خلود الحسناوي ـ بغداد

بفضاء واسع كفضاء الاعلام نجد كثيرا من المفاجأت بين الحين والأخر فقد تجد مذيعا يبرز  في عمل فني او يخفق، او العكس ..وهنا لابد من وقفة نميز فيها  بين الابداع والاخفاق في ماراثون ،الكل يجري فيه نحو النجومية وباي شكل ،

ومابين موهبة التمثيل والولوج الى عالم الاعلام .. اين يكمن ابداع المبـدع ؟

اسماء كثيرة ابدعت في العديد من المجالات  الفنية والاعلامية ولاشك ان اهم هذه الاسماء العراقية تحديدا الشاعر الكبير مظفر النواب ،فهو من كتب ملاحم تكاد تكون اسطورية في مجال الشعر وبشقيه الفصيح والشعبي الدارج وهو ايضا ابدع في مجال الفن التشكيلي إضافة الى جمال  صوته وادائه في الالقاء واذا تحدثنا بشكل شمولي فان  كثيرا من مبدعينا الذين جمعوا بين اشكال الفنون وابدعوا فيها ،

اما من ناحية ان يجمع الممثل بين التمثيل والتقديم الاذاعي او التلفزيوني فبالتأكيد هناك عدد من الاسماء نجحت في العملين ومنهم المذيع الرائد الأستاذ (نهاد نجيب) حيث عرف مذيعا قديرا للأخبار والذي لقب بمذيع الأجيال كذلك ابدع ممثلا فلا يأخذ الا الأدوار التي تظهر قابليات صوته  حيث اشترك بمسلسل الاصمعي و وكذلك المذيعة القديرة السيدة (امل حسين )حيث ابدعت بأدائها في (احلى الكلام) حيث مكنتها اساسيات المذيع من اجادة هذا الدور والممثل احسان دعدوش وغيرهم ..وعن هذا الامر أجرينا استطلاعا للراي مع مختصين ومشاهدين اجابونا عن الاستفسار الاتي :

في ظاهرة ظهرت مؤخرا او موجة تكاد تكون قد غزت الساحة الاعلامية والفنية  وهي دخول بعض الفنانين والممثلين في مجال تقديم البرامج منهم من ابدع وحقق نجاحا بذلك  ، ومنهم من اخفق واثبت فشله في الاثنين التمثيل والتقديم  مارأيكم بهذه الظاهرة وهل هي في مصلحة الفن ام الاعلام ؟ فكل أجاب من وجهة نظره وفق تخصصه او كمشاهد خصص وقتا لمتابعة الشاشة في منزله .. وقد اجمعت اراء واختلفت أخرى حول اين يكمن الابداع  لنتعرف على ذلك من خلال هذا الاستطلاع..

وقد تطرق كاتب السيناريو الاستاذ صباح عطوان الى هذه الحالة ووجودها في البلاد العربية أيضا كمصر حيث ابدع نجوم الفن في التقديم بما جاء بحديثه :

سمير صبري نموذجا للفنان  وبعض نجمات مصر اكثرهن صرن مقدمات برامج  صفاء ابو السعود اسعاد يونس المخرجة ايناس الدغيدي  نجوم الكوميديا في مصر  (البيت بيتك)  وغيرهم بالعشرات هذا على مستوى عربي ، الكفاءة واللباقة  وحسن ادارة  الحوار والحضور  الجريء  هي عوامل  مناسبة لذلك وعلى مستوى العراق هناك من اساءوا  بشكل ملفت ، ومنهم من حقق نجاحا واضحا  فسامي قفطان نجح  في تقديم برنامجا  ما، اذا  في التمثيل والتقديم معا اما غيره  فهؤلاء ارادوا ركوب  الموجة ففشلوا وهم اكثرية ،في الواقع  مهمة تقديم البرامج  تعتمد مهارة وذكاء وحيوية وحضور والثقافة اهم من التقديم..الناس جهلة والمقدم يتوجب ان  يتوافرعلى ثقافة عالية ولغة مهذبة وادارة مقنعه للحوار ،وكما قلت هيصوا مع اللي يهيصون   كي يكسبوا  شهرة  ومال والناس  تنتقد  مستوى  البرامجيين  العراقيين ،لإن غالبيتهم جهلة واميون..

