بقلم / رئيس التحرير
وديع شامخ
يوحدنا العلم في حقائق كونية مهمة كالجاذبية وكروية الارض وقوانين الفيزياء والكيمياء وعلم الاحياء والكشوفات الدائمة والتي تدل على تكرارية الظواهر وسر دراستها علميا والتثبت من وجودها على مستوى الطبيعة والبشر معا، فقد توصل العلماء الى حقائق مذهلة عن المنظومات الشمسية والكون وكرتنا الارضية بوصفها الساكن الصغير في هذا الكون اللامتناه .
كما واتحفنا العلم في دراسته عن الانسان جسدا لنكتشف ان الخلية التي تكون اللبنة الاولى للانسان بأنها سر خطير في اشتغالها البايولوجي ، وكذا بقية اعضاء الجسد كمعامل بالغة الدقة ومعقدة الوظائف حتى عجز العقل البشري عن تفسير سر هذا العمل العجيب لنظام الاجهزة والاعضاء داخل الجسم البشري، وما زالت كشوفات العلم متواصلة لرسم خارطة جينية للانسان تكون بمثابة خارطة الطريق لتفسير كل الغاز الكائن البشري.
ورغم عدم اليقين الحاصل حول موضوع الدماغ البشري وتعقيد مهامه ودوره لكن الايمان بالعلم ودوره الفاعل المتطور الدائم يبقينا على درجة عالية من المقبولية لمنجزات العلم في كشوفاته حول حقائق الانسان المادية .
…………….
العلم في بعض خواصرة التطبيقية يترك مجالا للحيرة والشك تصل الى عدم المصداقية ببحوثه ودراسته حول مختلف القضايا التي يتم فحصها مختبريا وخصوصا عندما تتناقض الدراسات العلمية الى حد مدهش في نتائجها حول نفس الموضوع في المقدمات و النتائج وطرق المعالجة أحيانا .
لو أخذنا نماذج على سبيل المثال ووفقا لسياق مقالتنا سنجد ما يفيد طرحنا ، «كشفت دراسة علمية حديثة أجريت في جامعة كولورادو بولدر الأمريكية أن تناول مسكنات الألم المشتقة من الأفيون، مثل المورفين وغيره من الأدوية، يؤدي إلى تزايد الآلام المزمنة لدى فئران التجارب. وأظهرت الدراسة التي أشرف عليها الباحثان بيتر غريس وليندا واتكينز أن تناول مسكن المورفين لعدة أيام فقط يؤدي إلى آلام مزمنة تستمر لعدة أشهر…»، «اكد علماء ودراسات على اهمية الخمر وخصوصا النبيذ الاحمر على صحة القلب بينما تناقض غيرها هذا الادعاء ، وهناك دراسات حول القهوة والشاي الاسود والاخضر وجملة من الفواكه والخضروات والاعشاب ، التي تكون ضحية دراسات علمية من قبل مراكز متخصصة وخبراء «.
بهذا تكون الدراسات العلمية غير يقينية في طروحاتها نتيجة لتناقضها اولا وتعارضها مع الكثير من القيم الاجتماعية والثقافية للشعوب . ثم يكون للمزاج البحثي العلمي وحاضناته الفكرية تأثيرا كبيرا على القصد في التوصل الى نتيجة خارج مفهومها المختبري والدراسي ولكنهم يسعون الى تطابق افكارهم مع ما يودون الوصول اليه كوصايا مضادة لطائفة من العلماء يحملون افكارا مناقضة لهم ..
…………….
وفي هذا السياق تدخل صناعة الادوية في اشاعة مزاج الشركات المصنعة ورأسمالها لتسويق المنتج الى المستهلكين ، وهذا الجانب دخيل وطارىء على طبيعة العلم السلمية والانسانية ولا سيما بفرعها الطبي ولكن ماكنة الرأسمال العالمي تدخلت لتفرض وجهة نظرها ، ومن هنا يحدث التناقض في قدرة الادوية المختلفة على معالجة الامراض الشائعة ولاسيما الادوية التي تباع في الصدليات دون الحاجة الى وصفة طبيب .
…………….
ومن طرائف الدرسات العلمية المختبرية والنظرية اثبات الباحثين «ان النظر الى مؤخرات النساء يطيل العمر ، و الاكثار من الجماع الجنسي يقرب الرجال من الله ، تزداد لدى الملحدين معدلات الإحباط و الانتحار و القلق و غيرها مقارنةً مع المؤمنين، وذلك تبعًا لأدلةٍ علميةٍ مقررةٍ من أكثر من 1000 دراسةعلمية، ناهيك عن دخول الطب البديل الذي يشمل «طب الاعشاب ، والمعالجة بالابر الصينية وغيرها «والتي سببت ارباكا جديدا لمصداقية العلم ازاء الجمهور الكبير الذي ينتظر رصانة وموضوعية ومصداقية للدراسات العلمية التي يتوقف عليها حياة الملايين من الناس .
لماذا إذن يفرقنا العلم المختبري بكشوفاته اليومية المختلفة المزاج والنتائج ويوحدنا العلم أيضا في حقائق وثوابت وقوانين كبرى ؟
من المسؤول عن هذه الفوضى القلقة بين الحقائق والوصايا ؟