النجوم – خاص

 

يوسف شاهين استاذي الجميل ذكريات ثرية ، ثرة التلوين مع استاذي الكبير يوسف شاهين من اول لقاء بيننا … حينما زار شاهين العراق وحضر تصوير فيلم “الايام الطويلة “لرؤية صديقه المخرج توفيق صالح مخرج الفيلم وكنت مساعدة له وكنت حديثة التخرج من أكاديمية الفنون الجميلة وبقي يوما كاملا معنا .. وكنت سعيدة به وفِي الاستراحة حدثته عن فيلمه العصفور وعن مدرسته السينمائية وكيف ان موضوعات افلامه تتنبنى الصراع ونقيضه حسب النظرية الديالكتيكية كان يصغي لي بانتباه .. وحدثته عن نزعته الانسانية وقيمها وكيف ان مصر الطيبة المقهورة والرافضة للقهر والتي تشكل هاجسه من نبذه للطائفية والتعصب , والحوار مع الاخر وكيف يفضح القيم البرجوازية وعقليتها وجشعها وكيف يتأمل مصر بشعبها الطيب ويناقش واقعها وياخذ من هذا الواقع موقف انساني وصادق ومغير لهذا الواقع , فهو سياسي ومفكر ومحرض ومصلح اجتماعي , فكان يدخل الصراع ليس في مادة الموضوع بل يتعداه الى الأشكال والتقنيات الاخرى فهو يجمع الصراع البصري والصراعات الحركية للرقص والصراعات الصوتية للموسيقى والصراعات الحوارية فهو يجمع كل هده الصراعات الجدلية والتقنيات بفيلم واحد ان اي مشاهدة لافلامك نصل الى حقيقة لا تقبل الجدل ان لك مدرسة سينمائية خاصة بك وبأسلوبك فكل فيلم مفاجأة لنا.
كان يصغي بانتباه التفت الى توفيق صالح وقال له “ انا عايز البنت دي تشتغل معي ثم التفت الي تشتغلي معي اتوسل يا ريت”
…. وغادر شاهين العراق ، واحلامي وآمالي باتت مؤجلة انتظر دعوته .. وجاءت الدعوة وكنت بين فرحي وخوفي ، الأفكار تتزاحم بين خوف ورهبة من ولوج عالم القاهرة الفتي هذا العالم الذي جئت اليه وانا شابة صغيرة كمن يبيع المية في حارة السقايين .. علي ان أكون عند حسن ظن الجميع وانا آكون متحملة تلك المسؤولية ، اجتاز هذا الاختبار بكل تفوق وجدارة وأستفيد افادة كاملة ، ابني مستقبلي الفني على يد صناع السينما المرموقين وكان حظي جميل ان اتعلم من المخرج الكبير يوسف شاهين. والتقيته في بيته مع المساعدين الاخريين لقد عاملني كأبنة ولا يبخل علي بمعرفته. وأسند لي مهمة صعبة ان آكون المساعد الاول وبدأت معه بتعديل كتابة السيناريو مع الاستاذ يوسف ادريس والرائع كنت معه حينما يكتب – الديكوباج – اي السيناريو التنفيذي وبعدها اجد الذي يكتبه ينفذ على الواقع .. ومن هنا تعلمت الدقة منه وكيف اربط الفيلم بطريقة اتسيابية.
وقال لي هذه فرصتك انت تعلمي كويس ونسب لي نجيب إسكندر ليعلمني كيفية عمل كشوفات الافلام … لم أنم الا سويعات قليلة وبذلت جهدا عاليا وزادت ثقته بي .. وخاصة حينما انكسرت قدمه وكنت المشرفة على الفيلم في المونتاج . .. تعلمت من المونتيرة رشيدة عبد السلام الكثير .. هذه الثقة والإيمان بقدرتي جعله يطلبني في كل افلامه التي اخرجها من فيلم إسكندرية. ليه واليوم السادس والمصير وكلها خطوة واعتذرت من بعض الافلام لاني كنت حامل بأبنتي … كنت اسافر للقاهرة كلما فكرت بإخراج فيلم جديد يقرأ سيناريو افلامي ويعطيني ملاحظات عليها وقد اشاد بهذه الافلام .. ان لشاهين الفضل في وضع قدمي على الطريق الصحيح في عالم السينما وسأبقى مدينة له ما حييت ، وله الفضل في نجاحاتي وتبقى مدرسته السينمائية الشاهينية بصداقها وعذاباتها وتكنيكها ،منهل لكل سينمائي حقيقي يحب السينما ..حينما استعرض مشواري مع السينما المصرية بكل سلبياته وإيجابياته وبكل ما قدمت وما حصلت عليه من عذابات استطيع القول انني اخذت من السينما بقدر ما أعطيتها وان رحلتي مع السينما المصرية تستحق كل ما قدمته للسينما العراقية لا أندم عليه .. لانه اعطاني اهم شيء حب الناس …. وكان سعيدا باطروحتي عن الواقعيه في افلام شاهين لنيل الدكتوراه