بقلم / نضال عاش
بعد أيام ويطل علينا عيد ميلاد يسوع المسيح ورأس السنة الميلادية ( المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة )، والذي بقدومه وضع أسس المحبة والسلام والفرح والبهجة .
ظهر نور الملائكة للرعاة الفقراء والمجوس في بيت لحم ليبشرهم بقدوم المخلص يسوع المسيح، وظهور النجم اللامع في السماء ليدلهم على المكان الذي ولد به الطفل يسوع والذي كان عبارة عن مغارة بسيطة في مدينة بيت لحم الفقيرة .
اليوم أيضاَ ولد الآلاف من المسيحيين في مغارات مختلفة (الحدائق والشوارع والكرفانات والقاعات …الخ) جميعها أماكن مشابهة للمغارة المولود بها المسيح، وولادتهم الجديدة بدأت بعدم نكرانهم ليسوع المسيح وتمسكهم بإيمانهم وديانتهم عندما أخرجوهم عنوة من منازلهم في محافظة نينوى وضواحيها تاركين ورائهم كل ممتلكاتهم ومقتنياتهم، حيث خسروا كل أموالهم ومايحملونه من ملابس ومصوغات ذهبية وغيرها لأجل اسم المسيح ألا تعتبر هذه التضحية الكبرى ولادة جديدة، لقد ذاقوا ما عاناه المسيح عند ولادته، لم يملك لباساً يغطي جسده الناعم سوى قطعة قماش وكانت له في نفس الوقت قماطاً، وهما كذلك خرجوا بالملابس التي يرتدونها فقط ، ولد في مذود مهتريء من خشب قديم، كما هم حين افترشوا الحدائق والطرقات وأراضي القاعات والكنائس، ولد الخوف والرعب في قلب والدته العذراء مريم والقديس البار يوسف من ظلم الملك هيرودس وملاحقته، وكذلك مسيحي الموصل ونواحيها ملأ الخوف والرعب أوصالهم خوفاً على أبنائهم وعوائلهم من الوحوش الكاسرة التي شردتهم وسلبت أموالهم وممتلكاتهم، كان غذاؤه حليب أمه فقط، ذات الحال اليوم حيث تعيش الأمهات معاناة العذراء مريم تحث عن الطعام لتطعم أطفالها الصغار.
وبمساعدة كل الطيبيين في المناطق التي نزحوا إليها قام الخيرون من أبناء شعبنا في الداخل والخارج بتقديم المساعدات والاحتياجات التي تسد عوزهم وتقديم الحماية والأمان من ظلم وبطش عديمي الرحمة بما يدعون (داعش) .
بإيمانهم العميق وصلابتهم وتمسكهم بمسيحيتهم غيروا وجه العالم ونالوا محبة المسيح ونعمه وعطاياه بمنحه لهم الفرح والنور، لقد تجددت حياتهم بعدم نكرانهم للمسيح وتحملوا المصاعب من أجل كلمته .
نعلم يا أخوتنا المهجرين بأنه صعب في هذه الأيام ومع قرب حلول أعياد الميلاد ورأس السنة وأنتم بعيدين عن منازلكم والتي كانت تتزين كل سنة بشجرة عيد الميلاد، والتوجه التقليدي للأسواق للتبضع بأحلى الملابس، وصنع الأكلات الخاصة بمناسبة عيد الميلاد، ولكن بالحب والإيمان الذي يملأ قلوبكم ستجتازون المحن وستنالون الفرح العظيم لأن يسوع بقدومه منحنا الحياة الجديدة المليئة بالنعمة الالهية والتي تقودنا للخلاص والحياة الأبدية، وما خسرتموه ستنالونه بنعمة الرب للأنكم ربحتم أنفسكم، فافرحوا وابتهجوا بالميلاد ولا تيأسوا من نعم وعطايا ومحبة الرب لأنكم الآن تعيشون حياة المسيح المتواضعه . المجوس قدموا الهدايا ( الذهب واللبان والمر ) وأنتم قدمتم الهدايا ليسوع بمحبتكم له وتواضعكم وإيمانكم الكبير وأعمالكم الصالحة، وما قدمه اخوانكم من خدمات في كل مكان تواجد به المهجرين هدية لسيدنا يسوع المسيح بميلاده، فكل عمل صالح نقوم به اتجاه اخوتنا البشر هي لؤلؤة ثمينة نقدمها ليسوع عربون محبة له، فالمسيح هو من يحملنا أثناء المحن ويحمل خطايانا وآلامنا، يمسك بأيدينا ليرفعنا من الأرض كما يمسك الأب والأم بيد طفلهما لكي يستطيع المشي، فابتهجوا ولا تحزنوا بميلاده ورتلوا كما رتل الملائكة حين ولد يسوع المسيح رمز السلام وطريق السلام لقد جاء بالسلام وهو السلام بعينه، وباتكالنا عليه ومحبتنا له ستحل الطمأنينة في قلوبنا والسلام في نفوسنا وسيعم الفرح والسرور بين جميع البشر بولادته لأنه نور العالم في كل الزمان وإلى الأبد .
علم السيد المسيح شعبه أن يحبوا بعضهم بعضاً كما أحبهم، لقد فدى نفسه من أجل خلاص البشرية، وبقبول المسيح في حياتنا والتضحية بكل غالي ونفيس من أجل اسمه سيحل المسيح في نفوسنا لينيرها ويمنحنا المحبة والسلام ويكون ميلاده ميلاداً جديداً لنا .
عندما نساند بعضنا ونتعايش مع بعضنا ونسامح بعضنا نكون قد ولدنا مع المسيح من جديد، وعندما نصلي من أجل كل العراق بكل طوائفها وقومياتها نكون قد ولدنا مع المسيح من جديد، وحين نفتح قلوبنا للخير والعطاء والمودة والوئام ونساعد المحتاجين نكون قد ولدنا مع المسيح من جديد، فما أروع أن نولد ونتجدد مع ميلاد يسوع المسيح في حياتنا .
مجداً لميلادك يا يسوع وليحل السلام والأمان في بلادنا ولتحل نعمك على الجميع، وليكن ميلادك ميلاد لكل العراقيين آمين .