«فخور بالتجربة الأردنية لمسلسل مدرسة الروابي للبنات الذي يعرض على منصة نيتفلكس»

نوال القصار

تستقبل الساحة الفنية الأردنية مجموعة جديدة من الشباب والشابات الذين تخرجوا من الجامعات الأردنية في تخصصات الإذاعة والتلفزيون والتمثيل  والمسرح والإخراج والتخصصات الأخرى في مجال الدراما والفن  والذين بدأت اسماؤهم تلمع في عدد من المسلسلات الأردنية والعربية في الآونة الأخيرة، وقد دأبت مجلة النجوم على متابعة هذه الأسماء التي بدأت تلمع وتلفت الانتباه إليها من حيث الأداء والموهبة والشكل والمثابرة والتصميم على النجاح  والانتشار وتحقيق الشهرة.

وفي هذا العدد تقدم مجلة النجوم على صفحاتها الممثل والمخرج محمد الجيزاوي الذي حقق لنفسه مكانة تستحق التقدير وتسليط الضوء عليها من خلال هذا اللقاء في عمان حيث قال عن دراسته وعمله:

«أنا خريج إذاعة وتلفزيون من جامعة جدارة في إربد، وممثل مسرح وتلفزيون، ومؤخراً عندي تجارب سينمائية».

إذا لنبدأ الحديث من هذه التجربة الفريدة  التجربة السينمائية: ماذا تقول عنها؟

« في الواقع التجربة الأولى كانت في  فيلم اسمه «الحارة»  كتابة وإخراج باسل غندور ويحكي الفيلم عن الحارات الأقل حظاً أو النائية، وعن الأطفال والشباب  أو حتى الكبار المعرضين إلى الخطر  والذين لم يتلقوا رعاية أو توجيه وهم في الصغر.  وقد كان الفيلم هو الفيلم الافتتاحي في سويسرا في مهرجان لوركانو وهو ثاني فيلم عربي يشارك في المهرجان بعد فيلم يوسف شاهين المصير الذي انتج عام 1997 وشارك في المهرجان  في عام  2006ويعتبر هذا المهرجان سادس أهم المهرجانات في العالم «

عن فيلم “الحارة” يقول الجيزاوي:

« يحكي الفيلم عن الأوتات والأشخاص الذين يفرضون الخاوات على الناس والمحلات التجارية ومؤسسات الأعمال ودوري في الفيلم دور شاب محترم في الحارة»

الفيلم الثاني الذي شارك فيه محمد الجيزواي  كان إلى جانب  النجمة العربية صبا مبارك  واسم الفيلم  بنات عبد الرحمن وقد تم إنتاج الفيلم بمساهمة من الهيئة الملكية للأفلام ومن المتوقع عرضه من خلال الهيئة ضمن عروض خاصة أو من خلال مهرجان خاص.

نعود مع الجيزاوي  إلى البدايات  فكيف كانت بداية هذا الممثل الشاب الذي بدأ لتوه أولى خطوات النجومية، فمن أين كانت البداية؟  يجيب قائلاً:

«البداية كانت قبل أن أدرس في الجامعة حيث كنت أرافق والدي وليد الجيزاوي وهو ممثل ومخرج مسرحي إلى البروفات وتعلقت وقتها بالتمثيل والمسرح وأذكر أنه لم يكن يوافق على أن أرافقه إلا بعد أن أنسخ درسي 10 مرات وأحصل على درجات عالية في المدرسة.»

بدأ الجيزاوي بعد ذلك يبحث جدياً عن الأماكن التي فيها فن ومسرح منذ أن كان في الصف الثامن أو التاسع ، ويقول حول ذلك:

