هالة حجازي
ليتك حي ترزق لترى ما الذي يحصل في عالمنا
من سفك دماء وقتل وحقد
وظلم وكراهية

نظريتك عن المدينة الفاضلة غير مجدية والصراحة هي كلام فلسفي بعيد كل البعد عن المنطق ولا يمت للواقع بصلة , فنحن لسنا ملائكة والشيطان لم يمت يوماً في داخلنا ولن يموت , نحن لسنا منزهين عن الغلط ولا معصومين عنه، معنا الشيطان وقرينه الذي يسول لنا ما شاء , والشر والخير مزروعين بكل شخص فينا وكل له نصيب ما في طهوره وشروره.

لا أستطيع أن أتصور مدينة فاضلة كل من فيها أتقياء, علماء, فقهاء, أذكياء يملؤون الدنيا قيماً وأخلاقيات ومبادىء ومثاليات , نحنُ جبلنا وفي أغوار ذاتنا الملاك والشيطان, الخير والشر , الحق والباطل . الصالح والطالح ,العدو والصديق إنه التوازن الذي خلقه الله فينا ليكون ذاك الصراع الدائم بين نصفينا، إن تحقيق المدينة الفاضلة في أرض الواقع ضرب من ضروب الخيال يشطح في عالم الأحلام، إنه وهمٌ في مُخيلة المجانين بالمثالية والمهووسين بها, فهي تناقض قوانين السماء, في قوانين الخالق الله هو المحرك الأول الذي لا يتحرك، أو روح العالم يحرك كل شيء وينظمه حسب القوانين والأشكال الأزلية ولا يوجد مدينة فاضلة إلا في جنة الله , جنة الخلد ,جنة الفردوس الأعلى.

أيها الفيلسوف اليوناني الذي إقتحم بآرائه ونظرياته عقول الناس ليتك حي ترزق لترى ما الذي يحصل في عالمنا المعاصر هذا من سفك دماء وقتل وحقد وظلم وكراهية , ليتك حيٌ ترزق لترى بأم عينك ما الذي يحصل في واقعنا المرير المضرج بدماء الأبرياء والملطخ بآيادي القتلى والظالمين.

لقد عددت يا افلاطون ثلاث صفات لدول هي :

“ الدولة التيموقراطية” ( التي يسود فيها الظلم والقمع والعنف)

“الدولة الأوليغارخية” (التي يسودها الطمع والجشع والقتل من اجل المادة والدولة)

“الدولة الديمقراطية” ( حيث تنفلت الغرائز وتسود الديكتاتورية )

هذه الدول الثلاث قابعة الآن في عالمنا لقد كثر يا فيلسوفي المُبجل الفساد والقتل والظلم والاستبداد فالانسانية يا فيلسوفي الطيب معدومة واشبه بالمنقرضة الآن الا ما رحم ربي.

كم أحبك لأنك فكرت بأن تطبق قوانين المدينة الفاضلة على أرض الواقع وكم احترم نظريتك هذه وأقدرها , طوبى لفكرك الطيب ولله در عقلك الرزين وهدفك النبيل ولكن مع الأسف نظريتك لا تطبق في أرض الواقع ابداً وسوف ينتهي بنا الكون دون أن نحقق هذه الأمنية وهذا الحلم المستحيل، بأن نسعد في المدينة الافلاطونية وهذا ليس بغريب لأنها سنة الخالق في خلقه , خلقنا لعبادته, وفضلنا بالعمل الصالح، وأمهل الشيطان الى يوم يبعثون, فالشر والخير , والفضيلة والرذيلة مفاهيم ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها