في ظل الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، يتفهم الوسط الرياضي جيدًا القيود المفروضة. ومع ذلك، يرى المسؤولون الرياضيون أن من حق أبطال التنس في البلاد الحصول على دعم حقيقي – مالي ومعنوي وفني وإداري – تقديرًا لمواهبهم وإنجازاتهم.

هذا الشعور بالإجحاف يتردد على لسان العديد من المعنيين بالشأن الرياضي، الذين يواجهون صعوبات جمة في تأمين الموارد المالية اللازمة لتطوير هذه الرياضة. فالمواهب اللبنانية في التنس حاضرة وبقوة، لكنها غالبًا ما تفتقر إلى “الدفعة المالية” التي تمكنها من تحقيق كامل إمكاناتها.

يبدو رئيس الاتحاد اللبناني للتنس، آلان صايغ، متفهمًا للواقع المرير، بل و”مستسلمًا” له. يقول في حديث لـ”النهار” إن “ثقافة رياضية غير راسخة في صلب تكوين الدولة اللبنانية، وبالنسبة للمسؤولين، تعتبر الرياضة آخر الأولويات وليست أساسية”.

ويضيف: “اعتمادنا الأساسي يكون على أنفسنا وعلى اللاعبين أنفسهم. إنه دائمًا مجهود فردي منهم ومن عائلاتهم وأصدقائهم. نحن بدورنا ندعمهم في كل خطوة، لكن سياسة الدولة غير الرياضية وفلسفتها تجعلنا بعيدين تمامًا عن بقية الدول”.

ويؤكد رئيس الاتحاد أنه لن يطلب مساعدة مالية من وزارة الشباب والرياضة، موضحًا: “نعرف وضع البلاد والوزارة، لذلك لم ولن أطلب دعمًا ماليًا. لكن الدعم الذي ننشده من الدولة واللجنة الأولمبية هو الدعم المعنوي وفتح آفاق التعاون مع دول أخرى”.

أكثر من 60 نشاطًا لدعم التطور

على صعيد آخر، يعرب صايغ عن ارتياحه لتزايد أعداد الأكاديميات واللاعبين والمدربين والنوادي، مشيرًا إلى أن الاتحاد يدعم هذا النمو بطريقتين: “الأولى عبر دعم مدربي التنس من خلال توفير فرص حصولهم على شهادات دولية، والثانية إلزام اللاعبين بالتوقيع مع الأندية، لتسهيل التنسيق بينها وبين الاتحاد”.

ويركز الاتحاد حاليًا على ملفين يعتبرهما بالغ الأهمية: “الأول هو التوجه نحو السيدات ودعم هذه الفئة العمرية المختلفة. ولهذا الغرض، قمنا بتأسيس لجنة متخصصة تهدف إلى تحفيز وتطوير مستوى اللاعبات ونشر لعبة التنس بينهن”.

ويضيف أن التنس تبدأ من سن مبكرة، “ولذلك، فإن اهتمامنا الأساسي ينصب على الفئات العمرية الصغيرة. وفي هذا العام، لدينا أكثر من 60 نشاطًا مخصصًا لهم، يبدأ من عمر السابعة”.

ويكشف عن خطط الاتحاد لنشر اللعبة بشكل أوسع في المدارس ابتداءً من هذا العام، من خلال تنظيم دورات “سريعة” سيتم توسيع نطاقها في العام المقبل.

تصنيف مشرف رغم التحديات

وما يؤكد مسيرة التطور التي يشهدها التنس اللبناني هو تصنيف البلاد المتقدم على المستوى العربي، حيث يحتل المركز الأول في كأس ديفيس، بفضل جهود لاعبين بارزين مثل هادي حبيب وبنجامين حسن وغيرهم.

وكان حبيب (26 عامًا) قد حقق إنجازًا تاريخيًا ببلوغه الدور الثاني في بطولة أستراليا المفتوحة، قبل أن يخرج على يد الفرنسي أوغو أومبير المصنف الرابع عشر.

وفي كأس ديفيس، يتواجد لبنان حاليًا في المجموعة الثانية بعد صعوده من الثالثة، ويتطلع إلى الصعود للمجموعة الأولى في مواجهاته المرتقبة في شهر سبتمبر المقبل.

ويولي الاتحاد الحالي للتنس اهتمامًا كبيرًا بتطوير نتائج المنتخبات الوطنية بجميع فئاتها، إيمانًا بأهميتها كواجهة للبلاد على الساحة الدولية. ويختتم صايغ بالإشارة إلى التحدي الذي يواجههم في استضافة مباريات كأس ديفيس على أرضهم: “لسوء الحظ، تمنحنا القرعة فرصة اللعب على أرضنا، لكن للأسباب الأمنية لا نستطيع خوض هذا الاستحقاق العالمي في لبنان، وهو ما يقلل من استقطاب الجماهير والإعلام”.