#مجلة_النجوم_سيدني 

بقلم الكاتب والشاعر نعيم شقير

هذا المخلوق ، حتى لا نقول هذا الإنسان ، المكون من لحم ودم وأطراف ، والمزين بشاربين والمبتهج بذكوريته ، التي يترجمها كل مساء ضربًا ونهشاً وافتراساً .. انما هو جلاد في مأساة تتكرر كل مساء وبنجاح يدفعه إلى الاستمرار ، بطلتها زوجته التي هي في عرفه نعجته وضحيته بلا زيادة او نقصان وسط صمت البقية من المشاهدين ووسط تصفيق البعض الكثير للدور المثير ..

هو الرجل كما تدل الأوراق الثبوتية ..

وهي المرأة كما تقول المسرحية ..

هو سيدها كما تقول الأعراف ..

هو شاريها كما يظن القدماء ..

هو مالكها كما قول وثيقة الزواج ..

وهي نصفه الأحلى كما يفترض ..

وهي شريكة حياته كما تقول الشرائع ..

لكنها كبش المحرقة كما تثبت الأدلة ..

هي التي يترجم على جسدها سعادته كلما خطر على باله ، ويرسم حقده على أعضائها ، وفرحه على شعرها ، وجنونه على أحاسيسها ، ووحشيته على خريطة جسمها التي لكثرة ثقوبها وعيوبها واحزانها صارت تشبه لوحة من ” الكروشيه والدانتيل ” ..

***

لا يا حضرة الذكر ..

ليس بالضرب تثبت رجوليتك ..

ليس بالقبضات تتأدب المرأة ..

ليس بالوحشية تعاقب الزوجة ..

ليس بالافتراس تحلل المرأة ..

ليس بالانتهاكات تكون فاكهة المساءات ..

فالمرأة .. هي أمك قبل ان تكون زوجتك ..

المرأة .. هي أختك قبل ان تكون ذبيحتك ..

المرأة .. هي طفلتك قبل ان تكون نعجتك ..

المرأة .. هي حبيبتك قبل ان تكون دجاجتك ..

هي بشر ، بل أحلى البشر ..هي نصفك الأحلى ..

هي نصفك الأغلى ..

هي كلك الأجمل ..

هي كتلة من كرامات وأحاسيس قبل ان تكون من لحم واعضاء ..

هي أمنا حواء ..

هي الحضن الدافىء والصدر الحنون والوجه المنثور قمحًا وخيرات ..

هي ست الحبايب ، لا ترشق بوردة ..

هي الحبيبة التي تطرز لها القصائد بأبيات من حبق وياسمين ..

هي الساكنة بين الضلوع جمرة تلذع المشتاق وذكرى تشتعل في الآفاق ..

هي التي تستقبل همومك كل مساء ..

هي التي تلجأ إليها عند كل اشتياق ..

هي التي تختبىء في جوفها بعرق التعب وحزن الليالي المضاءة بقنديل كاز شارف زيته على الجفاف ..

هي التي تبكي بين يديها .. واحيانا عند قدميها طلبا للسماح والمعذرة ..

هي التي تسامح على الدوام ، وعلى حسابها غالب الأحيان ، لإن صدرها يتسع لكل همومك ومصاعبك ، ويشرب كل متاعبك وانانيتك ..

هي التي تتحمل أنفاسك وزفراتك والخلجات ..

هي التي تفترش تعبك وتستره بجسدها والآهات ..

هي التي تلتحف دموعك السرية تحت شجر الخسارات ..

وانت يا صاحب القبضات ..

ترسم رجعيتك على خريطتها الملساء .. وتلونها بالأزرق والأحمر والكدمات .. وتحدث فيها نوافذ وردية تنزف وجعًا وحقدا وكرامات..

***

في الكتب السماوية ، وفي ملاحم الشعراء والادباء وفي احكام الفلاسفة وفي سير العظماء وفي الحكم والأمثال ..

ليست المرأة الا الجمال ولم تكن يوما الا كتلة من حنان ودوما كانت آلهة الحب ..

هي مخلوق ضعيف يكمن سره في ضعفه ..

وفي الوجه الآخر هي مخلوق قوي منحه المولى سر الخلق وبركته ..

قيل الجنة تحت أقدام الأمهات ..

فلنركع عند اقدامهن .. ونطلب السماح والمغفرة ..

ونتعلم منهن حقيقة الحياة وأسرارها ..

ونرتشف من رحيقهن العمر قطرة قطرة ..

ونقدم الاعتذار دمعة دمعة ..00

ما أكرمهن إلا كريم وما اهانهن إلا لئيم

رابط مختصر:  www.anoujoum.com.au/?p=14186