مجلة النجوم – سيدني
يستمر الفيلم الجزائري سولا للمخرج صلاح إسعاد في حصد الجوائز، إذ نجح في الفوز بالجائزة الذهبية لأفضل فيلم روائي في مهرجان جنيف الدولي للسينما الشرقية.
هذه الجائزة هي الخامسة في مشوار الفيلم الذي بدأ من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بالسعودية في عرضه العالمي الأول. كما حصلت بطلته سولا بحري على تنويه خاص، وحصل سولا على الجائزة بإجماع لجنة تحكيم المهرجان، التي أشادت ببناء السيناريو وتطور الشخصيات وأصالة الحوار والتماسك بين عناصر الفيلم، وقدرة المخرج على تصوير حياة كاملة في ليلة واحدة وكل هذا ساهم في تقديم رسالة إنسانية قوية وذات مصداقية.
الفيلم من تأليف وإخراج صلاح إسعاد وشاركه في كتابة السيناريو سولا بحري التي ألهمته لقصة الفيلم لذلك طلب منها آداء دور البطولة الذي يجسد شخصيتها.
وتدور أحداث فيلم “سولا” – حول القصة الدرامية لسولا، وهي أم عزباء يطردها والدها من بيت العائلة لتجد نفسها مع ابنها دون مأوى. ولا يغادر الفيلم حياة بطلته الرئيسية، حيث اقتبست الكثير من أحداثه من حياة سولا بحري وحياة الناس المحيطين بها وشبكة العلاقات التي تربط بينهم.
وتواجه سولا في الفيلم مصيرا مجهولا والكثير من التحديات، حيث يطردها والدها من بيت العائلة لتجد نفسها ورضيعها بلا مأوى، فتحاول إيجاد مكان آمن وتضطر إلى قضاء الليلة تتنقل من سيارة إلى أخرى مع عدة أشخاص، وطوال ليلة مليئة بالأحداث بين شوارع الجزائر تحاول سولا أن تغيّر مصيرها، ولكنّ للقدر رأيا آخر.
وتصنّف قصّة سولا ضمن التابوهات في الجزائر، فالإنجاب خارج إطار الزواج يرفضه المجتمع الجزائري المحافظ، ويعدّ الخوض فيه مرفوضا أيضا فالمجتمع ينظر إلى الأم العزباء على أنها “عار” و”فضيحة” يجب سترها والتكتم عليها، وتلك وجهة نظر الجميع بدءا من عائلة المرأة ووصولا إلى المجتمع الموسّع.
ولم يتكلّف المخرج في البحث عن ديكورات متنوعة بل اكتفى بالسيارة كمكان رئيسي للأحداث، يحيل إلى انغلاق الفرد الجزائري على أفكار متوارثة، وعدم سماحه لعقله بالتحرر ومناقشة أفكار تتجاوز حدود التفكير الضيقة. كما حاول جعل المشاهدين ينغلقون على أنفسهم من فرط مشاهدة البطلة داخل سيارة طوال الفيلم، علّهم يشعرون بما كانت تحسّ به سولا من انسداد للأفق وفقدان سبل النجاة من هذا المصير البائس والمؤلم.
وكان اختيار السيارة وفق تصريحات صحافية للمخرج نابعا من أن هذه الوسيلة للتنقل تلعب دورا مهما في يوميات الشاب الجزائري، وهي بمثابة ملجأ له يمكنه أن يمارس فيه ما يشتهيه من ممنوعات ومحظورات.
ولإضفاء الواقعية على الفيلم الروائي استخدم المخرج كلمات جريئة ونابية في الحوار بين الشخصيات، وصوّر المشاهد مثلما تحدث على أرض الواقع، ومثلما قد تكون ردود فعل أغلب العائلات والأهل والأصدقاء على حمل بناتهم خارج إطار الزواج.
ولا يقتصر الفيلم على الخوض في هذا الموضوع المحظور بل هو عمل سينمائي مبني على قصّة درامية بشخصيات تتفاعل مع بعضها البعض، وفقا لما يعيشه المجتمع الجزائري.
ومنذ سنوات صارت السينما الجزائرية المستقلة تحاول الفكاك من قبضة السلطة الاجتماعية والأخلاقية بالحديث عن المواضيع الشائكة والتطرق إلى الظواهر الاجتماعية التي انتشرت في الجزائر وصار من الضروري فهم أسبابها ومسبباتها وإن كان عبر الفن السابع الذي ينقل روائيا ووثائقيا تجارب حيّة في التعامل مع المشكلات ومع نظرات المجتمع الرافضة والمستنكرة.
ويرى المخرج صلاح إسعاد أن على السينمائيين الجزائريين ومحبي الفن السابع أن يسعوا-أولا- إلى خلق موجة واسعة من السينما المستقلة ليثبتوا وجودهم في الساحة السينمائية الدولية، وينطلقوا بعد ذلك نحو الإنتاج السينمائي الأشمل.
ويعتبر فيلم “سولا” نموذجا سينمائيا مصغّرا عن عشرات الآلاف من الجزائريات، اللواتي تنقلب حياتهن رأسا على عقب؛ بعد تعرّضهن للاغتصاب أو اتخاذهن قرار الإنجاب خارج إطار الزواج القانوني، فيدخلن في دوامة الضياع بين تحمل المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية وتحمل مسؤولية رعاية طفل لم يعترف به والده ويرفضه المجتمع.
رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=11205