هالة حجازي

هبرزيةُ القامةِ
مُشرئّبةُ الطلّةِ
تحملُ حقيبةً تُخبىءُ في طياتِها
حفنةً من ترابِ الوطنِ
وردةٌ جفّتْ حاملةً عطرَ الذكرياتِ
و حُلماً شاهقاً كـَ نخلةٍ في السماءِ
يغتسلُ الشعرُ في عينيها
يهمسُ خلفَ أذنيها
على كتفيها غصنٌ يتدلى كـَ شلالٍ هامسٍ
وعلى شفتيها زهرُ اللوزِ وعطرُ الجلّنارِ
ثمةَ حريقٌ يُشعلُ الماءَ
وثمةَ أنثى يفجّرُ حنينُ الماءِ أناملَها
يُوقظُ في أعماقِها أنوثةً غافيةً
تلوذُ .. تركضُ وتركض
تُغني بِـ عفويةِ العصافيرِ
ورقّةِ الناياتِ
وهمسِ السنابلِ
تتراقصُ الفراشاتُ على أزهارِ صدرِها
براجمُ الشمسِ تغمرُ خصرَها
ذفيفُ الريحِ يُشاغبُ أطرافَ حريرِها
لتُظهرَ عاجَ ساقيها
مبتسمٌ وجهُ السماءِ
مُبتسمٌ جسدُ الترابِ
مُبتسمٌ غنجُ السواقي
مُبتسمٌ خدُّ الوردِ
مُبتسمٌ ثغرُها
راعية تتوكـأُ علـى عَصَا أفكَـارِهَا
شَمَّاءُ الحرفِ أنا
هبرزيٌ هوَ
لا سلطانَ لي عليه ولا تَثريب
أُشعلُ أناملي سراجاً
لأجوبَ رحابَهُ
وإن بعثرني التيهُ
فَهَدايتي هوَ
جوهرٌ مكنون
أصوغُهُ كما أشاءُ
يتموسقُ فيّ حدِّ الجنون
يتقطرُ منهُ رحيقُ النبضِ
يتبخترُ عطرُهُ
يثملُني بيانُ سحرِهِ
كَـ هوادجِ الياسمينِ في دمي
هوَ ذاكَ البرقُ
يشقُّ صدرَ سمائي
وذاكَ الرعدُ يسكتُ بهديرهِ أوجاعي
يَعتلـي سماءَ أفكـاري
فترى الوَدْقَ يخـرجُ من خِلالِـهِ
بُكاءَ نايٍ حزيـن أو لحـن فرحٍ رزين
ينهمرُ على أرضٍ عطشى
لا يملأُ شقوقَها سِواه
هوَ رئتي الثالثة
أتنفسُ معهُ حريةَ الكلماتِ
تَتخاطفُني جاذبيةُ السر
ويَضَعني على شَفا السحرِ
لأصحوَ على حلمٍ من الدهشة
قد تحققَ قصيدة
إنهُ سفينَتي الامنه
مَرساتي الراسيه
قُبطاني المجنون
يَمخرُ عبابَ الروحِ
يشقُّ جسدَ الموجِ
يجوبُ مرافئَ الذات
ويرميني كـَ حوريةٍ على شواطئِ الصمتِ
ملاكٌ أطيرُ معهُ بـِ أجنحـةِ الأبجديـةِ
إلى السماءِ الثامنـة
شيطانٌ يَغـوي هدوءَ حرفـي
ويُحيلُني رَاعِيَـةً
تَتوكـأُ علـى عَصَا أفكَـارِهَا
لتُجسِّدَ مُعجِـزةَ الحـرُوف
وتَهُشُّ بِـها على حـُزنِها
لِيَنهمرَ غَيثُ الفرحِ من عينِ السماء