«أذكر  في تلك الفترة أن حضرت إلى المدرسة لجنة  من مركز الإبداع الشبابي وهو مركز تابع لجمعية خاصة تبحث عن شباب متفوقين من أجل التدريبات المسرحية والحفلات وما إلى ذلك وكان لهذا المركز تأثير كبير على حياتي وأحدث نقلة نوعية بالنسبة لي. أتذكر المسؤول عن هذا المركز هو الأستاذ كاظم الكفيري. كان المركز يعمل مع فئتين من الشباب الأولى هي فئة الأطفال المعرضين إلى الخطر والثانية فئة الأطفال المتفوقين وكنت من ضمن الفئة الثانية. كنا نشتغل على المسرح والمسرح الغنائي بينما كان آخرون ضمن هذه الفئة يشتغلون على الدبكة وغيرها من الفنون. وكان الاستاذ كاظم قد شكل في ذلك الوقت مجلس بلدي للأطفال وعملت هذه التجربة نقلة نوعية بالنسبة لي شخصياً وصقلت شخصيتي بشكل أفضل. وكنت طوال تلك الفترة أنخرط في العديد من التجارب المسرحية إلى أن وصلت مرحلة التوجيهي حيث أقيم في ذلك الوقت في مدينة أربد التي أسكنها وأدرس فيها مهرجان إربد المسرحي وقد شاركت فيه قبل دخولي إلى الجامعة.  أما أثناء مرحلة الدراسة الجامعية فقد بدأت التجارب المسرحية الأكثر جدية.»

يذكر محمد الجيزاوي أن أول نص اشتغل عليه كان للأديب والمسرحي سعد الله ونوس “رحلة حنظلة”، ثم خاض تجربة الإخراج المسرحي  لنص آخر لسعد الله ونوس بعنوان “جثة على الرصيف” والتي عرضت في مهرجان فيلادلفيا المسرحي. يقول الجيزاوي حول ذلك:

«شارك في هذا المهرجان حوالي 17 عرض مسرحي من الدول العربية بالإضافة إلى عروض عالمية وكان عرض مسرحيتنا هو العرض الأخير في المهرجان وكانت المفاجاة بالنسبة إليّ هو أن العرض الذي قدمناه حصل على 6 جوائز وهذا ما لفت انتباه المخرجين في عمان إلينا كشباب من مدينة إربد، أنا وعدي حجازي وخالد صبّاح.»

وكانت الانطلاقة الحقيقة لمحمد الجيزاوي في عمان هي عندما آمن المخرج المسرحي خليل النصيرات بعمله وموهبته ونقله إلى مهرجان المحترفين عندما كان  في السنة الدراسية الثانية في الجامعة حيث اشتغل معه مسرحية بعنوان “يا ليل يا عين”

على صعيد الدراما والتلفزيون بدأ الجيزاوي بالمشاركة في التمثيل في مجموعة سكتشات تلفزيونية من خلال برامج مستقلة وتنتقد هذه الاسكتشات السلوكيات السلبية في المجتمع وتم عرضها على  قناة رؤيا.

من هنا انطلق الجيزاوي إلى أعمال ومسلسلات تلفزيونية ضخمة وذلك عندما اشتغل مع المنتج الأردني عصام حجاوي في مشهد من مسلسل الدمعة الحمرا حيث يقول عن ذلك:

«كانت تلك هي المرة الأولى التي أدخل فيها على إنتاج مسلسل ضخم من ممثلين وإضاءة وتصوير وصدف أن كان المشهد الذي اصوره مع الأستاذ جميل عواد وكنت خائفاً ومتوتراً بطبيعة الحال بأن أقف أمام هذه القامة الكبيرة مثل الأستاذ جميل عواد، ولكن لطفه ودماثة أخلاقه خففت توتري وخوفي.»

ومن التجارب التي يعتز بها الجيزاوي مشاركته في مسلسل «أبناء القلعة» عن قصة الكاتب زياد قاسم وكان المسلسل من إخراج إياد خزوز. أما عن أطرف المواقف التي مر بها خلال عمله في الدراما التلفزيونية فيقول

« اتصل بي الاستاذ عصام حجاوي وسألني ما إذا كنت أعرف ركوب الخير وإجبته طبعاً أعرف رغم أنني لم أركب الخيل في حياتي ولكن التحدي والتجربة تستحق أن أخوضها وأن أتعلم ركوب الخيل من أجل أداء الدور بشكل مناسب وكان ذلك من أجل مسلسل بدوي اسمه «نوف « مع الأستاذ محمد المجالي وكانت هذه المرة الأولى التي اشتغل بها في عمل بدوي وأخذت دور شخصية رئيسية. في الواقع ولأني أول مرة أتحدث اللهجة البدوية كنت خائفاً من أن لا أتقنها ولكن تشجيع الأستاذ عصام ودعمه جعلني أخذ الدور وكذلك الفنان محمد المجالي الذي ساعدني كثيراً وكنت أسأله عن اللهجة وعن السلوكيات وغير ذلك».