وخفة الدم والروح المرحة تلعبان دورا مهما في نجاح البرنامج ، وربما تكون الممثلة اوسع لغة وخيالا بسبب تراكم الخبرة الغنية وعدم شعورها بالإحراج وقدرتها على تلافي المواقف بدون ان يشعر المشاهد واستشهد بمثالين لفنانتين لهما حضور في الساحة الفنية ..  وقد جاء في حديث  كاتب السيناريو والمؤلف الأستاذ سمير النشمي :ــ

ربما تكون وجهات النظر متباينة في بعض الأحيان ،لكن من الناحية الموضوعية فان التقديم للبرامج اصافة الى انه استعداد فطري مسبق لكنه تتحكم به عوامل أخرى من هذه العوامل الرغبة والاستعداد  لأداء مهمة التقديم وكذلك الثقافة العامة والمتنوعة وكذلك القدرة على السيطرة في المواقف الحرجة وكذلك الشكل  الهندام المنسق اذا كان ظهوره على الشاشة اما ان يكون مثلا ممثلا او غير ذلك فان عامل الموهبة والرغبة والاستعداد الفكري كلها تؤهله لممارسة التقديم فبعض البرامج التي ظهرت على شاشة العراقية شاركت في تقديمها اثنتان من الممثلات الاولى (ايناس طالب) وهي اضاقة الى كونها ممثلة فهي خريجة اعلام ايضا وكان برنامجها مباشر  وتحت عنوان (رمضان عراقي )والثانية (نجلاء فهمي )وهي ممثلة حصرا وبرنامجها (رفعت الجلسة) ومن خلال متابعتي الشخصية  وجدت كلا البرنامجين قد كتب لهما النجاح لان المقدمتين قد ضبطتا التحاور من خلال الاعداد الجيد ومن خلال الضيوف ثم ان الممثلة قد تكون اقدر على الاداء في التقديم اكثر من المقدمة الاعتيادية لان خفة الدم والروح المرحة تلعبان دورا مهما في نجاح البرنامج ، وبعد ذلك الذي اراه ربما تكون الممثلة اوسع لغة وخيالا بسبب تراكم الخبرة الغنية لديها وعدم شعورها المباشر بالإحراج لأنها قادرة على تلافي مثل هذه المواقف بدون ان يشعر المشاهد بذلك وقد تكون المرأة اكثر اقناعا للمشاهد في التقديم من الرجل لان المشاهدين من الرجال قد ينجذبون الى المرأة اكثر من انجذابهم للرجل.

وتدني نشاط المؤسسات الفنية كالمسارح وغيرها وقلة الإنتاج الفني وأسباب أخرى جعلت البعض يبحث عن الشهرة بمجال اخر اشار الى ذلك   الصحفي من كالة الصحافة الفرنسية الأستاذ علي العلاق بقوله :ــ

لفت انتباهي  في السنوات الاخيرة.. وبدأ  ينشط في المؤسسات الإعلامية العراقية بل حتى العربية..وهي تشكل  توجها جديدا للفنانين سيما بعد تدني  نشاط المؤسسات الفنية كالمسارح والأنتاج التلفازي والسينمائي ماجعل الفنانين سيما المبدعين منهم الذين يمتلكون سبل ومستلزمات النجاح في ممارسة  فرص إعلامية قريبة بعض الشي لتخصصاتهم وبالتالي نجاحهم…وهنالك العكس دخل معترك الاعلام واخفق.. شأنهم  شأن الكثير من الاعلاميين  الذين لم يحالفهم الحظ في اخذ دورهم  ربما  لسبب او لأخر في ظل تنامي انتشار المؤسسات الحزبية  او المشخصنة ما قلل من فرص الابداع لأصحاب الكلمة الحرة وتحجيم دورهم ،كما هنالك اخرون يبحثون فقط عن الشهرة  اسيل البياتي / مقدمة برامج من قناة العراقية شبكة الاعلام العراقية تقول :ــ

لا ضير ان يتنوع عمل الفنان بعمل تقديم البرامج كونه يؤدي رسالة ويتم إيصالها للمتلقي في حين اذا كان متمكن من عمله قد نجح بأدائه  ووصل المعلومة ونالت النجاح اما اذا كان غير متمكن من أدواته فأكيد الفشل حليفه ،وهذه الظاهرة اصبحت شائعة بالفترة الأخيرة لغياب النصوص الدرامية الهادفة ولهذا التجأ اغلب الفنانين لتقديم البرامج او بعض وسائل الاعلام تحاول ان تكسب ود المشاهدين من محبة الفنان نفسه وبالنتيجة هو عمل من خلال الشاشة .

