قرية ساحرة.. حكاية 400 عربي يعيشون فوق السحاب (صور)
خليل الحلي
كثيرون تمنوا السفر من أجل خوض تجربة «ركوب السحاب» من خلال الطائرة، وغالباً ما من شخص ركب الطائرة إلا أمسك بهاتفه لالتقاط صورة لمشهد السحاب من أعلى.
هل أطلقت لخيالك العنان يوماً ما وفكرت في إمكانية أن يعيش إنسان فوق السحاب؟ الأمر يحدث ولست بحاجة لأن تتخيل إمكانية حدوثه؛ هناك قرية يمنية تقع فوق السحاب بالفعل، وعندما تشاهد صورها قد تعتقد أنها من وحى الخيال أو بالأحرى مرسومة أو ضمن مشهد في فيلم خيالي.
إنها قرية «الحطيب» الساحرة البديعة، بمنطقة حراز التابعة لمناخة وهى تابعة لمحافظة صنعاء باليمن.
القرية تم بناءها على أعلى قمة جبلية في العالم، فهى تقريباً القرية الوحيدة في العالم التي لا تمطر عليها السماء أبدا، وذلك لأنها بنيت على سفح جبل مرتفع لدرجة أن السحب تجري وتمطر من تحتها، فنجدها تقع فوق السحاب، لذا فأهل القرية لا يستطيعون أن يروا ما يحدث فوق الأرض فمدى رؤيتهم هو السحاب والشمس.
القرية الساحرة تنفرد بمناظر طبيعية خلابة، تستطيع أن ترى من قمم جبالها لوحات غاية في الإبداع.
وعلى الرغم من أنها تقع على ارتفاع يصل إلى 3200 متر فوق سطح الأرض، فإنها تتميز بجو دافئ ومعتدل، فتتميز بجو بارد جداً في الصباح الباكر في فصل الشتاء، ولكن سرعان ما يصبح جوها دافئاً وجميلاً وممتعاً بعد شروق الشمس.
قرية الحطيب بنيت عام 439-459هـ، وهى تجمع ما بين الطابع المعماري القديم والحديث وما بين الريف والحضر، وتتميز بأنها منطقة جبلية تتكون من عدة قرى وقد تم بناء القرية بحيث تحيطها أسوار عالية وكأنها قلعة محصنة بمنازلها وجدرانها القوية اللاصقة بصخور جبال حراز، فنجدها مندمجة مع المناظر الطبيعية بين الصخور والحقول الواسعة النابتة، لذا تعد من أهم المعالم السياحية والأثرية في اليمن.
ويبلغ عدد السكان بالقرية حوالى440 نسمة تقريباً، وهم ينتمون إلى طائفة البهرة أو «المكارمة» كما يُطلق عليهم في المجتمع اليمني، وهم طائفة إسماعيلية (مسلمة)، والتى يتزعمها محمد برهان الدين الذي يعيش في مومباي بالهند، ويزور القرية كل 3 سنوات، حيث يوجد مزار وقبة حاتم محيي الدين التاريخي، الذي يتوافد إليه عشرات الآلاف من أتباع البهرة كل عام لزيارته.
و البهرة في اللغة الهندية تعني التاجر، وقد سُمي أهل القرية بهذا الاسم لانشغالهم بالتجارة، فقد تميَّزوا منذ القدم بزراعة وإنتاج أجود أنواع البن حيث تُزرع أشجار البُن في وديان القرية، وتسقى من أنهارها، ورغم أن عدد السكان ليس كبيراً فإنهم يصدّرون أجود أنواع البن اليمني.
وعلى الرغم من السحر الموجود بتلك القرية إلا أن أهلها لا يحبذون تواجد أغراب من خارج طائفة البهرة للإقامة بها، فإن كنت سائح لا يمكنك سوى زيارة القرية والتجول بها لعدة ساعات دون المبيت، فرغم وجود فندقان بالقرية إلا أننا نجد أن الفنادق هناك تقبل الإقامة لمن ينتمون لطائفة البهرة فقط، كما أن مساجد القرية لا تقبل الصلاة هناك لمن لا ينتمون لتلك الطائفة، وكذا لا يعترفون بالصلاة في مساجد أي طائفة آخرى.
كما أننا نجد طائفة البهرة تحبذ عدم عرض أو نشر تعاليمها الدينية للطائفة، فنجد هنا أن الشباب أنفسهم من البهرة لا يتعرفوا على تفاصيل تعاليم تلك الطائفة إلا عند بلوغهم سن 25 وذلك ليتيقنوا من اقتناعهم ويتأكدوا من حقيقة إيمانهم بتلك التعاليم.
ويتميز أهالى قرية الحطيب بإرتداء النساء زي من قطعتين مع خمار ملون، ولا يحبذون مطلقًا الملابس السوداء فهم يعتقدون أن ارتداء الملابس السوداء يجلب الحداد والحزن، بينما نجد الرجال يرتدون دائما الطواقي البيضاء، ولا يقوم البهرة بتغطية وجه النساء إلا المتزوجات منهن بينما الفتيات لا يسمح لهم بإرتداء غطاء الوجه.