تنوعت أدوار محمد الجيزاوي بعد ذلك بين الكوميديا والتراجيديا وذكر من الأدوار الصعبة التي عمل به دوره في مسلسل «الخوابي» حيث تكمن صعوبة الدور في اللهجة وتركيبة الشخصية.

ولكن كشباب يعملون في مجال الفن والدراما الأردنية التي تواجه ظروف صعبة ، ما هي أكبر التحديات التي تواجهكم على صعيد الإنتاج وعلى الصعيد المالي وعلى الصعيد العربي خصوصاً  مع زخم الإنتاج العربي المشترك في هذه الأوقات؟

يجيب الجيزاوي:

«أعتقد أن الدراما الأردنية في خضم كل هذه الأعمال العربية وأسعار النجوم الهائلة ومع وجود منتج أردني يغامر فعلاً لإنتاج مسلسل أردني في ظل هذه الأجواء  أمر في غاية الصعوبة. لذا وعند  توقيع العقود على سبيل المثال، نحن نعرف تماماً صعوبة بيع المسلسل الأردني للمحطات العربية في ظل هذه المنافسة الشديدة. لذلك نوافق على الأسعار المعقولة التي تعرض علينا».

رغم ذلك هل وجد المسلسل الأردني موطيء قدم له؟ يجيب:

«نأمل ذلك، ونقول على آمل أن يكون للمسلسل الأردني مكان على الساحة العربية»

وكشباب ما هو المطلوب منكم للوصول إلى الدراما العربية المشتركة؟ هل المطلوب دور أردني رسمي فعال؟ يجيب بصراحة قائلاً:

«لدينا مشكلة في النصوص كشباب وطبعاً خطوات جدية ورسمية من جانب الدولة بالتأكيد»

ولكن هناك كتاب اردنيين وأسماء كبيرة فلماذا لا يتم الالتفات إلى أعمالهم؟ يجيب:

«سأقول شيئاً: عندما يتم إنتاج عمل من كتابة الدكتور وليد سيف خارج الأردن يكون المسلسل عظيماً و»يكسر الدنيا»، ولكن لا أدري لماذا لا ينجح الأمر هنا داخل الأردن، فمثلاً قصة الكاتب الأردني جمال ناجي وهي قصة أردنية بحتة، تم تصويرها كمسلسل سوري في حارات سوريا ونجح المسلسل بشكل كبير،،، هذا أمر محزن».

بصراحة ورأيك الشخصي في مسلسل مدرسة  الروابي الذي يعرض على منصة نيتفلكس العالمية و الذي أصبح حديث الساعة الآن على الساحتين الأردنية والعربية؟ يقول الجيزاوي:

«لدينا مشكلة في الأردن، مشكلة واقعية فعلاً وهي عندما نرى أي شيء في الشارع أو في بيوتنا ثم نراه على شاشات التلفزيون ننكر أن هذا الشي موجود في مجتمعنا. لماذا؟ هذه امور ومشاكل  موجودة فعلاً؟.  لماذا ندفن رؤوسنا في الرمل ونقول إن هذه السلوكيات أو هذه الأشياء غير موجودة في مجتمعنا». ويضيف:

« في الحقيقة إن الموضوع الأساسي لمسلسل مدرسة الروابي للبنات وهو التنمر هو موجود فعلاً في معظم المدارس، إن لم يكن في جميعها، في المدارس الحكومية كما في المدارس الخاصة ومع البنات مثلما مع الأولاد. وحتى الحكي واللهجة التي استخدمها المسلسل وهي الجمع بين العربي والإنجليزي، نعم هذا يحدث فعلاً. المسلسل طرح قضية مهمة جداً وهي قضية التنمر الموجودة فعلاً في المدارس وتؤثر على نفسية الطالب أو الطالبة حتى مرحلة متأخرة من الحياة وتشكل له أو لها أزمة نفسية والمؤسف أن الأهل لا يسمعون لأولادهم ولا يخطر ببالهم أن الأمر يستدعي مراجعة الطبيب النفسي. وبالنسبة لي أرى أنها تجربة تحترم بكل مقاييسها، كموضوع وكتجربة أردنية على منصة عالمية، وأنا فخور بالمخرجة تيما الشوملي».