د. هالا شرارة
كاتبة وإعلامية
هذا الموضوع كان حافزاً للكتابة عنه بعد ما واجهته عقب ترجمتي لبعض القصائد من العربية إلى الإنكليزية والإسبانية لبعض الأصدقاء، وعلى وجه الخصوص قصائد الشاعرة المميزة حياة قالوش..
ما أثار حفيظتي هو موقف “ الشويعريين والشويعرات” الذين يدّعون اعتماد محركات غوغل والفايسبوك والإكتفاء به وذلك إمّا جهلٌ مطبق أو حسد أعمى.
أنا أؤمن بأن الترجمة العلمية والعملية حاجة لا بد منها لدورها البنّاءفي نشر المعرفة. قد تجتاح محركات الترجمة الوظائف التقنية والوثائق العلمية و لكن مستحيل أن تعبُر آلة عن أحاسيس الشاعر . وربما مستوى القصائد المترجمة من إعدادات الفايس قد يقودنا الى السخريةوالقلق من”الروبوتات” التي لم تكتفي بالإستيلاء على الوظائف العادية بل على الفن والأدب كذلك.
إن ترجمة الشِعر عبر شاعر آخر تُجنّب القصيدة” الأصل” متاهات الترجمة الآلية والتي تمارِس أقصى ظلم للقصيدة، حتى على صعيد قاموسها اللغوي، ناهيك عن محتوى وروح القصيدة. وقد استغرقتني قراءة كل قصيدة ترجمتها عدة مرات قبل أن أترجمها بحذر ففعل الترجمة عمل يحسب بقياس على لغتين وثقافتين منفصلتين، وقياس التفاعل القائم بينهما وبنفس الكيفية، فالتأثِير و التأثّر الناتج عن سمة الترجمة هي برأيي إحدى جماليات الحوار الثقافي البنّاء المؤثر على الإبداع الأدبي لكل أمة.
ولعلّ الصعوبة التي تواجه المترجم للشِعر هو ما له ارتباط بالرموز والمميزات الشعبية واختلاف الشعراء من حيث خلفياتهم وأساليبهم. ولذلك هناك موقفين: الأول يعتبر الترجمة جناية لأن لكل لغة وقعها الخاص، والثاني يعتبرها نوع من التفاعل مع الآداب الأخرى.
. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل يُتَرجَمُ الشِعر بأسلوب التأويل أم الترجمة الحرفيةبما أنه هناك صنفين من المترجمين: 1) محترف ترجمة عموما أو 2) شاعر يترجم عن شاعر. التصنيف الأول عبارة عملية تصنيعية قد تحاكي النص الأصلي لكن لا تحتوي خصوصيات النص واللغة وهذا ما أسميه ((الخيانة الخلّاقة)) أما التصتيف الثاني فهو يصيب الهدف من المعنى بقدر الإمكان باعتماد التأويل واحتواء روح النص بإعادة إنتاجه بما يتفق مع أبعاد القصيدة واللغة ~بشرط ~ ألا يتجاوز الحدود في تفسير النص على مزاج المترجم. وهنا يتجلى التفاعل(( الثقافي الخلاّق))في حركة الإبداع الشِعري.
وأخيرا نقف حائرين! هل ترجمةالشعر
أمانة ام خيانة ام وفاء ام إفتراء؟!