حاوره د. سام نان
يشكل الفنانون العرب في أستراليا باقة ورد جميلة ومتنوعة الألوان، وكل عطر منها يفوح في أرجاء أستراليا ليملأها بنسيم فني عربي أصيل.
ولكن هناك بعض الفنانين الذين يتميزون عن غيرهم بتثقيل موهبتهم بالعلم والمعرفة الفنية والتثقيف.
ومن هؤلاء كان الفنان المبدع خالد الأمير، الذي تمتلئ قصته بالغرائب والأسرار التي كشفتها النجوم لأول مرة عن حياته ومسيرته الفنية المتميزة، فكان لنا معه الحوار التالي:
بداية نريد أن نسمع منك عن بدايتك الفنية، متى بدأت وكيف انطلقت؟
في الواقع وبكل صدق، بدأت موهبتي الفنية في الظهور عندما كان عمري خمس سنوات، وفي هذا العمر كنت ادق على الطبلة وكنت أيضاً أعزف سماعي على الأورغ أي نغمة أسمعها.
حيث إنني نشأت في عائلة كلها فنانين، فلقد كان جدي عازف عود، واخته أيضاً كانت تعزف للملوك قديماً.
فكان هذا أمر مشجع لي جداً وكانت البداية من هنا، فلما علم والدي -وهو ضابط في الجيش، ولكنه كان يغني أيضاً- لم يعارضني، بل شجعني.
فأرسلني إلى معهد موسيقي، حيث درست فيه بيانو، ثم تعلمت العود، ثم الكمان.
وفي عمر التاسعة بدأت العمل وانتقلت إلى الأردن في حفلات، ونشبت الحرب في لبنان، فلم أقدر على العودة، فطلب مني صديقٌ لي أن أذهب إلى مصر وأعمل هناك.
وبالفعل ذهبت إلى هناك، وحضرت بروفا للراقصة فيفي عبده في فندق الماريوت وهناك تعرفت عليها وكانت تستغرب، كيف أعزف بهذه البراعة وأنا في سن العاشرة تقريباً.
فطلبت منها ان تساعدني أن أدرس الموسيقى لأثقل الموهبة بالعلم، فأرسلتني لأدرس في معهد الموسيقى العربية.
وفي بداية الأمر لم يتم قبولي نظراً لصغر سني، ولكنني قابلت الدكتورة رتيبة الحفني، عميدة المعهد آنذاك، ولمست فيَّ الموهبة وأنني أقوم بالعزف والغناء، فشجعتني وتم قبولي، ودرست في معهد الموسيقى العربية.
وبدأت أنمو فنياً، وعملت مع الفنانة فيفي عبده ومع غيرها من المطربين الكبار.
ثم سافرت إلى بلاد كثيرة، حوالي 33 دولة، وكنت أقوم فيها بالعزف والغناء أيضاً.
متى جئت إلى أستراليا وما المشكلات الفنية التي وجهتها؟
جئت أستراليا في عام 2003 وتزوجت وبنيت أسرة، ولكنني واجهت مشكلة هنا، أن الجالية العربية محدودة، وبالتالي صار الفن محدوداً.
ولم استسلم لهذا، ولكنني كنت أغني وأعزف في حفلات كثيرة وفي نوادي ليلية أيضاً.
كيف ترى الفن حالياً؟
الفن في طريق مجهول، في ظل السقوط والانحدار الفني الذي يقوم به أناس جهلاء بالفن والموسيقى، وليس عندهم حتى الموهبة الفنية، بل هم تجار للفن، وللأسف لم يجدوا مّنْ يوقفهم ويتصدى لهم، بالتالي ينحدر الفن من سيئ إلى أسوأ.
على مَنْ تقع المسؤولية في نظرك؟
هذه مسؤولية الجميع من نقابة المهن الموسيقية والمطربين الكبار في كل الدول العربية، فجميعنا يجب أن نتصدى لموجة الفن الهابط ونعيد إحياء الفن الراقي.
لو كان خالد الأمير مسؤول عن الفن في الشرق الأوسط، ماذا كان سيفعل لتطوير الفن؟
كنت سأضع يدي في يد المطربين والموسيقيين الحقيقيين أمثال الفنانين هاني شاكر ومصطفى كامل وجورج وسوف، لنخرج من هوّة الفن الهابط ونوقف المحسوبين على الفن مطربين، أو نعلمهم الموسيقى والتراث الفني، ليكونوا فنانين حقيقيين، لأننا الآن وصلنا إلى قمة في الهبوط الفني.
ثانياً، كنت سأعمل على غربلة المطربين، واختبر مَنْ هو فعلاً موهوب، ممَن هو ليس بموهوب، بل يتاجر بالفن، وأساعد الأول وأعزل الثاني.
لماذا اشتهر خالد الأمير في أستراليا كمطرب، وليس كعازف موسيقى؟
ربما كان هذا فعلاً لسنوات، لكنني بدأت حالياً أقوم بالعزف ولم أكتفِ بالغناء فقط، خصوصاً أن الصوت له حكمه وعمره، ولكن العزف يبقى، فأنا الآن اهتم بالعزف، حتى لا أضيع 4 دبلومات في الموسيقى هباءً.
هناك كثير من المطربين الموجودين في أستراليا، ينتقدون الفنانين الهابطين، ولكنهم في نفس الوقت يؤدون أغانيهم.. كيف؟
المشكلة هنا أننا لا نعلم ماذا نريد، فالشعب هنا أغلبه يعاني من الاكتئاب، ولمّا جاءت الأغنية الهابطة، عملت على خروجهم من هذا الاكتئاب.
ولماذا لم ينصتوا لأغاني أم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، ويفضلون الفن الهابط؟
لأن الفن الهابط هو جديد على مسامعهم وغريب في كلماته المضحكة التي تجعلهم يضحكون، فمثلاً عندما يسمعون «أكبر غلطة في حياتي، إني حبيت واحد واطي» أو أغنية «بحبك يا حمار» تجدهم أكثر فاعلية، لأنهم يريدون الخروج من روتين الحياة.
كيف ترى الفن في أستراليا وكيف يمكن تطويره؟
لا أرى أن الفن في أستراليا متطورٌ، بل هو تابع، بحسب الموجة الحالية في الشرق الأوسط.
أما عن التطوير، فمن الممكن أن يكون هناك تطوراً للفن العربي في أستراليا، خصوصاً وأن هناك رجال أعمال كبار من كل الجاليات العربية، الذين يمكنهم عمل قناة تلفزيونية عربية أو ينشئون معهد لتعليم الموسيقى العربية في أستراليا، ولكن لا أعلم لماذا لم يفعلوا ذلك.
مَنْ هو مثلك الأعلى في الفن؟
أحب الأستاذ وديع الصافي والسيدة أم كلثوم وصباح وفيروز، ولكنني أميل أكثر إلى سلطان الطرب جورج وسوف، لأنه مطرب نادر الوجود وصعب تكراره، أتذكر أنه عمل مدرسة اسمها «مدرسة الوسوف»، ولولاه كان زمن الفن الجميل انتهى من سنين طويلة.
كلمة أخيرة تحب ان تقولها، ولمن توجهها؟
أولاً أوجه شكري إلى مجلة النجوم ورئيس مجلسها السيد والي وهبة وحضرتك كرئيس تحرير على هذه المقابلة الرائعة.
ثانياً أوجه كلامي إلى كل المسؤولين عن الفن في الشرق الأوسط أن ينهضوا بالفن ويعيدوه إلى أصله وزمنه الجميل.