فلا تهمل عطية الله لك
الدكتور أمين جاد الله
قال الممثل الكوميدى الأمريكى والمغني دانى كاى، أحد الفائزين بجائزة إيمي وجائزة جولدن جلوب :
.””إن الحياة هي لوحة كبيرة رائعة، علينا أن نلونها بكل ما نستطيع من ألوان
كثيراً ما نعتقد أن هناك أشياء قد تجعلنا سعداء ، لكننا لن نستطيع الحصول عليها لمجرد رغبتنا بها، بل يجب علينا أن نسعى ونعمل حتى نفوز بها .
ولكن هناك شيء في متناول أيادينا جميعاً. شيء يجعلنا سعداء على الفور ، وفي ذات اللحظة … إنه إبداعنا.
الإبداع ليس فقط للفنانين أو صناع الفن. فالإبداع يجعلنا نفعل أو نصنع شيئاً ما يثيرنا و يعطينا لحظات من المرح والفرح والإنبهار. كل منا لديه شيء يستمتع به ويبدع فيه. لكننا لا نستمتع به ولا نبدع، لأن الأشياء التى نعتقد أنها الأكبر والأكثر أهمية في حياتنا اليومية كعلاقاتنا وأعمالنا، لها الأولوية. فنحن لا نخصص الوقت لذلك الإبداع ، معللين لأنفسنا أنها هواية صغيرة لا قيمة لها “مثل لعب الكرة “ ، أو أننا لن نصبح شيئًا مهمًا أو ذات معنى “كتفكيرك فى كيفية تغيير العالم” ، وهناك من يدفن إبداعه تحت مسمى “ إنها سخافة .. فكيف أعزف الجيتار وأنا لم أمسك جيتاراً من قبل “ .
إن القيام بالأشياء التي نستمتع بها ونبدعها ، حتى لو بدت صغيرة ، تزيد من معنوياتنا، وتقلل الأحكام الذاتية القاسية التي نصدرها نحو أنفسنا مثل “أننا لسنا أكفاء”، فالقيام بشيء مبهر وإنجازه، أو الفوز فى أية منافسة حتى لو مع الذات، هو ترياق وعلاج لأي كآبة، فالإبداع يرفع عنا الاكتئاب.
حين نهتم بإبداعنا ، نشعر بتحسن حيال أنفسنا، ونشعر باحترام لذواتنا، وكلما جعلنا الأعمال المبتكرة والممتعة أكثر أولوية ، كلما قمنا بتجديد شبابنا وتقوية ذواتنا، وتنمية ثقتنا بقدراتنا.
لكن ما هو الإبداع ؟
الإبداع هو تحويل الأفكار الجديدة والخيالية والذات قيمة إلى واقع، أو هوالقدرة على إدراك العالم بطرق جديدة ، وإيجاد الحلول لمشكلات تواجهنا نعتقد أن لا حل لها . والإبداع غير مرتبط بمجال معين ، بل يمكن لنا أن نبدع فى أى عمل تصل له أفكارنا ، ويسيطر على اهتمامنا. فالبعض مبدع فى الشعر أو كتابة القصة، والبعض فى صنع الحُلى أو التصوير ، وآخرون فى لعب الكرة أو صنع الفطائر والحلوى ، وقد أكون مدرساً أو طبيباً أو واعظاً أو ممثلاً بارعاً ومبدعاً، وهذا ما يميز كلاً فى مجاله .
والإبداع ليس هو الخلق ، الذى يمتاز به الله وحده ، إذ يصنع ويخلق من عدم . لكن الإبداع هو استخدام أدوات تم استخدامها من قبل لصنع أو ابتكار شئ جديد .
أما وكيف أكون مبدعاً ؟!
1- ضع ذهنك فى مجال مبدع .. وتابع المبدعين فى هذا المجال ، أوانضم إلى مجموعة إبداعية للمشاركة، وانتقل إلى اليوتيوب أو صفحات الكتب، لتتعلم كيفية القيام بشيء جديد ، كذلك قم بزيارة المعارض والمتاحف، إن أمكن .
2- سجل أفكارك أولاً بأول، ولا تعتمد على الذاكرة ، لذا احمل دفتر ملاحظاتك دائماً، فمعظم الأفكار لا تكون واضحة فى أولها ، فتدوينها يسهّل عليك ربط هذه الأفكار ببعضها حتى تصل للفكرة والصورة النهائية.
3- لكى تكون مبدعا ، عليك ألا تستسلم أبداً ، فالطريق طويل … وقد يكون مملاً ، لكن عليك أن تتدرب كثيرأً ، وأن تطور من نفسك، وأن تصبر على فكرتك ، وقد تفشل فى البداية ، فتقبّل الفشل ولا تحزن ، واعلم أن العبرة بالنهاية .
4- اطرح المزيد من الأسئلة على نفسك مثل : “ماذا لو حاولت هذا بدلاً من ذاك ؟ “،” كيف يمكنني أن أجعل ذلك أسهل؟ “،” كيف يعمل هذا ؟
5- اخرج إلى الطبيعة ،إلى الحديقة أو الشاطئ ، أو حتى النظر من شرفتك ، فالطبيعة تعطيك استرخاءً ذهنياً تحتاجه لكى تبدع ، وهى الملهم الأول للإبداع .
إن الله فى خلقه كان مبدعاً ومبهراً ، وقد وضع فيك أن تكون مبدعاً .. فلا تهمل عطية الله لك ، ولون لوحة حياتك بالإبداع الذى فيك .