ليث عبد الغني
التَشاعُر تعني باللغة اللاتينية الإمباثي (Empathy ). هو مصطلع يوناني قديم استخدمه الاطباء الالمان في مجال علم النفس الجمالي عام 1710. لكن العرب استخدموه وتناولوه من الجانب اللغوية.وهي كلمة قلما تجدها في كتب اللغة العربية.
ومعنى التَشاعُر هو ( الإحساس بمشاعر الآخرين ) أو القدرة على معايشة حالة الأخرين, و فهم الشعور في عمق ما في دواخل الأخر, وهي تعبير عن انفعالات وجدانية بسبب ظروف قاهرة يعيشها الآخر والتحكم فيها من قبل المتلقي , وقد عرفت ايضاً على انها عملية تفاعل وأستجابة للمشاعر التي يبديها الآخرون, وتنتج كأنها امتصاص ما يعكسه المتلقي من هموم أو وجع داخلي يعيشه الأخر وهذا الإحساس يأتي بشكل لا ارادي بسبب خبرة الشخص المتلقي وقدرته على هذا الفعل الذي قابل أن يتعلمه المرء.
لقد أطلق بعض المترجمين على وصف التشاعر بأنه التغلغل العاطفي أو التقمص الوجداني،كما أشرنا أعلاه، وهو الإحساس بالعمق الداخلي للآخر. ويعني مشاطرة المشاعر وتفهم عواطف الآخرين داخلياً دون البوح بالمشكلة من الطرف المتلقي. و التشاعر لا يعني التعاطف ((Compassion أو المشاركة الوجدانية (Simpathy) الشفقة . لأنها عملية مشاركة الأشخاص في الأحاسيس والعواطف والأفكار إضافة الى التفاعل العملي وفهم مسبق للسلوك المتوقع، وهي خاصية بناء ثقة مرغوبة في الأداء العملي، كما واستخدامها ليس لغوياً كمواساة شخص ما لشخص آخر لديه فاجعة أو مشكلة. والتشاعر يأتي من خبرة فهم حالة الآخر من خلال إحساسه الداخلي وهي عملية تعبر عن القلق على الآخر وهي داعمة لرفع من السلوكيات الاجتماعية الإيجابية.
لقد أشار أ.د. سامر جميل رضوان في دراسة نفسية عن ال (Empathy) نشرت في الانترنت تحت عنوان ( التعاطف) وقد أختلف معه في تسميتها. فالتعاطف (Compassion)كما أشرت سابقاً هو اظهار المشاعر تجاه الأخر وهو عكس التشاعر وهو اخفاء المشاعر تجاه الأخر.
وما اشار اليه أ.د. سامر جميل رضوان هو أن التشاعر “ كما يقول روجرز الدخول إلى عالم الإدراك الشخصي للآخر والاستقرار في هذا العالم. إنها تحتوي كل لحظة من التحسس لمعاني المشاعر المتبدلة التي تعصف في هذا الآخر، القلق، الغضب، الحنان أو البلبلة أو أية حالة من الخبرة التي يعيشها أو (تعيشها) في اللحظة الراهنة. إنها تعني العيش في حياته مؤقتاً والدخول فيها والتحرك بدون أحكام وإشباع معاني المشاعر التي قلما يشعر بها هو، ولكن عدم المحاولة هنا إزاحة الستار عن المشاعر التي هي بالنسبة له لاشعورية على الإطلاق، إذ أن ذلك سيكون مهدداً. يتضمن التعاطف مشاركة مشاعرك بعالم خبرته، لأنك تنظر بصورة غير منحازة وغير خائف للعناصر التي يقف الآخر تجاهها مرتعباً. وذلك يعني الاختبار المنتظم معه لدقة إدراكات حسك وأن تنساب مع الإجابات التي تحصل عليها”.
لقد استند هذا المقال على دراسة الأدب على التشاعر والمفاهيم الأخرى المرادفة له والفرق بينها وبين التعاطف والشفقة
( السلبية) ، وهي عملية محاولة لتسليط الضوء على دور التشاعر الفعال في الأهمية الأخلاقية والعلاقة بين المتلقي والأخر الذي يشعر بالألم الداخلي وهي بحد ذاتها ذات قيمة وجدانية أخلاقية عالية تعتبر من الفضائل التي يتحلى بها الفرد . والتي تأتي عن طريق مهارات التواصل بين البشر.
لقد أعتبرت كلمة التشاعر ذات أهمية لدى علماء التربية والاجتماع و النفس وقد عمل الباحثون والمتخصصون تعزيزيها لدى المتلقي من خلال أستخدام الفنون واللعب و تمارين الدراما التي تساهم في تأكيد التضامن وتعزيز روح التشاعر, وقد حدوا مفهومها بقدرة الفرد على تكييف تعبيره العاطفي مع الحالات والأوضاع التي يعيش ضمنها ,وقد اكدوا على استخدام تمارين الدرما في كيفية تعليم وتدريب الفرد في تحفيز قدرته على التواصل والتعايش مع الآخرين وقدرته لفهم وقراءة أحاسيس ومشاعر الآخر الناتجة عن سلوك غير متوازن كالغضب غير المبرر مثلا ً, ومحاولة إيجاد حلول تحد ّ من الأضرار النفسية والحسية والجسمية التي تقع أضرارها على الشخص دون البوح من قبل المتلقي بالمشكلة , وهي قدرة إشعار الطرف الآخر الغاضب بالتقرب العاطفي دون شعوره بالذنب, لذا هنا تمثل القدرة على التعامل الإنساني مع هذه الحالات التي يجب مساعدتها بطريقة حضارية و بتقنية فنية عالية.