مجلة النجوم – سيدني

بقلم – نضال العضايلة

ربما من اكثر الشخصيات المبدعة في عالم الفن الدرامي التلفزيوني، المخرج، رغم صعوبة عمله ودوره كحجر اساس لا يمكن الاستغناء عنه في اي عمل فني، فهو الذي يطبق الفكرة ويجسدها من خلال الشخصيات والمشاهد على ارض الواقع، وينقلها بصورة متكاملة ومتزنة فنيا للمشاهد ليخرج الفكرة والسناريو باجمل صورة للمتلقي “المشاهد”.

اليوم وبعد ان اشتهر في العديد من المسلسلات يبرز المخرج المتألق أسامة رزق، الذي يعد من اشهر وابرز المخرجيين العالم العربي، نظرا للاعمال التي اشرف عليها وشكل مع الفنان اللبناني بيار داغر ثنائية رائعة اسهمت في بروز واحد من الاعمال الفنية المعروفة، والمتمثلة في المسلسل الرائع ” سرايا 2 “.

واذا كانت الدراما إيقاع الحياة، وأنثى الكون التي نعشقها، والربيع بألوانه الزاهية، وموسيقى الفصول بتناقضاتها، تبتكر لنا الأفكار كي تهذبنا وتعلمنا كيف نحب ونكره، نثور ونغضب، تطوف بنا في العالم كي نقترب من بعضنا بعضاً، فهي مؤنس وحدتنا في المد والجزر، فما بين البحث عن الحرية والمضي في دروب الحب والتحرر من الأنا، فإن لهذا المخرج المتألق دور في انعاشها، لا بل اعادتها للحياة، بعد ان كانت في غيبوبة طويلة.

وما بين دراجنوف، وزنقة الريح، إستطاع رزق ان يوظف واحد من ابرز الفنانين العرب في سابقة درامية، ” السرايا 2 ” كان لها الأثر في زراعة فن حيوي جديد على طريقة بيار داغر الفنان الذي يبدع كلما أتيحت له الفرصة للإبداع.

يقول بيار داغر انه لأول مرة يحتك بالمخرج المبدع أسامة رزق، الذي يعرف تماما ماذا يريد، ولديه نظرة وبعد في كل اختياراته، وسرايا 2 عمل متميز أبدع فيه أسامة رزق وقدم من خلاله وجبة درامية متميزة.

داغر أحب طريقة التعامل الراقية من قبل المخرج (أسامة رزق) في ظل فريق عمل من المحترفين جدا، وهو بالنسبة له اكتشاف جديد لمخرج متميز، فهو شخص مثقف ومحترف، ولديه عين ثاقبة ويختار زوايا تصوير صحيحة تماما، كما يتمتع بروح النقاش الذي يفضي إلى إبداع حقيقي.

أسامة رزق أخرج في العام 2014 المسلسل الدرامي، دراجنوف، ويصور المسلسل تغير الأوضاع الأسرية والحياتية في المجتمع الليبي قبل وأثناء وبعد ثورة فبراير، وخاض تجربته السينمائية الأولى بفيلم كوميديا سوداء قصير بعنوان، العشوائي، من تأليف سراج هويدي وإنتاج وليد اللافي، إذ يحكي قصة شاب عاد إلى ليبيا بعد الثورة، وتبنى أكثر من توجه سياسي مختلف، حتى لا يعتدي عليه أحد.

وفي 2017 أخرج المسلسل الدرامي الاجتماعي، روبيك، من تأليف سراج هويدي وإنتاج وليد اللافي، وفي العام 2019 كانت التجربة الأهم في مشوار أسامة رزق، حيث أخرج مسلسل، زنقة الريح، وهو من تأليف الكاتب عبد الرحمن حقيق، والمنتج الذي أنتج كل أعماله وليد اللافي.

ويعد مسلسل سرايا 2، الذي شارك فيه في ظهور خاص المتألق دوماً الفنان اللبناني بيار داغر بدور الرئيس الأمريكي توماس فيرجسون، دراما تاريخية ليبية تحكي تاريخ طرابلس القديم، في الفترة التي تولت فيها عائلة القرمانلي، والصراع الكبير الذي وقع بين ليبيا والولايات المتحدة، وحرب السنوات الأربعة التي وقعت خلال الفترة بين 1801 حتى 1805، والصراع الذي حدث بين أبناء يوسف باشا القرمانلي على حكم طرابلس.

أسامة رزق وبيار داغر إسمان لمعا في الوطن العربي منذ فترة زمنية طويلة وعرفت بأصعب الأدوار وتعدد اللهجات واللغات وهما الحاضران دوماً لتقديم كل ما يسند إليهم فهما حاضران بتوابل إبداعهم فأثبتا أن السر والتحدي يكمنان في طياتهما.

أما عن داغر فأقول: تخشى البشر العواصف والطيور تختبئ بحثاً عن الأمان أما النسر فينتظرها ويستمتع بها فهي تساعده للتحليق أكثر بين السحاب وهذا ما جعل من النسر بيار داغر مميّزاً وإستثنائياً فالتحليق به يليق، كعين الشمس نجاحه لا يحجب فقد بنى إمبراطورية خاصة به لا تغيب عنها الشمس.

وأما عن رزق فأقول: اكتسب إحترام وتقدير كل من زامله وعاصره من العاملين في مجاله حيث يتمتع بالألتزام والتعاون والعمل بروح الفريق الواحد، وله بصمته الإبداعية المتميزة في العديد من الأعمال الدرامية على المستوى العربي.

وليس أفضل من أستعير ما جادت به قريحة الكاتبة اللبنانية العملاقة مايا إبراهيم ، عندما قالت عن بيار داغر:

وكيف يطوي جناحيه ذلك العاشق للقمم أو بمعنى أصحّ هو فتى أحلام القمم التي تتهافت عليه وتناديه للوصول إليها إنّه بيار داغر الذي يواصل طيرانه قُدُمًا دون الإلتفات للوراء باحثًا عن الأعلى والأسمى.

كحجرٍ كريم نادر يتمنّى المخرجين ترصيع عملهم به ويتباهون بحضوره الأخاذ وكيف لا وهو القيمة المضافة أينما حلّ.

أما اسامه رزق فهكذا يفعل من يملك موهبة الإخراج . غير أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل قد يتعداه إلى مرحلة أرقى، يتجاوز فيها المبدع مجرد إمكانية ممارسة مجاله الإبداعي ليصل إلى إمكانية إنجاز تفرده المميز له وإعلان صوته الخاص.

هذا ليس وضع عام لشتى حقول الإبداع، بل وضع يتعامل معه أسامة رزق بشكل خاص، ويتطلب تحقيقه دفع الكثير من الاستحقاقات، غير أن مهمة السينمائي بهذا الخصوص هي أكثر تعقيداً وصعوبة وتحمل في طياتها قدراً أكبر من المخاطرة.

رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=19087