّ يديك إلى صدرك، ابسطهما في استرخاء. لا تهزّ قدميك باستمرار حينما يتحدّث إليك أحدهم، فتلك إشارة على شعورك بالملل وعدم اهتمامك بما يقول. أظهر اهتمامًا بما يقوله الطرف الآخر من خلال الانحناء نحوه قليلاً أثناء حديثه.
8- الأحكام الصادقة : تجنّب إطلاق الأحكام على الآخرين. إن أردت أن تنال قبولاً أكبر من الآخرين، تجنّب إطلاق الأحكام عليهم، أنصت إلى مشكلاتهم دون تحيّز واتخذ موقفًا محايدًا. فذلك وحده كافٍ.
صديقى : كن صادقاً فى تعاملاتك مع الآخرين … تكون أكثر وداً وقبولاً.