نوال القصار
مكادي النحاس هي الفنانة العربية الوحيدة التي شاركت في عمل فني عالمي هو الأضخم من نوعه على مستوى العالم، وبذلك أضافت مكادي إلى مسيرتها الفنية علامة مميزة عندما شاركت في هذا العمل الذي حمل عنوان أوركسترا الأرض وشارك فيه أكثر من 190 موسيقياً وعازفاً من كافة دول العالم.
منذ أكثر من عشرين عاماً ومكادي النحاس تقدم أعمالاً فنية متميزة سواء على صعيد الغناء الأصيل أو المسرح أو الغناء للأطفال. تميزت بتقديم الأغاني من التراث ، وغاصت في عالم الموسيقى في بلاد الشام، من سوريا إلى لبنان إلى الأردن وفلسطين وأبدعت في تقديم هذا اللون وتشعر بالمسؤولية تجاه تقديمه تحديداً.
التقتها مجلة “النجوم” في عمان في هذا الحديث الشيق عن تجربتها وتميزها وعطائها الذي ما زال ينبض عشقاً للفن والموسيقى منذ أن بدأت مشوارها مع فرقة النغم الأصيل، فماذا يثير اسم هذه الفرقة في ذاكرتها؟
تجيب مكادي: “فرقة النغم الأصيل تثير ذكريات البدايات الجميلة والبسيطة بشكل عام. “
وفرقة النغم الأصيل هي فرقة أردنية كانت مكادي هي المغنية الرئيسية فيها حين كانت تشارك معها أثناء العطلة الصيفية خلال دراستها للأدب الأنجليزي في جامعة دمشق.
ولكن هذا التنقل في تقديم الأعمال الغنائية والفنية بين سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق هل ترى مكادي أنه أضاف لمسيرتها الفنية أم كان من الأفضل لو أنها ركزت طاقاتها الفنية على بلد عربي وحيد؟ تجيب:
«أكيد أن هذا التنقل أفاد مسيرتي والمفروض أن يقدم الفنان في الأصل ألواناً مختلفة من الغناء ومن ثقافات مختلفة وخصوصاً إذا كان يبحث ويشتغل في التراث. ولأن كل من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق تراثها واحد، كان لا بد لي أن أذهب في اتجاه هذه البلدان وأن اتعرف على تراثها وأغانيها وموروثها الثقافي.
وكيف تصفين تجربتك في تقديم اللون العراقي الأصيل؟
تقول مكادي:
«كانت تجربة جميلة جداً صراحة لأنها بدأت من خلال تقديمي بعض الأغنيات في حفلاتي في بيروت بدون موسيقى على طريقة الأكابيلا (A cappella). وكان الجمهور يسألني عن هذه الأغاني لمن؟ هل هي لك؟ هل هي مسجلة؟ وبالتالي شعرت بمسؤولية تجاه هذا التراث بشكل أو بآخر. وقد أحب الناس هذه الأغنيات وقد عرفني الناس والجمهور من خلالها في الأصل ومن خلال تقديم هذا هذا اللون من الغناء. وأول ألبوم صدر لي كان يحتوي على أغاني عراقية وقد سجلته في بغداد وهكذا عرفني الناس من خلال تقديم هذا اللون على الرغم من أنها كانت مغامرة ومخاطرة بطبيعة الحال ولكنها والحمد الله نجحت وإلى اليوم يطلب الجمهور مني تقديم هذه الاغنيات في حفلاتي.
وشاركت مكادي النحاس في عدة أعمال مسرحية فماذا تقول عن هذه التجربة؟
«الأعمال المسرحية كانت أكثرها في بيروت وكانت عبارة عن تجربة تمثيل مع غناء في الوقت ذاته وكانت تجربة مهمة جداً لأنني شاركت مع فنانين ومخرجين كبار في لبنان واعطتني الكثير خصوصاً أن الفنان عندما يكون على المسرح في حفلة خاصة يمكنه بالتالي أن يتحكم في ترتيب الأغاني وبدايتها وغير ذلك. ولكن على المسرح ومع مجموعة من الممثلين هناك كيو معين للدخول وكذلك دور محدد ويتوجب على الفنان أن يحفظ كل الأدوار لكي يبدأ الغناء في الوقت المناسب ويدخل ويخرج في الأوقات المناسبة أيضاً. “
مكادي النحاس: حدثيناعن لقاءك في لبنان بكل من زياد الرحباني وزاهي وهبة؟
لقائي بزياد الرحباني كان عن طريق الصدفة البحتة، كنت قد ذهبت إلى بيروت لتسجيل اغنيتين من كلمات خالد هبر والحان اسامة الخطيب وكان اسامة في ذلك الوقت يعمل مع زياد الرحباني وقال لي أنه يريد أن يعطي الأغنيتين إلى شخص لم يقل لي من هو وعندما التقينا كانت صدفة رائعة جداً والأروع هو ما قاله زياد عن صوتي حيث قال أن صوتي جميل وواضح تأثري بالمطربة الكبيرة فيروز ولدي شخصية بصوتي يجب أن اشتغل عليها وأن أدرس الموسيقى. الكلام الذي قاله زياد الرحباني غّير كل مسار حياتي وما قاله كان السبب في أن أترك كل شيء واتجه إلى الغناء والموسيقى.
