دينا سليم – بريزبن
الطفل ينبوع الحياة والسيد المسيح أحب الأطفال وخصص لهم من وقته الكثير، وطالب بتهذيبهم والاعتناء بهم، وقد وردت الكثير من الآيات في الأسفار تعتني بهذه الموضوعة بعد أن مورست عادة وأد الأطفال التي انتشرت في أفريقيا، وأستراليا، والإمريكيتين،، وعند مجيء المبشرين المسيحيين إلى جميع المناطق المذكورة شجبوا هذه الممارسات وعملوا على منع قتل الأطفال، وكانوا العامل الأساسي وراء القضاء على هذه الممارسات بين الشعوب التي دخلت المسيحية.
صدر عام 318 قانون في القسطنطينية يجرّم الوأد، وبعد القضاء على ممارسة الوأد، شهدت القرون الوسطى ولادة أول دور للأيتام كتطوير لما كان يتم خلال تلك المرحلة من ترك الأطفال غير المرغوب فيهم عند باب الكنيسة أو الدير، فيتكلف رجال الدين لرعايتم وتربيتهم.
وانطلاقا من ميلاد المسيح وانتشار خبر ولادة الطفل وهو في المذود، حيث لوحق وحصلت بعد ولادته مجرزة كبيرة طعنا في الطفولة، معه بدأ ميلاد العالم من جديد حيث احتلت المرتبة الأولى عالميا رسالة المحبة والحنو على الأطفال ومنحهم الأمان وتخصيص الاهتمام والرعاية لهم من الأولويات، وبما أن أستراليا تمنع قانونيا انشاء مدارس للأيتام وما شابه فتوجد بدائل أفضل، ولن نخوض بهذا الموضوع الآن، ارتأيت أن أزور مكانا منه أستطيع الالتقاء مع مجموعة من الأطفال، ذهبت لزيارة قسم الأطفال في مستشفى (الرويال، بريزبن) الذين يعانون من مرض السرطان بجميع أنواعه، وسألت الأطفال وذويهم عن أهمية الهدية والدور الفعال الذي تقوم به كنيسة (سان فينست دي بول) سنويا لكي ترسم البسمة على الأطفال الذين يعانون، فكان لي هذا الكم من الآراء:
مانويل، طفل في التاسعة من عمره يعاني من (اللوكيميا) السرطان بالدم، قال: أنا أحب المسيح كثيرا، وأتمنى أن تمنحنا الكنيسة هذه السنة صورا له وهو طفل، أنا أقرأ مع والدي في العهد الجديد، وهو يقول لي (المسيح يقف جانبك)، أتمنى لو أراه، لقد حلمت به قبل أيام، لكنه لم يشبه الصورة التي معي، (أخرج الصورة من جيبه لكي يريني إياها)، ليتهم يوزعون لنا الصورة التي رأيتها في الحلم.
سامنثا، طفلة تعاني من ورم سرطاني في عنقها، في الحادية عشر من عمرها، قالت: أنا لا أنتظر الهدية، لكني سأقبلها طبعا، هذه الهدايا لا تغيّب المرض ولست بحاجة لها، سألتها: أي هدية تفرحك؟ أجابت: لا شيء يفرحني أبدا، فلا داعي لكل هذا!
أحمد، طفل في الخامسة من عمره، وصل إلى بريزبن قبل سنتين مع والديه، والدته تمنعت من الافصاح بنوع مرضه، سألتها عن الهدية التي استلمتها، قالت: (لشو تنفعنا الشوكولاتا يعني، سلة فيها شوية محرمات ومشروب محرم، وربما تكون الشكولاطة مصنوعة من مواد غير حلال، منعت أبنائي من التهامها، لو يعطوني بدلا منها فلوس، شو نعمل بالبالونات، أخذت كيس الرز بس )، قلت لها: ( النبي قبل الهدية)، قالت: (نحن ما نقبل شيء من الكنيسة، ولا شيء)، قلت لها: لكنها مبادرة جميلة منهم، وطبعا لن يطالبوا أحدا بأن يذهب للصلاة معهم؟ حينها صمتت وتركتني وذهبت.
أدا، في الرابعة عشر من عمرها، تعاني من سرطان الرئة، قالت: أفرح بالهدية كثيرا، رغم أني لا أستطيع التهام جميع ألواح الشوكولاتا إلا أني أتمتع بها وأتباهى بها، وألتقطت الصور للسلة وأضعها على الفيس بوك لكي يراها أصدقائي، وقد وعدتهم أن آوزعها عليهم عندما يخبروني أني شفيت من المرض، وسوف أفعل شيئا آخر أيضا في المستقبل، هل تعلمين ما هو؟ أجبتها: ما هو؟ قالت: سأنتمي إلى هؤلاء الناس الذين يفعلون الكثير لكي يوفروا هدية سنوية تفرحنا، سوف أتطوع لمساعدة المرضى، أنا أفرح بهذه السلة كثيرا وهذه المرة الثالثة التي أحصل عليها، آمل الخروج من هنا السنة القادمة، لكني لا أحب أن أخسر الهدية.
هند: تعاني من مرض (التلسيميا) في الثانية عشر من عمرها، قالت: وزعت الشوكولاتا على اخوتي وقد فرحوا بها كثيرا، ووزعت حبات التمر على المرضى هنا، أما كيس التين فخبأته في الخزانة لكي لا يأخذه أحد لأني أحب التين كثيرا، سألتها: ماذا فعلتم بالنبيذ، قالت: أبي أخذها وأهداها لصديقه المسيحي في العمل ففرح الأخير بها كثيرا، أما زجاجة الزيت وأكياس الأرز والمعلبات والأشياء الأخرى أخذتها والدتي ففرحت بها كثيرا.