قديما، كنّا ننتظرُ نشراتِ الأخبار، ونتحلّقُ حول التلفاز لنعرف ما يجري حولنا من أحداثٍ وأخبارٍ وطرائف، ولمشاهدة المسلسلات الهادفة، التي كانت تخدم الأهل بعض الشيء بزرع بعض القيم الأخلاقية، وتساعدهم في تنشئة جيل واعٍ مثقف.
قديما أيضا، كان التلفاز يجمع الأسرة عند كلّ مساء للإستمتاع بالبرامج معا، وتجاذب أطراف الحديث، والفضفضة عما يدور في رأس كلّ واحد منا.
أمّا بعد اختراع الفيسبوك، فقد فقدنا هذا التجمع الأسري الجميل، وبات كل فرد منّا منكبا على هاتفه المحمول، يرّد على أصدقائه الموزعين في كلّ مكان.
وفقدنا لغة الحوار الجميلة والنقاشات بين الأسرة بعد هذا التحول المفاجئ الذي ضرب بوحدة الأسرة وترابطها.
اليوم، تجد كل فردٍ منا، منزوٍ في مكانٍ قصيٍ عن الآخر، والجميع منشغل بالضغط على الشاشة المضيئة ليضع لايكا أو تعليقا أو منشورا على ما ينشره هو أو غيره .
الهاتف المحمول رغم أنه المسبب الرئيس لأوجاع العيون وضعف النظر التي بات معظمنا يعاني منهما هذه الأيام، إلا والجميع لا زال مستمرا ومتمسكا بجهازه وليس مستعدا للتخلي عنه ولو للحظة.
حتى الطفل ابن السنة، ما عاد يجذبه إلا الهاتف المحمول المضيء.
ولحسن الحظ، لوسائل التواصل والتي يعتبر الفيسبوك واحد منهم، بعض المحاسن، فهو نافذة واسعة، نطلُّ من خلالها على العالم كلّه، بحلوه ومرّه.
الفيسبوك يقدم لنا اليوم، أسرع وسيلة لنشر الخبر وأيّ خبر، حتى ولو كان مفبركا وكاذبا، دينيا أو سياسيا وغير ذلك.
الفيسبوك اليوم، لم يعد عالما افتراضيا فحسب، بل بتنا نتحدث ونتكلم مع أشخاص، كنّا نحلم بأن نراهم ونتكلم معهم من شعراء ومثقفين، فنانين وممثلين، الخ.
أصبح العالم بفضله قرية صغيرة، يربط كل الدول بعضهم ببعض، في شريط اسمه أخبار العالم نقرأهُ يوميّا لنعرف ما يجري حولنا.
وهنا صرنا تحت رحمة الإشاعة الكاذبة، وهي من أخطر مساوئ الفيسبوك وكل وسيلة اتصال إجتماعية.
ليكتب أيّ واحد منّا خبرا ليس صحيحا، وينشره على أي وسيلة إجتماعية وليرَ بنفسه، ترى الخبر ينتشر بين الملأ، كالنار في الهشيم.
مثال على ذلك، لا زلت أذكر صورة انتشرت على صفحات الفيسبوك لفتاة تعاني من مرض، وتطلب من الجميع أن يدعو الله لها ليكتب لها الشفاء.
الصورة وجدتها على جوجل وهي لفتاة لا علاقة لها بالفيسبوك نهائيا، ولكن خرج الأمر من يدها، وباتت صورتها تتنقّل من مكان إلى آخر.
الصورة لا زالت إلى الآن، تنتقل من صفحة إلى أخرى، بدون التأكد من صحة الخبر، أصبح مجموع اللايك عليها 30000 لايك، والخير على الطريق.
لذا علينا الحذر جدا مما نكتب ومما ننشر وماذا نصدق، ومع من نتصادق ونتكلم على هذه الوسائل.
كما لكلّ اختراع إيجابيات، هناك أيضا الكثير من السلبيات.
قال المثل قديما، قلّ لي من تعاشر أقل لك من أنت.
هذا القول ينطبق فعلا على نوعيّة الأصدقاء الذين نقبل بوجودهم في حياتنا، كما نوعيّة الأصدقاء المفروض أن ننتقيهم بعناية فائقة على الفيسبوك.
فلا نقبلُ أسماءً وهميّةً لا مسيرة ثقافيّة أو إجتماعيّة لهم، خصوصا إن كنتم شعراء، فسرقة الأشعار ونتاجكم من النصوص، خُبز وطعام كل الأشخاص الذين يدخلون بأسماء وهميّة، كأمير الليل، أمير الظلام، وملك الأشعار، أو وردة الصباح، أو وردة الياسمين.
وحدّث بهذا الصدد بِلا حرج.
علينا بالوعي المناسب لنكون على خطى ثابتة في هذه المرحلة الراهنة من التطور المجنون الذي ينتقل بنا يومياً من كشف المستور والحقائق وأمورنا السرّية.
فالفيروسات الإلكترونية التي ابتلينا بها، من الهاكرز، أمرٌ لا يُستهان به أو نُفرط من أخذ الحيطة والحذر لأجله.
اليوم أي ضغط خاطئ على لينك مُرسل لنا، سيمنح هولاء الهاكزر الإذن باختراق كلّ خصوصياتنا وحساباتنا المصرفية وصورنا الشخصيّة