بقلم وعدسة
زياد جيوسي
تجربة جديدة وجميلة في الفن التشكيلي قدمتها مجموعة السنابل للفن التشكيلي في عمَّان عاصمة الأردن الجميل، واحتضنها متحف المشير حابس المجالي، هذه التجربة الجميلة أتت في أول نشاط بعد أن احتفلت المجموعة بالذكرى الرابعة لتأسيسها، فكانت التجربة التي عملت من أجلها الفنانة نهلة آسيا رئيس المجموعة تهدف لعدة أهداف في نفس الوقت، اولها توجيه الإهتمام لجيل الشباب والعمل على تنمية مواهبهم ولذا جرى اختيار ثمانية من الموهوبين لإبراز وعرض أعمالهم، وهم من الجيل الشاب في أوائل العشرينات من أعمارهم وبعضهم أصغر من ذلك، فكانوا مجموعة من ورود في بداية تبرعمها، وثانيها إطلاع الفنانين الشباب والحضور على بعض من خلال جولة قبل الافتتاح على صفحة من صفحات تاريخ الأردن من خلال جولة في أرجاء المتحف، قام خلالها مدير المتحف الشاب مهند المجالي بالشرح المختصر عن هذا التاريخ تاركا للذائقة البصرية أن تتمازج مع الذائقة السمعية للاستماع والمشاهدة، وثالثها إشعار الفنانين الشباب بالإهتمام من خلال رعاية المعرض وإفتتاحه من خلال رئيس رابطة الفنانين التشكليين الأردنيين الأستاذ الفنان والإعلامي والكاتب حسين نشوان.
أحلام هاشم، راما الفرخ، رؤى أبو ربيع، صفاء عبد الهادي، ضحى ملكاوي، عبير اشقيدف، محمد الخطيب، محمد عودة، فنانون بعمر الورود قدموا سبعة وعشرين عملا فنيا مختلفا، ومن جال المعرض بعين المتأمل والمحلق في فضاء الفن التشكيلي سيلحظ أن هناك مواهب وقدرات تحتاج الإهتمام والرعاية، فعدد من الفنانين والفنانات لم يدرسوا الفن ولم يأخذوا دورات فيه، وهنا أعتقد أن على رابطة الفنانين أن يكون ضمن برامجها المتعددة والملموسة الإهتمام بهذا الجانب، إضافة للدور الذي تمارسه وزارة الثقافة الأردنية من خلال معهد مهند الدرة.
يلاحظ أن إهتمامات الفنانون الشباب تنوعت وعكست بعض من أفكارهم وما يفكرون به بحكم السن، فالشابة أحلام هاشم قدمت لوحتين إحداهما كان ترمز للوحدة الأردنية الفلسطينية من خلال زخرفة الكوفيات الحمراء والسوداء على شكل المنمنمات الزخرفية، وبذكاء مقصود جعلت اللون الأحمر وهو رمز للكوفية الأردنية يغطي فلسطين، والأسود الذي يرمز للكوفية الفلسطينية منذ ثورة 1936 يغطي الأردن، وقدمت لوحات أخرى بها جمال وفكرة بين القوة وأحلام الشباب، بينما راما الفرخ وهي شابة في بدايات دراستها الجامعية قدمت لوحة تراثية متميزة وجميلة ولوحة أخرى رمزية لصرخة الشباب في مواجهة دوامة التحديات، ولوحة لأحلام الجيل الشاب في ظل الصراع الذي يعيشه، بينما الفنانة رؤى أبو ربيع كانت رومانسية فيما قدمت فركزت على رومانسية الحب والورود، والشابة صفاء عبد الهادي تراوحت ثلاثة من أعمالها بين الرومانسية مع الطبيعة والأزهار وذاكرة الاردن والألم في عينيّ لاجئة.
الشابة ضحى ملكاوي في أعمالها كان واضح اطلالتها على أعمال كثيرة وتأثرت بها فقد تألقت في لوحة المقعد الخالي ولوحات أخرى مثل الخيل وراقصة الباليه والشابة التي تتلثم بالكوفية الأردنية، بينما الشابة عبير اشقيدف كانت لوحاتها تدل على قدرات فنية وتقنية عالية، ولكن طبيعة لوحاتها والقدرات فيها تثير السؤال عما كان يعتمل في روح هذه الشابة وهي تجهز هذه اللوحات، بينما الشاب محمد الخطيب كان حالة فنية واعدة للغد فيما قدمه من لوحات تراوحت ما بين الانطباعية والألم والرومانسية، بينما الشاب محمد العودة إمتلك قدرات متميزة باستخدام تقنية اللون والأفكار التي تجول بها والتي ركزت غالبيتها على الجمال، وفي لوحة قدمها كانت تثير تساؤلات الشباب عن الغد.
وهكذا وجدت أن المعرض كان فكرة جيدة ومبادرة مهمة تسجل لصالح مجموعة السنابل والفنانة نهلة آسيا، وتكشف عن قدرات شابة يمكن أن تمثل إمتدادا للحركة التشكيلية الأردنية إن جرى الاهتمام بها وتطويرها وتشذيبها وتوجيهها، فطريق الفن التشكيلي شاق وليس بالسهل، والفنانون الشباب المشاركون ما زالوا في بدايات الطريق، ولعل تكريمهم بدروع رمزية يمثل حافز جميل لهم لمزيد من العطاء والتطور، وكرمت رابطة الفنانين التشكليين الاردنيين لجهودها ورعايتها المعرض من خلال درع جرى تقديمه لرئيس الرابطة الفنان حسين نشوان، وجرى تكريم متحف حابس المجالي من خلال درع جرى تقديمه لمديره مهند المجالي على دوره بإستضافة المعارض ودعم الحركة التشكيلية والثقافية في الأردن الجميل.