هل الصمت وقاية من الخطأ
والكلام فخ قد يوقعك في التهلكة؟

هالة حجازي

تعتبر الأمثال والحكم من أهم الوثائق التاريخية والاجتماعية التي توثق خبرات المجتمعات وتجارب الأمم ووعيها المتراكم ، وهي تراث زاخر عرفه الكون على مدى العصور واختلاف الاعراق والأجناس البشرية.
وكثير من الفلاسفة والحكماء بل وحتى عامة الناس لهم حكم وأقوال مفيدة منحتها لهم الحياة، لكن هناك بالمقابل أمثال قد تفسد بعض العقول وخصوصا أولئك الذين يطبقونها في غير موقعها وعلى عكس مدلولها, يعملون بها في مطلق الأحوال ويرفضون حتى النقاش في صحتها وقيمتها .
كم تأملت تلك المقولة التي إستفزت أفكاري وحركت دبابيس الأسئلة في رأسي ,وما أكثر الحكم والمقولات التي تمدح الصمت وتذم الكلام، .
اذ علينا ان نكون راضيين ,قانعين ,قابعين ومستسلمين بهذا الوباء بحجة أنه أرحم من أن نتكلم, إنها لا تستحق كل هذه الشهرة , لقد استغلوها لتبرير الهزيمة والفشل واحباط الذات.
قالوا: :”الزم الصمتَ إِن أردتَ نجاة”.
وهنا المقصود أن الصمت هو وقاية من الخطأ وأن الكلام فخ قد يوقعك في التهلكة.
من لا يُخطىء لا يتعلم ولا يعرف سر القوة والصلابة أمام مطبات الحياة ولا ينجو من غدر الزمان.
فالخطأ والخطايا التي يرتكبها الإنسان كثيرا ما تتحول في أغلب الأحيان إلى مواقف سامية لادراك معنى العيش وعمق الإيمان الداخلي في أغوار ذاتنا .
عن أنَس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
وكما جاء في الكتاب المقدس “ الجميع أخطأوا وزاغوا وأعوزعهم مجد الله “ “كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون”.
“ قالوا: “الساكت عن الحق شيطان اخرس و.
ولا ننسى ان أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر وكم نحن بحاجة ماسة لإنسان الكلمة الذي ينطق بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم .
الصمت عن ماذا هو الأفضل , في أية مواقف وعن أية حالة , في حالة الظلم , في حالة العذاب , في حالات الثورات والقتل وسفك الدماء ,في حالة الذل والتجريح , في حالة الخيانة والإهانة, في حالة النكران وعدم التقدير من زوج أو زوجة أو ابن وابنة , أم في حالات التعبير عن أجمل المشاعر لحبيب يتشوق لسماع كلمة تعيد نشاط يومه وتحييه ؟.
سألت نفسي : هل التزام الصمت هو الوسيلة الحقة لمواجهة كل المواقف وهل هو الاسلوب الامثل للتعامل مع مختلف نوعيات البشر ؟. فبدون الكلام كيف يعرف المجتمع إلى أين يسير؟ من يزهق الباطل ويحصص الحق ؟ كيف سيعرفنا الناس؟ كيف سنعبر عن مشاعرنا وأنفسنا وأحاسيسنا وأفكارنا ومكنوناتنا؟ كيف سننصح الآخرين ؟ كيف يظهر كل ذلك من دون كلام؟ بل لم أساساً خلق الله اللسان؟ لنتذوق به الطعام فقط !!!!؟.
“اذا الكلام من فضة فالسكوت من ذهب “
هل هي مقولة دخيلة على ثقافة العرب أهل السحر والبيان وفصاحة اللسان وترجمان العلم؟
يقول الجاحظ : “بالكلام أرسل الله أنبياءه لا بالصمت”
“واعلم أن الله تعالى لم يرسل رسولاً ولا بعث نبياً إلا من كان فضله في كلامه وبيانه كفضله على المبعوث إليه “.
وأخيرا وليس آخراً
“الصمتُ حكمة وقليل فاعلها .”