لم تحظ الفنانة صباح يوما بتكريم يوازي تكريمها اليوم في فعاليات وداعها. إجماع اللبنانيين عليها كفنانة علا فوق الانقسامات السياسية، فقد حافظت على صلة بكافة أطياف اللبنانيين
و صنعت لها هالة وطنية بحجم لبنان
لم تعزف فرقة موسيقى الجيش اللبناني لأي شخصية راحلة قبل الفنانة صباح، فاستثنائية الراحلة بوصفها رمزا لبنانيا يعادل رموز البلد الوطنية، استدعت إجراء استثنائيا أيضا للدلالة على حجم التكريم.
هكذا يصبح طبيعيا أن تغادر صباح المنزل الذي عاشت فيه السنوات الأخيرة على وقع الزغاريد وصيحات الفرح، وتدخل كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت حيث يُصلى عليها على وقع أغنيتها «تسلم يا عسكر لبنان» وجثمانها ملفوف بالعلم اللبناني، في إشارة إضافية إلى لبنانية صافية تمتعت بها الراحلة غير خاضعة لابتزاز اللون السياسي المقسم.
حضور سياسي وفني
في عزاء «الشحرورة» حضر السياسيون من مختلف الألوان وعلى رأسهم رئيس الحكومة تمام سلام، وإلى جانب السياسيين حشد كبير جدا من الفنانين والممثلين والشعراء والأدباء.
ولم يقتصر الحضور على لبنان فحضر من مصر نجوم مثل سمير صبري وإلهام شاهين ولبلبة، وقد عايشوا صباح خلال فترة إقامتها في مصر حيث لعبت دور البطولة في نحو ثمانين فيلما مصريا وعربيا، وحصلت على الجنسية المصرية.
كذلك في إرث «الصبوحة» -كما يحلو للبنانيين مناداتها- أكثر من 27 مسرحية، وأكثر من ثلاثة آلاف. كما أدت أعمالها الفنية على العديد من المسارح العالمية، مثل مسرح الأولمبيا الشهير في باريس، وقاعة ألبرت هول في لندن.
وإضافة إلى الإرث الفني لصباح، هناك إرث كبير في مساعدة الفقراء والمحتاجين تحدث عنه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي ترأس الصلاة على روحها.
وقال الراعي إن صباح أدت رسالة زرع الفرح في قلوب الجماهير اللامحدودة من خلال أغان وأفلام ومهرجانات وزرعت الفرح بابتسامتها الدائمة وحبها للحياة بأناقتها وتواضعها، وسرعة البديهة والنكتة الحاضرة، وبنوع خاص في قلوب الفقراء والمعوزين، وأسهمت في بناء الكنائس وقاعات وأضاف أن «لبنان يودع الشحرورة صباح مع الفرح الذي أوصت به قبل الرحيل وسيبقى صوتها خالدا، وهي التي امتلكت خمس وزنات من موهبة الفن والغناء فثمرتها، وها هي اليوم تسلم الله خمسا أخريات، والعدد يعني كمال العطاء».
فنانون يرثونها
ووصفت الفنانة المصرية إلهام شاهين عبر الجزيرة نت، صباح بأنها فنانة كبيرة وعظيمة أعطت الجميع السعادة والفرح في حياتها، متمنية أن يعطيها الله السعادة والفرح في آخرتها. وقال الفنان المصري سمير صبري للجزيرة نت إن علاقته بصباح هي ذكريات عمر كامل، معبرا عن سعادته أن المشهد الأخير لها كان كما تمنت دائما بحضور الذين أحبوها وأحبتهم بفرح وبالأضواء على جثمانها كما غنت دائما تحت الأضواء.
بدورها عبرت الفنانة اللبنانية رولا سعد عبر الجزيرة نت عن بالغ حزنها لخسارة صباح، ووصفتها بأنها شخصه طيب القلب جدا.
وأضافت رولا -التي أحيت مع صباح في السنوات الأخيرة عددا من أغانيها القديمة في كليبات مصورة- أن رحيل الشحرورة سيترك فراغا كبيرا، معتبرة أن الفن في لبنان والعالم العربي خسر كثيرا برحيلها. وغادرت صباح الكنيسة ومحبيها إلى مثواها الأخير في بلدتها بدادون كما دخلتها على وقع الزغاريد وأغنياتها التي عزفتها موسيقى الجيش.
وقال الممثل اللبناني ألان الزغبي للجزيرة نت إن التي رحلت هي جانيت فغالي، أما صباح فهي باقية بفنها وأغانيها وأفلامها، معتبرا أن العظماء يرحلون لكن إرثهم يبقى للشعوب والأوطان، وهكذا ستبقى صباح في قلوب محبيها.