ليث عبد الغني -النرويج
إنتشرت وبكثرة ظاهرة النميمة بين الطلبة والطالبات في المدارس النرويجية هذا العام . وقد سجلت الثانوية التي أعمل بها خمسة عشر حالة بلاغ عن النميمة من قبل الأهالي والطلبة معاً. وتعد هذه الظاهرة الخطيرة من الظواهر التي تشكل قلقا لدى إدارات المدارس مما اضطرت ثانويتنا (( ثانوية هولا) في مقاطعة بوسكرود النرويجية الى دعوة الأهالي وإستدعاء الطبيبة والباحثة النفسانية (( أنيكان سورلي) المتخصصة بشؤون الأطفال والشباب. وقد نوقش الأمر بين الجميع في إجتماع حضره أولياء أمور الطلبة والتربويون المعنيون بالأمر، هذا وقد أوضحت الباحثة سلبيات هذا التصرف وإنعكاساته الإجتماعية السيئة التي قد تسبب مشاكل بين الأهل والشباب معاً ، إضافة الى إستفحاله ليصبح حالة مرضية قد تكون معالجته في مستقبل الشاب اكثر صعوبة وتعقيدا . والنميمة كما هو معروف هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد. وهو مرض إجتماعي إنتشر في المجتمعات الإنسانية ومنها المجتمع العربي وهو داء فتاك سلاحه اللسان ونقل الكلام بدون تروٍ مما يسبب في خلق أزمات عائلية لبعض الأسر المستقرة وأحداث الفرقة بين الأحبة.
وربما تتميز الأناث بهذه الظاهرة أكثر وشيوعها بقليل عنها في الذكور حيث يلاحظ أن في بعض البلدان تنتشر هذه الظاهرة بين عصابات من الأناث. وقد يكون السبب أن الفتيات يجدن بيئة وسلاسة في الإستمتاع مع مواضيع القيل والقال أكثر من الذكور، من خلال الشعور بالقرب من بعضهن والحديث المشترك بما يتعلق بأهتمامهن بالملابس والماكياج وما شابه ذلك، والذي يمنح الفتاة أحياناً إحساسا لرفع أنفسهن من خلال عرضهن لمثل هذه المواضيع ومقارنتهن مع الأخريات اللواتي يصبحن ضحية النميمة. وقد تكون النميمة وصفا لحالة من نسج الخيال وليست حقيقية.
في محور النميمة أختلفت الديانات عن علم النفس في تعريف النميمة. فمن الناحية الدينية هناك تفريق بين مصطلح النميمة والغيبة .في أن النميمة هي نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض للإفساد بينهم، أما الغيبة فهي أن يذكر الإنسان في غيبته بسوء سواء أكان حقيقة أم زورا وكذبا ، أو يقال عنه ما ليس فيه.
أما من الناحية النفسية فعلم النفس لا يفرق بين المصطلحين في المعنى والإستخدام، ويأتي بمعنى أنه (قيل وقال) ، وقد أشار بعض علماء النفس الى أن للنميمة أحياناً جانب إيجابي في حالة إستخدامها لغرض الشعور بالدعم المعنوي أو النفسي وهي من خلال مدح شخصاً ما لترفع من شأنه أمام الأخرين ولتزيد من ثقته بفسه.
هذا وليس لظاهرة النميمة علاقة بتطور المجتمعات لأنها مرض يتعلق بالأنسان نفسه. ولكن المجتمعات المتطورة تعتمد على الدراسات والمعالجات العلمية للحد من هذه الظاهرة، بينما في المجتمعات المتخلفة تتراكم هذه الظاهرة لتصبح مرضا إجتماعيا خطيرا لا أحد يلتفت إليه بالدراسة والتحليل ، وأهم معالجات المشكلة تعتمد أولاً وأخيراً على مقدرة المدارس أو المجتمعات عموما في الشروع بالمعالجة باسرع ما يمكن لكي لا ينتشر هذا السلوك الفردي ليصبح ظاهرة إجتماعية في ذلك المكان. علماً أن للصحة النفسية في بيئة المدرسة أو بيئة البيت دور كبير في المساعدة على ظهور أعراض هذا المرض الإجتماعي لدى الشباب. وأن المعالجة السريعة لهذه الظاهرة ستدعم تقدم العملية التعليمية وازدهارها كما إنها تساهم في كفاءة الشباب في الأعمال الجماعية فيما بينهم مما سيخلق مجتمعا مدنيا و متحضرا.
01.07.2014