نهى الصراف
يخطيء بعضنا، فيضع أهدافاً حيويةً لتحقيقها في زمن قياسي الأمر الذي يعرقل عملية إنجازها ويجعل الوقت يمر بسرعة عجيبة، من دون تحقيق شيء يذكر.
القلق والتوتر النفسي الذي يصاحب إخفاقنا في كيفية إدارة الوقت لإنجاز أكبر عدد من المهام يعود إلى طبيعة تصورنا لحجم هذا الوقت الذي يبدو لنا في لحظة من اللحظات قصير جداً. كما أن محاولة البعض إنجاز قائمة طويلة من المهمات اليومية بحذافيرها بصرف النظر عن الوقت المتاح لذلك يعد مضيعة للوقت، إذ أن بعض المهمات لن يتم إنجازه تماماً بالشكل الذي نبغيه فتؤجل ضمن قوائم مهمات اليوم التالي وهكذا، لتتفضل الكثير من الأعمال القاصرة وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من الجهد البدني وربما يستدعي شعوراً بالتقصير والذنب.
ويؤكد باحثون، بأن العمل تحت طائلة الضغط النفسي يؤثر في سلوكنا وطريقتنا في التعامل مع أهدافنا مهما كانت بسيطة، حيث يولد شعوراً غير حقيقياً بان الوقت أقصر مما هو في الواقع. ويرى متخصصون بأن الاسترخاء ومحاولة استنشاق الهواء النقي واقتطاع فترات قصيرة لأخذ قسط من الراحة قد يخفف من شدّة التوتر، مع أهمية عدم وضع أكثر من هدف أو مهمة تتطلب التنفيد في خضم وجود مسؤوليات أخرى؛ كأن يدخل برنامج التدريبات اليومية ضمن الساعات المخصصة لقضائها مع العائلة، ما يعقد من سير الأمور ويوحي بمرور الوقت وضياع الفرصة لإنجاز الأعمال وهذا ما يسميه الباحثون بـ “ قائمة الأهداف المتداخلة” التي تكون في الغالب ممتلئة حتى أذنيها بأعمال ومهمات يصعب عملياً تنفيد بعضها أو أغلبها.
من ناحية أخرى، أثبتت الأبحاث على مدى عقود طويلة أنه عندما يتعلق الأمر بالتخطيط لتنفيذ الأعمال المتراكمة سواء في العمل أو المنزل، فإن البعض يقع في دوامة القلق خوفاً من عدم إمكانية الإنجاز والسبب في ذلك كما يراه متخصصون يرجع إلى أن إجراءات الإنجاز تتعارض مع الوقت المخصص لها إضافة إلى تعارض هذا الوقت مع مهمات أخرى لا تحتمل التأخير؛ فربة المنزل التي تحاول أن تقتطع بعض من ساعات النهار في إتمام أعمال تغيير الديكور لبعض أجزاء المنزل، قد يباغتها الوقت فتقصر في أداء الأعمال اليومية الروتينية كتحضير الطعام أو التسوق أو دفع الفواتير، كما قد ينشغل البعض بمكالمات هاتفية غير ضرورية أو يحاول الجمع بين العمل والتسلية كمتابعة برامج التلفزيون أثناء مذاكرة الدروس أو كتابة تقارير العمل، فيما تكرر ربات البيوت بعض من هذه الأخطاء فتحاول إنجاز أعمال التنظيف أثناء الحديث مع الجارة مباشرة أو من خلال الهاتف، الأمر الذي يضاعف الوقت المخصص لإنجاز العمل وربما تحاول تأجيل العمل إلى اللحظة الأخيرة أو إلى وقت متأخر كما أن الأهداف بحد ذاتها قد تكون غير واضحة ومحددة؛ فالتخطيط لتحقيق التقدم في العمل مثلاً ولنيل رضا المدراء يجب أن يضع في نصابه إمكانية ترجمة التخطيط إلى واقع و إنجازات فعلية وليس مجرد إشغال قائمة المهمات بمزيد من الواجبات التي يصعب إتمامها أو تقع خارج إطار الواقعية في مرحلة التطبيق.
ويقدم متخصصون بعض الحلول المنطقية لتتناسب وطبيعة المشكلات التي تواجه البعض في حياتهم اليومية ومنها؛ التخطيط المسبق المقترن بتحديد الزمان والمكان المناسب لإنجاز عمل معين، وعندما يحين الوقت المحدد تعطل أي مهمة أخرى قد تتقاطع مع الصيغة المخطط لها؛ فعندما نخطط مثلاً لإنجاز دراسة خاصة بالعمل في أول أيام الأسبوع في الصباح الباكر، يتعين أن يتم الالتزام بهذا الوقت المحدد بصرف النظر عن بقية المهام الأخرى سواء في العمل أو المنزل.