مجلة النجوم سيدني
بِقَلِم الإعلامية: رولا محرز زعيتر
في ١٦ أيار ١٩٥٠ م، وُلد لِلبنان فنان من خامة العُظَماء في الرّسم، والنّحت؛ هو المولود الحادي عشر
والأخير من عائلة الحكيم من مزرعة يشوع في المتن الشّمالي تنتمي إلى خامة معمرجية جبل لبنان.
بدأ مارون الحكيم في الرّسم حيث لا يبدأ الآخرون، فلم يبدأ من الماضي، ولا من الحاضر بل من المستقبل .
السّطح التّشكيلي في نظره ليس مفهوماً منجزاً بل ضمن قيد الإنجاز الدّائم، هو مَنْ حاكَ مع الطّبيعة علاقة دائرية،
فكلما ابتعد عن البداية اقترب منها، فأطلق العَنان لاختباراتٍ جديدةٍ ، لتحدياتٍ متنوعةٍ ، لتجاربٍ تفاعليةٍ غير مسبوقة،
متسلحاً بِدبلوم دراسات عليا في الرّسم والتّصوير من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللُّبنانية، و أيضاً دبلوم. ” Maestro d’ Arte ” في فنِّ السِّيراميك من ” Instituto di Roma “
يقول مارون الحكيم : ” بِحِكم نشأتي الفنية المؤسّسة على المواءمة بين فنّي النّحت والرّسم ،
لا بدَّ لي مِنْ البَحث الجاد ، خمسين عاماً ؛ لاستيلاد سبلٍ ناجعةٍ من أجل جمع هذين الفنّين في بوتقة تنتسب إلى عالمي الفني،
تالياً التّفرد بأسلوب مميز ، بات سمةً من خصائص شخصيتي تلتصق بِاسمي، وتوقيعي.
بين اللوحات المرسومة: بالماء ( وجوه وقامات ، تقاطع ، صِراع ، شباك الزمن ….) ، بالزيت ( القديس شربل مخلوف ، القديس يوحنا بولس الثاني ، العشاء الأخير …) ،
الأكليريك ( احتفالية البهاء ، سحر مسكون في التّراب ، رقصة الجراح ، سيدة الرّيف ، مساحات الضّوء ، …) والمنحوتات الصّخرية ( العاشقان ، ربّة الخصب ، شلالات أمومة ، من حنانك أولد ، التّكوين ، ..) والمعدنية ( وجع الجروح ، عاشقة الرّحيق ، معلّق على أعمدة السماء ..) والخشبية ( مداعبة الطيور ، ذوبان ، حالمة ، حصان ، عودة الفينيق ،..) ،
استنبط مارون الحكيم أساليب جديدة في تزاوج المواد ، تشابكها وتجميعها واستحدث ولادات تشكيلية جمعتْ بين المتنافرات و خلقتْ خصوصيات مثل: ” القماشة المنحوتة “
( بيروت حلم الشّرق ، بقايا وركام ، امتداد ولمعان ، المدى والثلج ، ..) ، ” اللّوحة المنحوتة ” (المغيب ، جلّ الزيتون ، في الأرض صقيع ، هزيج الرغبة ، الأرض المباحة …) ، “جداريات الفخار النّافرة ” ( كنيسة مار نهرا في قرنة شهوان ، عودة السَّلام ، ساحة الزيتون ، …) ، ” المنحوتة الملونة ” و ” تجميع المواد المختلفة على الخشب “.
لن ننسى طبعاً أعماله من مادة السيراميك مثل : وداع ، ثنائي ، علاقة شائكة ، أحلام السّلام. …
من أقوال مارون الحكيم : ” بالحجر أحيا، وفي دمي نبع من غباره، وعلى وجهه مفاصل عمري، تموجات روحي، أحلامي، شهواتي وطموحاتي”.
نعم ، بالحجر يحيى مارون الحكيم ويُحيي البيت الذي أبصر فيه النّور في مزرعة يشوع؛ ليكون مقرّاً نهائياً لتجاربه الفنية، ومقصداً جمالياً لمتذوقي الفنون في العالم مُطلقاً عليه تسمية : البيت المحترَف.
أعماله النّحتية توزّعت بين البرونز ، الرّخام ( الأبيض ، الرّمادي ، الأسود ، الأردني ..) ، الحجر المنتقى من مختلف المناطق اللّبنانية ، الخشب ( الزّيتون ، التّوت ، الأرز ، الكرز ، الزنزلخت ، اللّزاب ، ..) والحديد
في مسار مارون الحكيم الاحترافي الحديث شهدنا على ابتكارات نحتيةٍ آلفت بين الخشب، والحديد، والحجر، والبرونز
النصب البرونزية التي نحتها إزميله توزّعت في أنحاء عديدة من لبنان ( بهزار الحكيم ، المهندس ريمون غصن ،
الرّسام جان خليفة ، توفيق العرموني ، البطريرك دانيال الحدشيتي …..) .نُضيفها إلى الأعمال النصبية الحجرية (أرض السّلام ، الماء دفق الحياة ، عناق أيدي ، وعد بالقيامة ، مريم والدة الله ، ..) التي زيّنت السّاحات والمساحات.
رسمُ الموديل العاري بريشته ( أو العاريات) بالألوان المائية، والباستيل الناشف شكّلَ محطة غنية بالتّعبير الشّاعري، والوعي التقني المحترف.
مارون الحكيم من مؤسسي نقابة الفنانين التّشكيليين اللّبنانيين عام ٢٠٠٢ م، هو أيضاً من مؤسسي رابطة خريجي معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللُّبنانية.
فنان استثنائي عبَّر عن المشاعر، والرُّؤى، فكانت ثورة اغتنت بِوهج الرّوح مخترقةً جدار المألوف
هذا هو مارون الحكيم عبقري الرّسم والنّحت.
رابط مختصر …..https://anoujoum.com.au/?p=7950