وذكر الاكاديمي د. حسن جاسم ان خلود برامج اخذت صداها بوقتها يعود لأسباب :ــ

لكل مجال من مجالات العمل له اناسه ومختصيه …  كما في  مجال الفن فيطلق عليهم فنانون وهم من يجيدون فن  التمثيل في حقليه الدراما والكوميديا وترى بعض الفنانين يبدعون في كلا الحقلين والبعض الاخر ينجح في احدهما دون الاخر وهذه تعتمد على قابلية ذلك الفنان في الاجادة  واستعمال ادواته في ابراز مواهبه وقابليته في ايصال الفكرة الى المتلقي لذلك نقول هذا فنان مبدع وذلك لا … كذلك موضوع تقديم البرامج فله مختصيه  فهنالك برامج  ترفيهية واخرى ثقافية- سياسية    اجتماعية – علمية وغيرها … ورأينا كثير مثل هكذا برامج وعلى سبيل المثال ( برنامج العلم للجميع ) للمرحوم  كامل الدباغ فلم نرى لهذا البرنامج من صدى بعد مقدمه المرحوم آنف الذكر …وكثيرون مثله …امثال خيرية حبيب  ببرنامج عدسة الفن  وغيرها .. ان دخول الفنان في  مجال تقديم البرامج لسببين احدهما اما ان يكون لتحسين الوضع المعاشي له او ان يجرب نفسه في هذا المجال ان نجح فهذا من نصيبه وان فشل فله اسباب هو يختلقها لتبرير فشله و ان هذه الظاهرة انتشرت بعد عام 2003  ولست مؤيدا لهذه الظاهرة  لما لها من اثر في افساد الذوق العام للمتلقي .

وعبرت السيدة/ سهى سعاد الهرمزي ابنة المذيع الكبير سعاد الهرمزي عن رايها بهذه العبارات :ــ

اكيد هذه الظاهرة انتشرت في السنوات الاخيرة طبعا اكيد هي مؤثرة جدا على مسيرة الفن والإعلام ولكن هناك الجيد أيضا قبل كان الاختيار والاختبار صعب جدا وحاليا ومع الأسف اختلف كل شيء.

وبحديث المؤلف وكاتب الدراما الاذاعية الأستاذ شوقي كريم وضح الاتي :ــ

شكلت فكرة التقديم وادارة البرامج التلفزيونية والاذاعية عقدة ليس في العراق فقط بل في جميع انحاء العالم.. وستطاعت ان تقدم اسماء مهمة لانها توافرت على شروط ومقومات المحاور المقدم الذي يجب ان يكون عارفا باهمية وجوده قادرا على كيفيات ادارة الحوار زائدا التأثير النفسي بالمتلقي لهذا نجد ان ثمة الكثير من الاسماء والبرامج اوجدت لنفسها حضورا متميزا.. لم يستطع المتلقي العراقي تجاوزها او نسيانها.. الكثير من عوامل النجاح استطاعت ان تقدم اعلاميا مثقفا واعيا.. وحصيلة هذا الثلاثي كان واضحا في تجارب الكبار سالم الالوسي ومصطفى جواد وفخري الزبيدي وخليل الرفاعي.. لكن التراجعات الاعلامية افقدت هذه التجربة بريقها وشكل الانتشار الفضائي ضغطا على اصحاب المحطات فرحوا يستقطبون انصاف الممثلين غير المؤهلين نفسيا الى تقديم برامج وصلت الى حد الاسفاف والتهريج.. والاساءة الى الذائقة العامة.هذه الاسفافات اوقعت الاعلام  العراقي في حيرة ما بعدها حيرة. هذا غير المقاصد السياسية التي ضخها اصحاب الفضائيات الى الفنان المقدم الذي سقط تحت وابل هذه الشروط والقصدية التي حملت بين طياتها مقاصد سياسية بحته. واختيار فنان ما لتقديم برنامج.دون معرفة قدراته وتوافره على شروط التأثير النفسي للإعلام هي اول بوادر الفشل والتراجع.. لكن يجب ان لانضع اللوم على الفنان نفسه.. وانا هنا اتحدث عن الفنان الحقيقي .. لأنه دخل مثل هذا المعترك غير المناسب لفنه وتاريخه.. فشل الفن في قيادة الحياة ظهر واضحا منذ التغيير حتى اليوم. وجد الفنان نفسه مطرودا خارج دائرة جمالياته.. محاصرا بالكثير من الممنوعات والمحرمات ومع اعلاميات جميعها لاتؤمن بدور الفن وتعتبره رجس من عمل الشيطان.. لهذا اسقطت الفن واخذت الفنان الى حضورها لتجعله وسيلة لتتفيذ مأربها وقد نجحت فعلا في اضعاف الفن وانهاء دور الفنان وتحويله الى متسول يرثى لحالة.. طارقا لابواب لاتليق به.. لفكر الدولة وهويتها دور في انهاء الفن وتأثيرة.. وقد نجحت في ذلك.. الحاجة والعوز هما من وضع الفنان على هذا الطريق دون ان يفكر بالالتزام ودور الفن واهميته بالنسبة للشعوب..

