مريم ذياب
بعد أن ذهب الورد أدراج الظّلام
لزاما عليّ أن أكون الآن وحدي
وأن أثرثر ألف ألف عام عن وطن
خبأت أبنائي في جرح على وسادته
فابتاع برؤوسهم للرّبيع بذورا
وطن طالما حذّرته من أزهار نذير شؤم
ألبستها عمري بِنِيّة العطر
ففقأتْ حُلمي بأشواكها
ولم يفهم
وطنٌ منكفئ على الهاوية
يعشق القتلُ أبناءَه
و الموتُ ينتظر أن يضمّ دثارَه عليه
حذّرته ألف ألف دمعة
ولم.. يفهم …
وبعد أن ذبحوا الشّمسَ من الوريد إلى الوريد
ووضعوا الرأسَ في إناء قديم أحبُّه
صار لزاما عليّ أن أكون الآن وحدي
وأنا الآن وحدي
أعدّ التفاصيل الصّغيرة
أحيل النّار على الذّكرى
حتّى.. عصفت حربي الثّانية
وصار الموت أوّل أسمائنا
وكانوا منهمكين في الخطابة
وكنت قد احترفت الكارثة
وأخرجت الجنائز من مساماتي
ولأنّه لزاما أن أكون الآن وحدي
و أنّه لي من الصّبر ما يكفي مائة حرب
ومن الدّمع ما يضرم الورد في القحط
توسّدت قلبي ونمت
نمت…
لأحلم بوطن فالتٍ من الانفجار يردّد..
غدٌ ما.. سيأتي..
وطن أخضر تتيبّس فيه الذّاكرة
فأنسى الرؤوس المعلّقة
التي لم تترك لي الوصايا
وأنسى…
إنائي القديم الذي يشكو فراغ بطنه
إناء يتلمّظ الوجوه
يلمّ الضّحكات من الفلاة
فلم أعد أحبّه…
لأنّي أحبّ أن أكون الآن وحدي
…………………………………