مجلة النجوم – سيدني
بقلم نضال العضايلة
ما ينعقد راين ولا نصر منشود
من غير جردة خيلٍ ينضح عرقها
عفيه هلا كريشان على صيت معهود
لا صارت حميا ولا أحدٍ سبقها
إن تأسيس الذاكرة الجمعية يفترض دوماً أن تكون منجزاً يقتضي سمة الاستمرار وفي تاريخ الرجال قصص تروى في سبيل بناء مسيرة تضيف للإنسانية ثراء في قيمها ومسيرتها، ونحن اليوم أمام رجلٌ يوصف بالطيبة وعنوانه الكرامة في الرمز، وهنالك كرامة له في مواطن كثيرة تشكل ذاكرة لتاريخه، ومن هنا يبدأ الكلام عن سعادة السفير الدكتور علي كريشان، ليمدنا بذات وطنية خصبة نذرت نفسها لتؤمن دوماً بهذه الروح العبقة الراسخة في وجدان الحق رسوخ الأردن العظيم.
يقف السفير الأردني في أستراليا مرتديا عباءته التي حملته إلى هناك، بإصراره وتحديه المعهود، هذا الرجل الذي أصبح علامة فارقة في الدبلوماسية الأردنية، ومدرسة حديثة للقيادة السياسية التي يجب أن تمثل الأردنيين.
بالعلم والذكاء والقيادة في الرد والحوار والنقاش والإبداع أثبت الدكتور علي كريشان أن المستحيل لا يمكن أن تجده في القاموس الأردني، ولا يمكن أن تخالف قوانين الوطن والتاريخ والحضارة.
وصفوه بأكثر الأوصاف، وحمدوا مناقبه، وكللوا بالغار وصفه، فاثبت أن هذه الأوصاف حقيقة وليست مجرد كلمات تطلق هنا أو هناك، لأن الرجل يمتلك الخبرة السياسة الكافية التي قادته ليحتل مكانة مرموقة في الدبلوماسية الأردنية، وهو واحد من أصناف الرجال الذين يؤمنون أن العمل بصمت أفضل بكثير من العمل الذي ترافقه الجلبة والصوت العالي.
الدكتور علي كريشان سفير المملكة الأردنية الهاشمية وعميد السلك الدبلوماسي في أستراليا ونيوزلندا واحد من أولئك الذين صمدوا وواجهوا التحدي بالتحدي، وأثبت أنه الأقدر على فهم المرحلة، وهو يعي مطالب جالية حجمها بحجم سماء الأردن والمتمثلة بأبسط الحقوق الإنسانية، لا بل أنه قادر على قراءة المزاج العام بدقة متناهية، ووضع خطوط الخطاب الذي يصل إليه بفعالية. علي كريشان مع حفظ الألقاب، يدرك أن الحشد الإنساني له طابع استثنائي، لذلك هو إنسان قبل أن يكون مسؤول، قرر إعطاؤه وقته وجهده لأولئك الباحثين عن النجاة في غياهب الغربة.
لن نختلف مطلقا مع الكثير الذين يتحدثون عن إيجابيات هذا الرجل، والمزايا العديدة في شخصيته وسلوكه، ولكن الحكم عليه وله، جاء من قبل غير الأردنيين، فلم يكن من الصعب أن نتصور وقوفه إلى جانب الجاليات العربية المنتشرة في أصغر قارة في العالم، فمثله، يحقق ما حققه من حب وتقدير من أبناء هذه الجاليات، فقدم نفسه ممثلا ومدافعا عن حقوقهم وعيشهم الكريم، ربما لصراحته وعفويته غير المعهودة عند الآخرين.
العباءة التي يرتديها سعادة السفير هي واحدة من عباءات الفخر والاعتزاز وهي دليل على شموخ هذا الأردني الرائع الذي يعكس الصورة الرائعة لجاليته التي أثبتت وتثبت كل يوم سمو انتمائها للوطن الأم.
الدكتور علي كريشان، المعروف بخلقه وطيبة قلبه ومواقفه العامة دائما التي تميز من خلالها بحب الناس جميعا، كان ومازال في الصفوف الأولية لعشق الأردن وطن وملك.
هذا الرجل الذي أخذ على نفسه وعلى عاتقه حب العمل العام نعرفه عن قرب، كيف لا وهو من يشهد له القاصي والداني وجوده هناك إصرار على متابعة الطريق، لذلك ستبقى عباءته دليلا على سمو وعظمة هذا الرجل العظيم.
كريشان، الذي ركب سفينته بعد أن أنزلت أشرعتها فأعاد الأشرعة إلى مكانها الطبيعي واستطاع أن يتعامل مع الأمر الواقع في ظل ظروف صعبة، لا بل ملتهبة ولعلها فرصة أن يقف ابن الأردن ليعيد للديبلوماسية الأردنية.
كل الأردن تقف معك وتشد على يديك وكلنا نقف معك ونركب سفينتك التي أبحرت بها لترفع اسم بلدك ورايته خفاقة على كل المستويات.
لم يعول على كريشان يوما على إرث عائلته المشرف ولم يستغل اسمها وسمعتها النظيفة بل ظل رجلاً عصاميا مجديا رغم فخره بما تملكه عائلة من إرث بما قدمته لوطنها وأمتها.
وأخيراً، يعتبر التاريخ الشفوي وتحديداً عن تاريخ رجالات الأردن من الوثائق المهمة التي لا تقل أهمية عن الوثائق المكتوبة لأنها تحفظ جوانب من التاريخ وسيرة الشعوب والمجتمعات الإنسانية، ويساعد الوقوف عليه الحصول على رصيد معرفي وعلمي بتاريخ البيئات الإنسانية التي لم تدون مسيرتها في الفترات الماضية.
شكراً لك سعادة السفير، شكراً على كل جهد بذاته في سبيل وطنك وأبنائه، وفي سبيل رفعته، فنحن الأردنيون لا ننسى المتفاني في خدمة الوطن الحبيب.
رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=17271