الحياة كالزجاج صلبة وقاسية وعلينا تطويعها
النجوم – خاص
الفنان التشكيلي بسام جبار جاء الى الفن من بوابة الهندسة الزراعية ، ولكنه إنتصر للفنان في داخله وترك الهندسة نهائياً وتفرغ لفنه ، فهو يمتلك رؤية واضحة لعمله ومستقبله، لم يترك مسيرته الفنية أسيرة للصدفة والحظ، بل كان ُمخططاً ماهراً عَبَر بفنه من العراق الى سوريا واخيراً الى أستراليا متحديا ظروفه الصحية البالغة القسوة ، ُمقدما تجارب رائعة وفي أساليب متنوعة لتنفيذ اللوحة الفنية، فنراه متنقلاً من الزيت والأكليرك والألوان المائية الى الرسم على القماش واخيرا الحفر على الزجاج ، ويعتبر بسام من القلائل في العالم الذين يجيدون الحفر بشكل إيجابي مستفيدا من خبرته السابقة في حقل صياغة الذهب والمعادن النفسية .
للفنان باسم محطات متميزة أثرت فيه لولوج الفن، حدّثنا عنها قائلاً « منذ عمر الأربع سنوات بدأت موهبتي الفنية من خلال تشجيع والدي ووالدتي حيث كانا معلمين، كما ثارت لوحة «الموناليزا» والأجواء الايطالية أنذاك والتي كنت أتابعها في تقارير على التلفزيون، وبعدها جاء برنامج (المرسم الصغير) للفنان خالد جبر والذي دعاني للمشاركة في المسابقات التي يجريها وقد فزت في المركز الثالث على العراق. وكان لاعتلال صحتي وبنيتي الجسدية الضعيفة أثراً في تعمقي في الفن لأنه يعوضني عن الأعمال المجهدة والتي تحتاج الى بنية قوية، فقررت أن أكون متميزاً وكان بعض الأصدقاء يسخرون مني لمرضي وصحتي ولكني تفوقت عليهم بالعلم والفن معاً.»
وقد بدأت حالتي الصحية بالانهيار وتفاقمت عليَّ الأمراض ولكن إصراري قد زاد لتطور موهبتي ورؤيتي للفن أيضاً. وكنت أشارك في المعارض المدرسية وأحقق التفوق، وجاء المنعطف في حياتي عندما رفض أهلي دراسة الفن نتيجة لأمراضي وعدم جدواه في العراق أيام الحصار، فاخترت كلية الزراعة وتخرجت مهندساً زراعياً وبتفوق كبير، وفي الكلية إشتركت في معرض جماعي وفزت بالجائزة الأولى.،وبعد الحرب وسقوط النظام تفاقمت الحالة الأمنية في العراق مما أدى الى مغادرتي العراق الى سوريا، وهنا بدأت التفكير جدياً بالعودة الى الفن وقد أثارت أعمالي إعجاب المجتمع السوري ولا سيما لوحات بورترت فحم وألوان مائية وخشبية والرسم على وجوه الأطفال وبعدها مارست الحفر على الزجاج، وخلال تواجدي هناك درست اللغة الانكليزية في المعهد الدانماركي لشؤون اللاجئين، وهنا لفتُ إنتباه المسؤولين بمستواي الفني مما دعاهم الى دعوتي للدخول في المعهد لدراسة الفن وبعدها أصبحت مدرساً لمادة الحفر على الزجاج وقد نجحت في عملي بشهادة الجميع كما شاركت في جميع المعارض التي أقامتها منظمة U.N.H.C.R..»
وماذا عن رحلتك الفنية عند وصولك أستراليا ؟ أجاب بسام» وصلت استراليا لاجئاً عام 2013 ومنذ أيامي الأولى باشرت في مشوار الفن، حيث دُعيت من قبل جمعية الصابئة المندائيين للاشتراك في معرض وقد اشتركت في 3 أعمال زجاجية نالت الإعجاب لمهارتها وحرفيتها ودقتها وجودتها، وبعدها توالت مشاركتي في معارض سيدني وأهمها معرض جامعة سيدني والذي كان بمثابة إنطلاقتي الصحيحة في الفن، فتعرفت على فنانين وشخصيات دعوني الى المشاركة في معارض متعددة. ومن المعارض إنتقلت الى خوض المسابقات لبناء مستقبل فني وتحقيق الشهرة. وقد وصلت الى المرحلة النهائية في كل مشاركتي سواء في الزيت أو الاكليرك أو النقش على الزجاج ، كما أود الأشارة الى أنه تم اختياري من قبل الفنان (راي دانيال) لعمل فيلم وثائقي عن حياتي وقد أنجز الفيلم و تم عرضه في مهرجان الافلام الوثائقية في سيدني وحاز على أربع جوائز» .
ما حكايتك مع الحفر على الزجاج بوصفك من الفنانيين القلائل في العالم الذين يجيدون هذه التقنية ؟
أوضح باسم « أنا أحب تطوير مهاراتي منطلقاً من ايماني بالمبدأ ان الحياة كالزجاج صلبة وقاسية وعلينا تطويعها. ومن هذه الفكرة أن لا شيء مستحيل، عملت على تطويع الزجاج والحفر عليه وإتباع أشكال جمالية، وهذه رسالتي الانسانية والجمالية. ومن أول لوحة نجحت بشكل لافت لانني ومنذ صغري أمارس مهنة الصياغة والتي كان العمل فيها مشابه للحفر، فدمجت الأسلوبين وطورت العمل الى أسلوب شخصي إحترافي لوجود آلاف المشتغلين في هذا الحقل ولكن من ضمن قلائل جداً يعملون على الحفر بطريقة إيجابية.»
لديك فلسفة في الحياة كيف تلخصها ؟ « أعرف أن طريقي ليس سهلاً ولكني مصرٌ، ولدي أمل كبير جداً و بصفة شخصية في عالم الفن وأحلامي ان أتجاوز المستحيل رغم كل أمراضي وأحقق رسالتي ، إذ لا شيء مستحيل يقف أمام إنجازات العقل البشري أو تحطيم المعوقات. فالسر متعلق بك فقط، لأن الحياة تعاش مرة واحدة وعليه يجب أن نحقق الاهداف التي نخطط لها»