نوال القصار

مما لا شك فيه أن الموهبة فطرة متأصلة في الإنسان منذ الولادة ويتم صقلها مع مرور السنوات بالتجربة والدراسة، أو تبقى هذه الموهبة كامنة وتأخذنا دروب الحياة إلى مسالك غير متوقعة. وحتى عندما  تأتي

أوقات ينشغل فيها المرء عن ممارسة هذه الموهبة وصقلها إلا  أنه وفجأة ومن حيث لا يدري تخرج إلى حيز الوجود إبداعته الكامنة ولكن غير المنسية لترى النور من جديد ويبدع فيها إلى أقصى الحدود. وهذه هي قصتنا مع المهندس والفنان التشكيلي… والرياضي أيضاً وائل حمارنة الذي التقته مجلة النجوم في معرضه للفن التشكيلي في عمان في حديث شيق حول الهندسة والفن… والرياضة أيضاً

وما بين الهندسة والفن ماذا يقول وائل حمارنة؟

«درست الهندسة المعمارية لأنها أم الفنون والأقرب إلى الرسم وميولي الفنية. ندرس في التخصص الفن والظل والضوء وخلط الألوان وهذا ما ساعدني في صقل موهبتي بالرسم  على الرغم من أن دراسة الهندسة المعمارية مقيدة ومحددة وليست كالرسم بطبيعة الحال. وكما نعرف ويقولون فإن لا يطعم خبزاً

ولكن كما نعرف مرت فترة طويلة قبل أن تؤسس هذا المعرض: فما الذي حصل فعلاً؟

«بقيت موهبة وحب الرسم في تفكيري ولكن الدراسة والعمل والانشغالات الأخرى جعلتني اتوقف فترة إلى أن سافرت إلى استراليا وبالصدفة دخلت إلى متجر في أديليد في الجنوب يبيع كل أدوات الفن والرسم وغيره ولفت نظري توفر كل أدوات الرسم التي يمكن أن تخطر على البال . كنت في بداياتي اشتغل بالوان الزيت والفحم والألوان المائية وللمرة الأولى تعرفت في المتجر إلى الإيكرليك وعندما سألت البائعة عنه قالت لي إنه من المواد الجديدة في الرسم (water based) ولكنه أنظف من الزيت والمواد الأخرى وشرحت لي كل شيء عن استخدام الإيكريليك في الرسم. ولأن هذه الوسيلة جديدة بالنسبة لي ولم أكن أعرفها من قبل لذا لجأت إلى الإنترنت وعرفت من اليوتيوب كل شيء عن كيفية استخدام هذه المادة. وبعد رجوعي من استراليا عدت إلى شغفي الأول وبدأت ارسم من جديد باستخدام الإيكريليك»

عند استعراض لوحاتك يلاحظ المشاهد استخدام الألوان بقوة، ماذا تقول عن ذلك؟

«في الواقع أنا جريء في اللون، جريء في استخدام الألوان بشكل قوي. وأنا بطبيعتي أحب الألوان جداً فهي التعبير عن الانتعاش والحياة والفرح. والألوان الجميلة الفرحة هي التي انتصرت خلال فترة الكوفيد للتعبير عن الأمل والحياة والفرح، ففي عام 2020 كان هناك إعلان من غاليري وادي فنان في جبل عمان لمسابقة موضوعها (ماذا فعلت خلال الكوفيد)

وشاركت في المسابقة باللوحات التي رسمتها خلال فترة الإغلاق واخترت لوحة بألوان جميلة مليئة بالفرح وتعبر عن التفاؤل والطبيعة خصوصاً أن الطبيعة تعافت بكل الوانها وأطيافها خلال فترة الإغلاق. لم اعرف النتائج إلى أن تم الإعلان عن معرض يضم كل اللوحات المشاركة وعددها 250 اختاروا منها 53 لوحة للعرض وعندما دخلت مع زوجتي وسألت عن «لوحة وائل» وحتى أنها لم تكمل اسم العائلة وكانت المفاجأة  أنها معروضة في مكان بارز في واجهة المعرض. لجنة التحكيم كانت تضم 16 شخص بين فنانين ومهندسين معماريين وغيرهم ويبدو أن اللوحة كانت موضع نقاش وجدل بين المحكمين وقرروا أن تكون من بين أفضل 5 لوحات مشاركة وكانت أول لوحة تباع في المعرض وكانت المفاجأة بالنسبة لي أن السعر الذي تم بيعها به هو 400 دينار.»

