مجلة النجوم – سيدني..
ذاكرة مكان
Tasmania – Coles Bay – أستراليا
بقلم: دينا سليم حنحن
Coles Bay مدينة أسترالية تقع على الساحل الشرقي لجزيرة تسمانيا، على بعد 192 كيلومترًا شمال شرق هوبارت و 173 كيلومترًا جنوب شرق لونسيستون. يبلغ عدد سكانها 353 شخصًا بما في ذلك المنطقة المحيطة.
وصلتُ المنطقة المذكورة، فازدادت غربتي، وبدأتُ أسبح في السّماء مثل كائن بلا جناح، أصفّق بكذبة الهواء، وأتمنى ألا أسقط مثل نسر جريح.
امتلأت السُحب في السّماء، هل يسقط المطر؟ تساءلتُ، وإن سقط، يبقى داخلي يحمل كل هذا الجفاف، قلتُ:
لم أستطع أن أمطر بعين واحدة، بل سأمطر بعيني المؤجلة والدمع لا يكفي.
هبّت ريح خفيفة، تصيّدتُ المشهد الماثل أمامي، وقلتُ:
لن تأتي الرياح، لا أريدها أن تعصف بكل هذا الجمال!
تذكرتُ الوطن، أهديناه سنوات عمرنا، لم يحتفظ فينا، وبدأنا نبحثُ عنه في أصقاع العالم، صرختُ وناديتُ:
أيتها البلاد، كلما سبحتُ في الكون أكثر، وتعمقت خطواتي، أبدأ أعد حبل مشنقتي، كيف أجد الراحة بعد الآن، حتى لو تهتُ في شوارع اسمها النسيان؟
استيقظتُ باكرًا، ارتميتُ في حضن الغابة، لم تتسع إلى آهاتي، مشيتُ بين سيقان عملاقة لا تعرفني، تهتُ في غابة السنوات، وكأنني غبتُ عن الوعي لحظة، وعندما استفقتُ أطلّ البحر بسفينة أمامي.
لاح قبطان بثيابه البيض من بعيد، أعدّ نفسه للنزول، لم يكن مكانا سوى للحلم في مخيلتي، وعدتُ مرهقة ومتعبة إلى المنتجع قبل غروب الشمس، انتابتني إغفاءات حالمة أمام موقد النار، إسوّد المحيط أمامي، وبقيت الموسيقى الكلاسيكية تهدهد جنبات الكون، جنة مكبّلة بجوانح الجمال.
قال لي أحدهم، أيقظني من حلمي الناعم: هل أعجبتكِ الغابة، تبقى دائما موطيء أناسيّ!
هل أنتَ ذاتكَ؟ سألته
لا أحد غيري يرسو هنا، هي محطتي الأخيرة، إنه بيتي. أجاب
واستمر الحديث حتى انبلاج الصباح، كان حديثًا وديًا مع إنسان لا أعرفه لم تضع خطواته مثلي، لكنني اعتدتُ بعد كل ضياع، وفي محافل الطبيعة التي أعشق، استعادة خطواتي.
عدتُ أدراجي حيث العاصمة، هوبارت، ومن نافذة الفندق Grand Hobart، والذي تأسس منذ سنة 1852 التقطت صورة الميناء الأكبر في الجزيرة، واستمرت الرحلة لاكتشاف المزيد.
رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=11549