أيضاً زاهي وهبة التقيته عن طريق الصدفة حيث كان ضيفاً لحضور إحدى المسرحيات وهي مسرحية المكفوف المأخوذة عن نص لجبران خليل جبران ومن أخراج وليد فخر الدين. وفي المسرحية كنت معلقة بالسقف واغني بدون ميكروفون والحضور يسمع صوتي فقط ولفت ذلك الأمر انتباه زاهي وهبي وقرر استضافتي في برنامجه “خليك بالبيت” وكان يرغب في الإضاءة في ذلك الوقت على الشباب العربي الذي يشتغل بالفن والموسيقى في مكان مختلف، أي يختلف عما هو سائد. لقد راهن زاهي وهبة عليّ في ذلك اللقاء لأن كثيرين قالوا له ليس لديها شيء تقوله وليس لديها تجربة ولكن الحلقة كانت من أجمل الحلقات كما كنت أصغر الضيوف سناً على البرنامج ولم أكن معروفة في الوقت الذي فيه قد استضاف زاهي وهبة في برنامجه عمالقة الفكر والثقافة في العالم العربي مثل محمود درويش وعادل إمام وغيرهم. كانت حلقة رائعة وكتبت عنها الصحف اللبنانية وأيضاً تعرف علي الجمهور الأردني والعربي من خلال هذا البرنامج.
مكادي النحاس كانت المطربة العربية الوحيدة التي شاركت في اوركسترا الأرض ، هذا العمل الفني الأضخم من نوعه على مستوى العالم والذي شارك به أكثر من 190 موسيقيا من كل دول الكوكب: ماذا تقول عن ذلك؟
أوركسترا الأرض هو عمل موسيقي كبير يضم 190 موسيقي وعازف من العالم وتم اختياري للمشاركة وكنت الأردنية والعربية الوحيدة، وأنا طبعاً فخورة جداً للمشاركة بهذا العمل الذي تم تقديمه لكي نقول أن هذه الأرض لنا جميعاً ونريد أن نعيش عليها بشكل أو بآخر وبالتالي علينا أن نجد السبل المناسبة لكي نعيش على هذه الأرض، ولكي نقول من خلال هذا العمل أننا بشر خلقنا لأهداف معينة يجب أن نحققها ومنها التعايش مع بعضنا البعض وقبول الآخر والابتعاد عن العنصرية والحروب وما غير ذلك. تم إنجاز العمل خلال ظروف الكورونا وكانت الظروف صعبة ولكنه نجح والحمد الله.
تحدثت وسائل الإعلام عن ثلاثي يجمع مكادي النحاس مع المطربة العراقية نوفا عماد والمطربة الإسبانية مايرا لإعادة توزيع أغنية اسمهان يا حبيبي تعالا الحقني: إلى أين وصل هذا المشروع؟
«كنا قد تحدثنا نوفا وأنا عن هذا المشروع قبل ظروف الكورونا عندما التقينا في أوزبكستان في مهرجان للغناء والموسيقى وكانت فرصة جميلة للتعرف عليها وخصوصاً وأنني من المعجبين بوالدتها الفنانة سيتا هاكوبيان وقد رأى هذا المشروع النور بعنوان يا حبيبي تعال الحقني وهو موجود على اليوتيوب والحمد الله أن الناس أحبوه جداً»
منذ بداية المشوار مع البوم “كان يا مكان”، إلى البوم “خلخال”، إلى البوم الأطفال “جوا الأحلام”، إلى البوم “نور”: ماذا تقول مكادي نحاس؟
«أقول أن بداية المشوار لم يكن سهلاً وما زال غير سهل بالتأكيد لأنني اشتغل بمكان مختلف عن الموسيقى السائدة و (The Mainstream)، في الإنتاج وفي وجود منصات أو في المهرجانات خصوصاً في عالمنا العربي لأن الثقافة والفنون ليست من الأولويات ونحاول بكل ما أوتينا من جهد لكي نجد لأنفسنا الفرص. الحمد الله الأمور جيدة ولكن من الممكن أن تكون أحسن في حال وجود دعم للثقافة والفنون في العالم العربي. وهذه الألبومات تم إنجازها بمجهود كبير سواء من حيث التمويل أو العازفين أو الموسيقيين.»
وما هي خطوتك التالية؟
«دائماً هناك خطوة تالية وهذا القلق موجود حول ماذا سأقدم بعد. هناك أغاني جديدة وهناك حفلات وإن شاء الله خلال شهر تموز (يوليو) سوف أقدم مشاركة في مهرجان قرطاج مع المغني العالمي من أذربيجان عليم قاسيموف وهو من أهم الأصوات الموجودة في العالم حالياً والإيراني شعيب الشهابي وسوف نقدم حفل خاص بعنوان ليلة شرقية (Orient Night). ابتكر هذا المشروع شركة مقام وسعود علان. هذه من اهم المشاريع حالياً وهناك كذلك أغاني جديدة كذلك إن شاء الله.»
في الختام لمن توجه مكادي نحاس كلمة عتب ؟
تجيب: « أوجه كلمة عتب أولاً إلى الأردن بلدي الحبيب حيث الثقافة آخر اهتمامته وأقول له أن واجهة أي بلد محترم، يحترم نفسه وشعبه وفنانيه هي الثقافة الجيدة والفنون المحترمة، وعتبي أيضاً على كل شخص لا يبحث عن الشيء المختلف. تجد الناس أن من الأسهل أن تسمع وتشاهد الأغاني السائدة على التلفزيون والراديو والمنصات المختلفة، ولكن من الجميل أن يبحثوا عن شيء مختلف، عن الوان مختلفة وعن أصوات مختلفة في الموسيقى والغناء.»