مجلة النجوم – سيدني.

يشكل انفجار غامض في منشأة سكنية خاصة بالنساء الخليجيات والعرب عام 1998، الواقعة المركزية في رواية “عجماء” للكاتبة البحرينية حليمة الستراوي الصادرة عن (الدار العربية للعلوم ناشرون، 2023)، ويكون لها فعل الكشف عن حيوات شخصياتها الذين تجمعهم المنشأة ثم ما تلبث أن تفرقهم المصائر والأقدار.

“عجماء” رواية تعتمد تعدد المعنى، تحتمل التأويل من باب الرمز، والتعبير عن المدلول بالتلميح لا عن طريق التصريح، فالمعاني “تحضر في الغياب التام للكلمات” بهذه العبارة بدأت “غدير” بطلة هذه الرواية وراويتها تمهد السرد لذكرى غياب حبيب عن حياتها احتفظت بسرّه، وحياة أخرى عاشتها صحبة رفيقات درب في منشأة سكنية خارج وطنها الأم، حيث لكل سيدة صادفتها حكايتها المأزومة مع ذاتها والآخرين. وسط هذا العالم العبثي تحاول “غدير” تفسير ما يحدث بلغة الأرقام، فهي شغوفة بأسرار الرقم (9) وتأثيراته في الكون وحياة الناس. فتأتي الأرقام في النص كأداة تواصلية ووجهاً من أوجه انتزاع المعنى الذي لا يتحقق إلا بوعي قيمة الحياة ذاتها، والتي ما أن اقتربت “غدير” من سرّها حتى قررت أن تودعها في رواية تعكس فيها ذاتها فتحضر فيها نظرية الزمن ودوائر الطوسي في شرحه لإشارات وتنبيهات ابن سينا، وغيرها من النظريات، وربما أرادت منها وضع ما جاء فيها من وصايا وإشارات موقع التأثير في الواقع الحالي للعالم العربي، وخاصة أن ابن سينا وضع في الاشارات والتنبيهات “زبدة الحق” و”لطائف الكلم”. فأين العرب من هذه المعاني اليوم؟

من أجواء الرواية نقرأ:

“ينتابني غيابك، وعند نافذة غرفتي في أرض الوطن، التي في حضنها، تستيقظ بعدي لتتفتح كل صباح، بتلات زهرة الصباح، أحملِّق في البتلات وفي غيابك. فتجري روحي في ممراتها، تجري وتجري. تحلّق نحو الرقيع والقيدوم، تخترق الماروم وأرفلون وهيفوف وعروس، تلهث وتلهث نحو عجماء. ينتابني الوجع، فأغذّي أفكار مخيلتي لتقوم بحبكة مربكة كسيناريوهات الأفلام العجيبة الغريبة مثل قصتك في هذه الحياة، أُمَنّي نفسي أنَّ فاجعة كافتيريا المنشأة مجرّد تمثيلية إسرائيلية الصنع، وإنك في مكان ما وسيصلني منك بعد أيام أو شهور بحسب ما يقتضيه أمر الاختفاء، سيصلني اتصالك (…)”.

رابط مختصر: https://anoujoum.com.au/?p=22091