على مدى السنتين المنصرمتين من عمر مجلة النجوم الزاهر ، والتي تشرفت برئاسة تحريرها ، حاولت جاهداً أن اضع بالغ جهدي على ترسيخ مفهوم المجلة الورقية التي تعنى بتحقيق الموازنة الإعلامية بين الشأن المحلي والعربي والعالمي ، مع ميل واستحقاق واضحين للمحلي ، لتكون منبراً لمن لا منبر له ، ولافتة حمراء لمن له الحق والموهبة . اجتهدنا أيضا ان تكون النجوم لسان حال الجميع من المواهب والطاقات في حقول الفن والثقافة والاجتماع والتي تعيش معنا في استراليا ، وفي سيدني خصوصا ، لكي اكون اميناً اولاً لسياسة المؤسسة الاعلامية للشرق الاوسط في وضع النجوم بوصفها مجلة عريقة في هذا الاطار ، للنأي بها عن الخلافات الدينية والسياسية ولتكون على مسافة واحدة من الجميع ممن تشملهم حقول اشتغال المجلة .
< < <
وهكذا استلمنا الرسالة ، وحملناها شعلة للمضي في الطريق القويم للتعامل مع جالياتنا الناطقة بالعربية والانكليزية معا ، ولكني هنا أركز حديثي على الشق العربي في مجلة النجوم .
لقد اصبح لمجلة النجوم موقعها في قلب المؤسسة ، وصارت الحجر الثالث على قِدر الابداع الجمعي ، تسير مع التلغراف والانوار حثيثا لتقديم الصورة البهية لمؤسستنا الاعلامية ،الحضن الدافيء الأمين لنا جميعا.
ولقد سعت النجوم لاحتضان المواهب الشابة والتبشير بها ، والاضاءة على النجوم في مختلف حقول الفن والثقافة والاجتماع .
وهكذا صار الحال عرفا وقانوناً في مكتب النجوم والذي استحدث ليكون قلبا نابضاً بالمحبة والجمال ، فتحنا الأبواب للجميع وحسب الاستحقاق العملي ، وفي اجواء المحبة والحوار ، وفي مهنية عالية في تقبّل الآخر المختلف والمؤتلف معنا .
< < <
الكثير من الفنانين والمثقفين والناشطين الاجتماعيين كانوا على قدر رائع من المسؤولية في التجاوب معنا ، فبات وجودهم على صفحات المجلة أثرا صحيا وترجمة عملية لمهنة الصحافة في تقديم الآخر ، ولكن للأسف والالم الشديدين ان هناك البعض ممن لم يراع أخلاقيات المهنة وحياديتها ومسؤوليتها الفكرية ، فراح يضع نفسه بدور الواعظ والحكيم ، ومنهم من خلع ثوب الحمل وارتدى أنياب الذئاب للنيل من تجربتنا في تقديم الآخر المختلف .
< < <
من أشد مشاكلنا في الوسط الثقافي والفني والاجتماعي العربي في المهجر غياب النظرة الكلية ، وضعف البصيرة الشاملة ، وهذه النظرة الأحادية والعقلية ذات البعد الواحد قد كلفتنا الكثير من التخلف ، محاولة منها لجرنا الى صراع غير حضاري ولا مهني ، يتسم باللغو وحضور الوشاية والنميمة ، والافتراء على الآخر المختلف .
< < <
من هذه اللحظة الساخنة كان جواب النجوم حادا وواضحا وصريحا لكل من يريدنا أن نكون بوقا نحاسيا لينفخ بنا سمومه ، ولكل من يعتقد ان العلاقات الشخصية هي الواسطة لبلوغ المآرب والغايات على صفحات النجوم، نقول بلسان جمالي مبين وبقلب ينبض بالمحبة والسلام للجميع . مجلة النجوم واحة خضراء للنفوس الكبيرة القابلة على التعايش بالاختلاف، ونحن نقف على مسافة واحدة من الجميع ولكل حسب موهبته وجهده وعطائه ، كما اننا لن نسمح للنجوم ان تكون ساحة لتصفية الخلافات ، واثارة النعرات والحساسيات السلبية .
< < <
نطمئن المواهب بأن حظها وفير في قلب النجوم قبل صفحاتها ، نطمئن النجوم بأنهم فخر لنا ونعتز بهم جميعاً ، ونطمئن الناشطين بأنهم زاد حياتنا اليومي ، نريد ان نرسخ ثقافة احترام الآخر المختلف ، ونرى الحياة بعيون جامعة ، لا نكون في خانة أحد ولا فوق مسرح أحد ، ولا في دهاليز وانفاق آخرين .
لمجلة النجوم قاموس لا يتسع لغير المحبة ، والمحبة الفاعلة ، والإيمان بقوة الرسالة الاعلامية بوصفها رسالة مهنية وواقعية وتتمتع بقدر ٍ عالٍ من الحيادية ، ولها مع جميع القلوب البيضاء وفاق واتفاق .
لا وشاية ولا نميمة في قاموس النجوم ، قلبنا أبيض وطاولة حوارنا خضراء .
ودعوة خالصة للذين يمارسون مهنة الوشاية والنميمة، أن يبتعدوا عن قلب النجوم لانها غير معنية بأدران النفوس الضعيفة ، وماضية بقوة للتحليق عالياً في آفاق الثقافة والجمال والسلام والمحبة .