وديع شامخ

آسيا كمال وحياة الفهد نموذجاً

تُعرف الشخصية العامة بأنها كل شخصية تعمل في حقل  عام  من حقول الحياة المختلفة  وتكون هذه الشخصية خاضعة   للنقد والمراجعة  من قبل الجمهور في كل ما تدلو به من آراء ، وهذا النقد سواء كان  سلبياً أم إيجابياً  فهو من حق الجمهور بوصفه نقداً  للفكرة  والرأي  والتصرف وليس تعرضاً  على شخص النجم بصفة شخصية أو عائلية  إطلاقا . ولكن هذا الأمر يبدو ملتبسا على الجمهور والشخصيات العامة من حيث الخلط بين نقد الفكرة والتصرف والتشهير الشخصي .

النجمة العراقية آسيا كمال والمجتمع الذكوري

لاشك أن الإنسان حرٌّ تماما في رأيه في موضوع  العائلة وخصوصيات نوع  جنسهم سواء أكانوا ذكوراً أم  أناثاً ، وهذا الأمر طبيعي بحدود الرغبة الإنسانية  الأولى وطبيعة الرؤية الى  الميل لأي من الجنسين ، ولكن عند تحقّق الأمر واقعياً بمجيء أولادٍ أو بنات نتيجة لكل العوامل المشتركة للزوجين  صحياً ونفسياً ووراثياً .. الخ  والتي تؤدي الى هذه الثمار ، هنا يتوقف الإنحياز أو الحلم  الأول في الرغبة للميل الى  أحد الجنسين  ليكون الهاجس الإنساني هو الحكم الفيصل في التعامل مع الذرية بوصفها ثمرة علاقة زوجية  وعقد إنساني مقدس بين عاشقين لتأسيس عائلة بغض النظر عن جنس الذرية، لكن  الموضوع  سيكون مختلفاً جدا عندما  تُصرّح شخصية عامة  ولها حضورها   المؤثر في الوسط الجماهيري  كأن تكون هذه  الشخصية فنية ، سياسية ، فكرية ، أو   غيرها في مختلف حقول الحياة .

والسبب في الإختلاف أن هذه الشخصية العامة « النجم « عليها  مسؤولية   في صناعة الرأي العام حول هذه القضايا الخلافية ، ولاسيما الانحياز الى جنس الجنين ، وهذا الإنحياز المسبق والعلني  سوف  يؤثر سلبا على  خلق مناخ عام للفصل العنصري بين الجنسين  وتغذية روح العداء ضد جنس الأنثى في العائلة ، وهذا يرسخ مفهوم الفكر الأبوي السائد في العقلية الشرقية  العربية – الإسلامية تحديدا .

لذا  فأن  تصريح النجمة الكبيرة أسيا كمال  التي أتحفتنا بأدوارها المبهرة للإنتصار للإنسان  بشكل عام ذكرا كان أم أنثى  كان صادماً، سيما وأن  قومها من الكرد الأفيلية قد تعرضوا الى إضطهاد كبير من الحكم البعثي المقبور ، وهذا الإضطهاد والتسفير من الوطن  شمل العائلة  برمتها ولم يكن هناك استثناءً  .

إن  الفنانة  أسيا مطالبة  بإعادة النظر في تصريحها  وتوضيح الإلتباس في مفهومها   حول أفضيلة الذكور على الأناث  في العائلة .  وهل هو  خبرة شخصية محددة وليست  وصية عامة ؟

النجمة الكويتية حياة الفهد  والعنصرية ضد الآخر

أثارت الفنانة الكبيرة وسيدة  الشاشة  الكويتية حياة الفهد  جدلاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعدما دعت لترحيل الوافدين الأجانب المصابين بالكورونا من الكويت، عبر مداخلة في برنامج تلفزيوني، وقالت الفهد في مداخلتها الهاتفية مع برنامج «أزمة وتعدي»: «إن الكويت لم تعد قادرة على احتمال الضغط على المشافي في ظل أزمة كورونا التي تعاني منها، كما أضافت بلهجة غاضبة، مشيرة إلى العمالة الوافدة المقيمة في الكويت: ”على شنو ديارهم ما تبيهم واحنا نبتلش فيهم.. إحنا وصلنا لمرحلة إننا ملينا خلاص، اطلعهم واقطهم برا والله، واقطهم بالبر -أرميهم بالصحارى – .. أكلوا الخير ولعبوا واستأنسوا بس يروحون.

فحياة الفهد  في تصريحها الخطير هذا قد إرتكبت خطأ قاتلا ً وسجلت موقفا عنصرياً تجاه أشخاص قدّموا للكويت خدمات كبيرة وساهموا ، وكل بعنوانه وكفاءته ، على بناء الكويت  واستمراريتها خدميا وإنتاجيا وإبداعيا  في مختلف  حقول الحياة.

وهذه النجمة  المتنورة والتي أدت أدوراً إنسانية كبيرة  تضع نفسها في خانق عنصري ضد الإنسان وهو  في حالة عجز مرضي لا دخل له فيه ،وهو وباء عالمي خطير !

فكيف سيكون الأمر مع الكويتيين العالقين   في الدول الأخرى والمصابين بكورونا ، هل تقبل الفهد بتطبيق نفس المعيار ونفيهم  في الصحارى أو القائهم في البحار !!؟؟

هذه السقطات  الفكرية من قبل النجمتين لابد أن تُقابل بالنقد من قبل الجمهور بوصفها آراء عدائية قابلة للرد والتفنيد ، لذا نطالب الفهد أيضا احترام تأريخها الفني والاعتذار عن رأيها العنصري المشين تجاه الأخوة في الإنسانية ..

عموماً  على الشخصية العامة  أن  تكون  حذرة جدا في إبداء الأراء في القضايا الخلافية والتي  تؤثر بشكل سلبي على صياغة رأي عام  يحمل الضغينة والبغضاء  وينمي روح العداوة في المجتمعات  .