في 21 أبريل 1917، وُلد فريد بن فهد الأطرش، الذي أصبح رمزًا للموسيقى العربية، صاحب لقب “ملك العود”، وتوفي في عام 1974 عن عمر يناهز 57 عامًا، قضاها في صراعات ومحن متعددة، بين التشرد والحزن والمرض، إلا أنه لم يتوقف أبدًا عن تقديم إبداع موسيقي يُعد عبقريًا بكل المقاييس.

لم يكن فريد الأطرش مجرد فنان عادي، فقد تميز بموسيقاه الخالدة التي كتبها ولحنها، حتى أصبحت جزءًا من الذاكرة الموسيقية العربية. وُلد في مدينة السويداء السورية خلال الحرب العالمية الأولى، وشهد انهيار الإمبراطورية العثمانية واحتلال بريطانيا وفرنسا لمنطقتنا، مما جعل حياته مليئة بالمصاعب. ثم انتقلت أسرته إلى مصر عندما كان في السابعة من عمره، حيث مر بتجربة صعبة عندما اضطُرَّ لتغيير اسمه إلى “فريد كوسا” بسبب عداء أسرته للفرنسيين.

كان فريد الأطرش يتمتع بتواضع نادر رغم عبقريته في الفن، حيث كان قادرًا على تلحين أغنية في دقائق معدودة، وتجاوز ذلك إلى تلحين أوبريتات ضخمة تتطلب تنسيقًا معقدًا بين الآلات الشرقية والغربية. وكان هو أول من أدخل فن الأوبريت الغنائي إلى السينما المصرية، وهو نوع من الفنون لم يكن معروفًا قبل فريد. في أحد لقاءاته، قال فريد مازحًا عن سبب توقفه عن تقديم الاستعراضات الغنائية في السينما: “اليوم جمهورية، يومها كان في ملكية!”، مشيرًا إلى أن الأفلام الاستعراضية بحاجة إلى تكاليف ضخمة وتنسيق موسيقي وضخم بين عدة عناصر فنية.

كانت من أبرز شريكاته في المسرح والسينما الراقصة سامية جمال، التي كان يمتدحها دائمًا لذكائها وحضورها الجميل، إذ لم تكن مجرد راقصة بل نجمة ذات طاقة فنية فريدة.

أما عن حياته العاطفية، فقد قال فريد في إحدى المقابلات إنه أحب خمس نساء في حياته، لكن لم يفاتحهن بحبه خوفًا من أن يرفضن فيؤذين مشاعره. ومن المعروف أنه لم يذكر حبه لشادية، رغم أن البعض يعتقد أنهما كانا على وشك الزواج في فترة من الفترات.

يحكي المخرج يوسف شاهين عن فريد في سنة 1956، حين كان يعاني من ضائقة مالية بسبب توقف عرض فيلمه السابق، فاجأه فريد في بيته بفكرة لفيلم جديد بعنوان “أنت حبيبي”، والذي حقق نجاحًا كبيرًا بعد إنتاجه.

كما أن الموزع الموسيقي العالمي فرانك بورسيل اختار أربع مقطوعات من ألحان فريد الأطرش، وهي “نجوم الليل”، “حبيب العمر”، “ليلى”، و”زمردة”، ووزعها في أسطوانة تباع في الأسواق الغربية. وعندما سئل بورسيل عن سر إعجابه بألحان فريد، قال إنه اكتشف أنها موسيقى شرقية أصيلة، بعكس ما كان يقدمه الآخرون الذين كانوا يستعيرون الألحان الغربية.

ويذكر أيضًا أن فريد الأطرش كان صاحب موقف ثابت ضد الاقتباس أو سرقة الألحان، بل كان يتهم الآخرين بنقل ألحانه كما حدث في العديد من الحالات التي ظهرت فيها ألحانه الأصلية.

من أبرز محطات فنه كانت أغنية “الربيع”، التي لحنها لفيلم “عفريتة هانم”، بعدما أضاف إليها طابعًا موسيقيًا مميزًا جعلها أحد أبرز الأعمال في السينما المصرية. وكذلك قصته مع الشاعر مأمون الشناوي، الذي قدم له أغنيته الشهيرة “الربيع” بعد أن رفضتها أم كلثوم.

وتظل المبدعات مثل المغنية الفرنسية مايا كازابيانكا والمغني الفرنسي أنريكو ماسياس، اللذين أخذوا ألحانًا من فريد، شاهدين على عظمة إرثه الموسيقي الذي أثر في الموسيقى العالمية، وأثبت أنه فنان لا يقتصر تأثيره على الوطن العربي فقط، بل تعداه إلى العالم بأسره.

وفي الختام، تظل حياة فريد الأطرش وشخصيته مصدر إلهام للفنانين والمبدعين، ولا يمكن إغفال تأثيره الكبير في تاريخ الموسيقى والفن العربي.