
شهدت الرياضة النسائية في لبنان تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، رغم العقبات التي تعترض طريقها. من كرة القدم إلى كرة السلة وألعاب القوى، نجحت الرياضيات اللبنانيات في فرض أنفسهن محليًا وعربيًا ودوليًا، وكان آخر هذه الإنجازات تتويج منتخب الناشئات ببطولة غرب آسيا لكرة القدم التي أقيمت في السعودية.
بدايات متواضعة ومسيرة تطور
بدأت ملامح الرياضة النسائية في لبنان بالظهور في منتصف القرن العشرين مع تأسيس الأندية والاتحادات الرياضية، حيث كانت المشاركات محدودة لكنها مهدت الطريق لنمو الرياضة النسائية. خلال الثمانينيات والتسعينيات، ازدادت شعبية الرياضة بين النساء، خاصة في كرة السلة والكرة الطائرة وألعاب القوى، فيما شهدت كرة القدم بداية ازدهارها في الألفية الجديدة.
كرة السلة: رياضة مفضلة وإنجازات بارزة
تعد كرة السلة من أكثر الرياضات شعبية بين النساء في لبنان، وبرزت فيها أسماء عدة وصلت إلى مستوى الاحتراف الخارجي مثل ريبكا عقل. كما تألقت لاعبات مثل عايدا باخوس، لمى مقدّم، ليلى فارس، ميرامار المقداد، دانييلا فياض، شيرين الشريف، نارين غيوكوشيان، قمر منصور، ياشا زينون وميغري توروسيان، وساهمن في تحقيق إنجاز لافت بالفوز ببطولة آسيا للمستوى الثاني قبل ثلاث سنوات.
كرة القدم النسائية: صعود سريع وتألق دولي
في السنوات الأخيرة، فرضت كرة القدم النسائية نفسها على الساحة، لا سيما على مستوى الفئات العمرية. ويعد فوز ناشئات لبنان ببطولة غرب آسيا خير دليل على ذلك. كما احترفت بعض اللاعبات اللبنانيات في الخارج، مثل ليلى إسكندر، نانسي تشايليان وديما كاستي.
ألعاب القوى: أرقام قياسية وتأثير عالمي
في ألعاب القوى، لا يعلو اسم على عزيزة سبيتي، التي اختارتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ضمن أكثر النساء إلهامًا في العالم لعام 2023. وتعد سبيتي أسرع عداءة في تاريخ لبنان، حيث تحمل الرقم القياسي في سباقي 60 متر و100 متر، إضافة إلى فوزها بذهبية بطولتي غرب آسيا والعرب. قبلها، حملت غريتا تسلاكيان راية ألعاب القوى اللبنانية، محققة أرقامًا قياسية جعلتها الأسرع في جيلها.
التايكواندو: اقتراب من المجد الأولمبي
في رياضة التايكواندو، اقترب لبنان من تحقيق إنجاز تاريخي في أولمبياد باريس الأخيرة، حيث احتلت ليتيسيا عون المركز الرابع بعد خسارتها في نصف النهائي أمام الإيرانية ناهد كيانيشاندي. وبذلك، كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أول ميدالية أولمبية للبنان منذ برونزية حسن بشارة في المصارعة بأولمبياد موسكو 1980.
تحديات وفرص مستقبلية
تعاني الرياضة النسائية في لبنان من المشكلات ذاتها التي تواجه الرياضة الرجالية، وأبرزها نقص التمويل وضعف التغطية الإعلامية. إذ تفوق رواتب اللاعبين الذكور بشكل كبير نظيراتها عند الإناث، كما تحظى مسابقات الرجال باهتمام إعلامي أكبر. ورغم ذلك، تبقى الرياضة النسائية في لبنان متقدمة مقارنة بالعديد من الدول المجاورة والعربية والآسيوية.
نحو مستقبل مشرق
تجسد الرياضة النسائية في لبنان قصة كفاح وإصرار، إذ تمكنت الرياضيات اللبنانيات من تحقيق إنجازات رغم العقبات. ومع الدعم المناسب من المجتمع، الحكومة، والقطاع الخاص، يمكن لهذه الرياضة أن تحقق قفزات أكبر، وتصبح مصدر فخر للبنان على الساحة الدولية.