دلال جويدلندن

 الحبيبة أو الحبيب كامل الأوصاف هي فكرة فانتازية غير حقيقية خاصة أن الكمال نفسه نسبي

كثيرا ما يتم طرح هذا السؤال وتتم مناقشته التي غالبا تنتهي بعبارات مبهمة ونتائج غير واضحة، لأن الامر ليس محددا وهناك ما يشبه الاتفاق المطلق على أن لا أحد يعرف بالضبط ما الذي تريده المرأة حتى المرأة نفسها!!

ولكن لو عكسنا هذا السؤال وقلنا ماذا يريد الرجال من النساء؟

لا أعتقد اننا سنتوصل الى إجابة وافية على الرغم من أن هناك من يصر على أن رغبات الرجال وأهدافهم واضحة. وفي الحقيقة تختلف التوقعات من الشريك خاصة باختلاف الأشخاص والظروف، وكل علاقة بين اثنين هي علاقة مميزة مختلفة عن الأخرى، وحتى تجارب الشخص الواحد تكون مختلفة باختلاف العمر والشريك، لذا فأسئلة عامة من نوع ماذا يريد الرجال أو ماذا تريد النساء تكون غير مجدية.

لكن مجموعة أسئلة يمكن أن يطرحها كل من المرأة  والرجل على نفسه يمكن أن تساعد في تكوين رؤية واضحة عن العلاقة بالشريك، وهل ينبغي إدامتها؟

فعلى سبيل المثال إذا كنت في علاقة مع شخص ما وتشعر دائما انها مثل العمل الشاق، اسأل نفسك، ما الذي يجعلك مرتبطا بهذا الشخص وما الذي يخيفك في الابتعاد عنه؟

هذا السؤال المباشر والواضح قد يجعلك تدرك ان فكرة (ليس كل شيء بخير) وانك متعب دائما هي فكرة غير حقيقية تماما، فقد تكون نسيت تقدير الأشياء الجيدة في شريكك، لأنك أحيانا ترفض أية فكرة إيجابية من دون أن تفكر بها لأنك كونت أحكاما مسبقة وسلمت بأن كل شيء حولك سيء وأن كل تصرف من تصرفات شريكك ضدك، وتنسى دائما أن الجميع حتى السعداء هم ليسوا سعداء دائما.

في الحقيقة ان التوقعات غير الواقعية تمثل جزءا كبيرا من خيبات الأمل في العلاقات العاطفية وخاصة الزوجية، ففكرة الحبيبة أو الحبيب كامل الأوصاف هي فكرة فانتازية غير حقيقية خاصة أن الكمال نفسه نسبي خاضع للرغبات والتوجهات. وربما نجد أن من يوافقنا الرأي او يحقق ما نرغب به هو الكامل والعكس صحيح، بينما يكون الأهم عند تفكير الشخص بالارتباط هو انه يقبل بالمختلف ويقدر هذا الاختلاف لأنه يجده إضافة جديدة الى حياته، فالحب المتبادل وقبول الاختلاف هما المفتاح للعلاقات العظيمة الناجحة.

يشير كثير من الكتاب إلى أن توقعات النساء مثالية جدا من الرجال، وهذا أمر قد يكون فيه شيء من الصحة ولكنه لا يختلف كثيرا عن توقعات الرجال الذين في الغالب يضعون المرأة الشريكة تحت ضغط الرغبة بإرضائهم، بغض النظر عن مسؤولياتها وتغير هورموناتها  ومتاعب الأمومة التي لا يمكن أن تقارن باي شيء آخر. لكن توقعات الطرفين تأثرت كثيرا بالصورة السينمائية التي قدمت عبر سنوات أمثلة للرجل الفارس العاشق الذي يجثو على ركبتيه من أجل المرأة، يعزف تحت شباكها ويقدم لها خاتم الماس بغض النظر عن وضعه المادي. بينما تبدو صور المرأة دائما رشيقة أنيقة جميلة ترتدي أحدث صيحات الموضة وهي بالتأكيد نجمة سينمائية خضعت لفحوصات وتدريبات النجومية كي تؤدي هذا الدور، لذا فقد تراكمت عبر السنوات فكرة أن الشريكة او الشريك ينبغي أن يكون شبيها بنجوم السينما ولا يخفى على الكثيرين أن هناك من تزوج أو ارتبط بامرأة لأنها تشبه ممثلة ما والعكس كذلك.

حسنا ما الذي يريده الرجال او النساء من الشريك؟ يبدو لي أن قليلا من التحليق في الأحلام لا يضر ولكن كثيرا منه يسبب خيبات يخرج بها الحالمون من علاقات لم تنجح لأن التوقعات فيها كانت أعلى بكثير من ما هو على ارض الواقع.