اعداد

خليل الحلي

ايگولون غني بفرح وانا لهموم اغناي

بهيمه زرعوني ومشو وشحو عليه الماي

عن الحزن في الاغنية العراقية يقال انه حزن تاريخي تعود جذوره الى آلاف السنين فإنسان هذه الارض كان مهموما بكل شيء، هموم بالحياة والموت وصراعه مع الطبيعة وتكيفها، اسطورة موت اله الخصب (دموزي) الذي قادته الشياطين ا لى العالم السفلي . فكان العراقيون القدماء يسيرون مواكب العزاء الحزينة ويطلقون المناحات في طقوس جماعية حزنا على وفاة (دموزي) ونظموا المراثي التي تشبه الى حد كبير مراثي استشهاد الحسين . واستمر هذا الحزن الذي جسدته الاساطير والحكايات العراقية لم يكن حزنا استثنائيا ولا فرديا بل هو صورة لطبيعة مجتمع له خصائص عامة فهذه الارض الغنية بخصوبتها ومياهها الوفيرة وبإنسانها الذكي والمتحدي كانت طوال حياتها عرضة للغزوات وعرفت هذه الارض اغلظ الحكام قلوبا واشدهم قسوة،

غالبا ما نتساءل عن سبب ميولنا الى الحزن أكثر من الفرح وهذه حقيقة سيكولوجية شعوب الشرق العاطفية لكن يبدو بان هذه الصفات توارثها سكان وادي الرافدين منذ القدم حيث اشارت ملحمة كلكامش والكتابات السومرية والبايليه والاشورية لذلك الحزن وتلك العاطفة اذ كان لهم مغنون مختصون في غناء الحزن والنوح والبكاء والعويل وكان يرمز للمغني برأس ابن اوى لان صوته يشبه العويل وقد ذكر كتاب مختصر تاريخ العراق القديم الجزء السادس بان  المغني (كالا) وهو كاهن متخصص بالاغاني الحزينة والمراثي الجنائزية ورثاء المدن التي نالها الدمار، وهو يماثل (الرادود) في وظيفته ويغني الاغاني الحزينة التي تدفع سامعها الى البكاء فيهدئ قلبه، وايضاً هناك مغنية شعبية تسمى (أمو بكيتي) وتعني (أم البكاء او البكّاية) متخصصة في الألحان الحزينة التي تلقى في المآتم وذكرى الأموات والمناحة في بيت المتوفي، وهي معروفة اليوم بأسم (الكواله او الملاية) .. يعود ظهور هذه الانواع من الفنون الى 4600 سنة في بلاد النهرين.ومن هنا ندرك باننا ورثنا تلك العاطفه والميل إلى الحزن عن اسلافنا الكرام اصحاب الحضارات العريقه في بلاد ميزوبوتاميا العظيمة