مجلة النجوم سيدني 

هل الطعام النباتي صحي؟

بقلم سهير منير -مستشارة التغذية -واحة سلام

يقبل الكثير من الناس في العالم اليوم على العودة للطبيعة والتغذية النباتية هرباً من مخاطر الأغذية المصنعة المحفوفة بالمخاطر نتيجة المواد الكيماوية والدهون المشبعة فيها. وتفاخر الكثير من المطاعم بتقديم وجبات طعام طبيعية ونباتية، كما لاحظت عند دخولي مقهى “لاندفير” في نتسيرت عليت هذا الأسبوع، حيث تناولت وجبة فطور طبيعية وغنية بعناصر غذائية، رغم أنها نباتية، ورغم أنني شخصياً لست نباتية.

وتتسع اليوم ظاهرة التحول للطعام النباتي نتيجة أسباب أخرى، منها ما يتعلق بالناحية الأيديولوجية، الضمير، المحافظة على الصحة والبيئة. وبصرف النظر عن الدوافع، يبقى السؤال: ماذا يفعل الغذاء الطبيعي لأجسامنا وهل هو فعلاً يجعلنا أكثر صحة أم العكس؟ والحقيقة هي أن الأغذية الطبيعية من شأنها أن تؤدي لأضرار تماماً كما مثلما يمكن أن تكون نافعة، وهذا مرتبط بما نختاره على موائدنا.

على سبيل المثال، إذا انحصر شخص ما في تناول الطعام الطبيعي، وأكل في الصباح الحمص والخبز، وعند الظهر تناول البطاطا المقلية مع صلصة “الكيتشوب” والأرز الأبيض ومشروب الكولا، وبين هذا وذاك يتناول الحلويات، وعند المساء يأكل وجبة رغيف فلافل، سيكتشف عاجلاً أو آجلاً أنه قد تعرض لمشاكل صحية، ربما تكون خطيرة، رغم أن ما تناوله هو غذاء طبيعي. جراء اختياره أنواعًا من الأغذية غير السليمة، فسيفتقد جسمه العناصر الغذائية، من فيتامينات ومواد معدنية، وسيواجه ارتفاع نسبة الدهون في الدم، وتصلب الشرايين، والسمنة، وغيرها. عندما ننتقل للغذاء الطبيعي، ينبغي أن نعي جودة ما ندخله لفمنا.

يجب الاهتمام بتناول أكبر قدر من الخضروات والفواكه والبقول والحبوب والزيوت الطبيعية؛ فهذه الأطعمة تحتوي على البروتينات والكربوهيدرات والفيتامينات والمواد المعدنية، وبالمقابل، ينبغي تناول فيتامين بي12 لأنه متوفر في اللحوم فقط. كما يجب التذكير بأن الخضروات مليئة بالمواد التي تنظف الجسم من السموم وتمنحه الطاقة.

ينبغي أيضاً تناول الطحالب في أطباق الشوربات والسلطات وغيرها، لأنها تحتوي على اليود الضروري لبناء الغدة الدرقية. وتتوفر الطحالب في السوشي الطبيعي أيضاً.وينبغي أن نتذكر أن الغذاء الطبيعي يحتوي على كفاية من البروتينات، إذ تشمل البقوليات كميةً عالية من البروتين، لكنها غير كافية، ولذا يفضل تناولها مع الحبوب، مثل المجدرة. وتحتوي الصويا والكينوا (نوع من أنواع الحبوب) على كمية كبيرة من البروتين، كما يمكن إضافة “التوفو” للأطعمة، مثل الأرز والخضروات؛ وعندها تتوفر وجبة لذيذة ومشبعة.

ويفضل تناول الدهون الطبيعية، مثل الأفوكادو والجوز واللوز والبذور، بعد نقعها بالماء لإزالة الحوامض التي تمنع امتصاص الفيتامينات والمواد المعدنية. وينبغي استخدام زيت الزيتون كواحد من التوابل في الطبخ، لأنه يتأكسد ببطء، ويمكن خلال الطهي استخدام زيت جوز الهند. ومن المهم جداً أن نتذكر أن الدهون المشبعة بالمواد الحيوانية سيئة وخطيرة وتؤدي لسد الشرايين، بخلاف الدهون المشبعة النباتية.

علينا تجنب الأغذية الصناعية الغنية بالسعرات الحرارية التي تفتقر للفيتامينات والمعادن. كما ينصح بتناول الكينوا، بعد إعدادها بشكل جيد ومع معرفة الطهي الهندي. كانت الكينوا طعامًا شعبيًا ومصدرًا أساسيًا للبروتين في دول أمريكا اللاتينية، حيث كانت تزرع في مناطق حبلية. تتميز الكينوا بقيمتها الغذائية العالية، بفضل إحتوائها على البروتين الجيد والألياف والمغنيسيوم والحديد.

من ناحية طريقة الإعداد الغذائي، يعتبرها البعض كنوع من الحبوب، ولكنها ليست من عائلة الحبوب النباتية. يتوفر الكينوا في السوق بثلاثة أنواع: الصفراء (العادية)، والحمراء ذات المذاق الجوزي المميز، والسوداء الغنية بالحديد. يوصى بغمر الكينوا بالماء وغليها لمدة20 دقيقة، وفي بعض الأحيان يخرج منها “أذناب” بيضاء. يمكن تحضير الكينوا مع البصل المقلي والجزر لإبراز المذاق الجوزي فيها. يمكن استخدامها كركيزة رائعة لطهي الخضراوات والحشوة للمحاشي، وفي فصل الصيف يُمكن إضافتها إلى السلطات للحصول على وجبة منعشة ومشبعة.

رابط النشر –https://anoujoum.com.au/?p=20536