لوحتك عن مدينة السلط لها قصة مشوقة، ماذا تقول عن ذلك؟

«كان لدي سكيتش مرسوم لوسط مدينة السلط عندما كنت مديراً لمشروع تطوير وسط مدينة السلط وشارع الحمام والذي نفذته الجمعية العلمية الملكية واشتغلنا على المشروع قرابة العامين. رسمت اللوحة بمزج الأسلوب التجريدي الذي أحبه مع القليل من الواقع، علماً بأن جميع اللوحات المشاركة كانت تبرع من المشاركين إلى صندوق عمال المياومة. وقد رسمت اللوحة قبل أن تدخل السلط على قائمة اليونسكو كمدينة من مدن  التراث العالمي وكانت سعادتي لا توصف حين فازت السلط وأخذ المشروع لوحتي لعرضها في مدينة السلط كتجسيد لجمال المدينة التراثية واللوحة كذلك.”

والملاحظ كذلك في لوحاتك في هذا المعرض الخطوط المستقيمة و (blocks) ماذا تقول عن ذلك؟

تتميز لوحاتي في المعرض بالأسلوب التجريدي الذي أحبه كما قلت وبدأت من جديد أطور أسلوبي في الرسم وخصوصاً مع إعادة الممارسة والانخراط في الرسم والتعرف إلى مزايا استخدام الإيكرليك. الثيمة التي عملت عليها هي أن أدخل الهندسة المعمارية التي هي تخصصي مع الفن التجريدي. ومن هنا جاء عنوان هذا المعرض: Arches and Domes- أقواس وقباب. وبالمناسبة بعد أن رسمت أول لوحة من هذا المعرض وبمجرد أن نشرتها على حسابي على الانستغرام تم بيعها على الفور، وحصل الأمر ذاته بعد أن نشرت صورة اللوحة الثانية. ثم واصلت الرسم على نفس ثيمة الأقواس والقباب إلى أن اكتمل المعرض  الذي  نشاهده الآن

إلى أي حد تتأثر لوحاتك بمزاجك العام؟ المزاج السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحالة العامة وأزمة وباء كوفيد، كيف يؤثر ذلك على لوحاتك؟

«مما لا شك فيه أن كل ذلك يؤثر على لوحاتي بشكل كبير جداً وينعكس عليها فعلى سبيل المثال رسمت لوحة بعد يومين على انفجار بيروت بعد أن استفزني المشاهد التي رأيتها على التلفزيون وتعاطفت الناس معها جداً. أهرب من الوجع والضغوطات إلى الرسم، أرسم شيئاً يعبر عن حالتي المزاجية وأفرغ كل شيء في داخلي ثم أعود بعد فترة وأغير شيئاً ما في اللوحة يدعو إلى التفاؤل بعد أن أكون قد خرجت من الحالة التي كنت فيها

مهندس معماري وفنان تشكيلي… ورياضي: ما هي قصتك مع الرياضة؟

«احب الرياضة وأمارسها منذ الصغر وبدأت ألعب في فريق المدرسة في الصف الرابع الابتدائي  كحارس مرمى وكان مدربنا كان في النادي الفيصلي ونقل كل الفريق إلى النادي الفيصلي وكان عمري آنذاك 11 سنة وكنا نلعب في فئة أقل من 15سنة وحصلت على جائزة أحسن حارس مرمى ثم ترفعت إلى فريق الكبار وكنت اصغر حارس مرمى في الأردن مع النادي الفيصلي  وعندما دخلت الجامعة كنت حارس مرمى لفريق الجامعة كذلك الأمر. وعندما تخرجت من  واشتغلت في المملكة العربية السعودية كنت أسكن في مجمع سكني تتوفر فيه كل مرافق الرياضة وصدف أن عرض عليّ أصدقاء لوالدي أن  ألعب مع نادي الهلال السعودي وبالفعل لعبت مع النادي 5 مباريات ودية وكنت على وشك توقيع عقد مع الهلال ولكن شاءت الظروف ألا يحصل ذلك.»