اكد الأستاذ فراس موسى / ‏امين سر الاتحاد العراقي للملاكمة‏ فرع كربلاء على مسالة التخصص موضحا ذلك بالاتي :ــ

لا بأس ان يكون الفنان مقدم برامج ولكن من رأيي ان يكون متخصص ،أفضل كي يبدع لان اي شخص يحب عمله يبدع فيه ولكن اذا كان أكثر من اختصاص سوف تتشتت أفكاره ويتشتت نشاطه الإبداع .

متى ينتصر العقل على الجيب ؟

بقلم : خلود الحسناوي

كثيرة هي المساومات على المستقبل والحاضر وفي كل حقل .. ونحن امام حتمية تحقيق النجاح .. فكيف نحققه ونحن نرى اننا لا نستطيع المنافسة بشرف ؟ نشعر بحزن عميق كمن خسر مباراته وهو يقوم بحزم حقائبه ليقطع رحلة الفوز التي قطع بها اشواطا ؟اين نحن الان ؟؟ هل في وضع دفاع ؟ ام هجوم لايخفى على كل مُطلِعٍ على الوضع الحالي ما آلت اليه وضعية الطالب العراقي وهو يتخبط ويتعثر بعدة معوقات وحواجز،الغاية منها اجهاض العملية التربوية والتعليمية. ومن هذه الحواجز واولها هو سوء الخدمات التربوية.. اي عدم ايصال المادة العلمية للطالب بالشكل الصحيح ،الا يستحق الطالب العراقي ان ينعم بالعِلم .. اليس ذلك حقا شرعيا لكل البشر ؟ فهو الذي قدم والده هدية لأرض هذا البلد او اخيه او من يعوله ،الا يكفي انه يعاني شظف العيش ؟ ونعود الى المعوقات بعد سوء الاداء التعليمي نجد شبح المحاضرات الخارجية او مايسمى( بالدروس الخصوصية ) ذلك الوحش الكاسر الذي تحاربه كل الدول وبشتى الطرق الا في بلادنا فإننا نصنع له اجواءً مناسبة كي ينمو وينتشر بحرية عبر اغلاق الطريق اما الطالب وتعسير الدرس عليه وطلب الاستاذ منه ان يلجا الى المعهد الفلاني او الاستاذ الفلاني كي يحصل على المعلومة الصحيحة ووو الخ ؟؟ بالمناسبة هذه الحالة تنطبق حتى على طلبة الكليات أيضا ..اين دور الجهات المعنية في محاربة هذه الامراض المجتمعية التي تكاد تفتك بأبنائنا مما يسبب لهم شللا عقليا او ربما حتى لأولياء الامور وعدى ذلك .. كيف نطلب الحل والعلاج من جهة هي اصلا معلولة ومريضة وليس لها دور سوى على الورق ؟!! ذلك عبر تسريب اسئلة الامتحانات النهائية الى خارج الحرم التعليمي وهذه جريمة كبرى كالقتل او اشد ولها عقوبات كبيرة فضلا عن كثير من الاجراءات الاحترازية التي تحتاط لها الدولة للحد من هذا الامر، كقطع خدمة الانترنت او تفتيش الطلبة خشية حملهم عِدَة تساعدهم في الغش او او او .. الا يكفي اننا محتلون فكريا ؟؟ الا يكفي ان العقل قد اسْتُعْمِر وليس لهُ من انتصار .. وبالنهاية فان النصر لجيوب المنتفعين من انتشار هذه الأوبئة الاجتماعية الفتاكة وانتشار الجهل وتدمير اجيال كثيرة وتشريدهم في طرقات الهلاك ،متسكعون بين متاهات لا يُعرف لها اي قرار ؟.والحديث طويل .